شهد مقر المجمع الطاقوي العملاق سوناطراك، اليوم، مراسم توقيع تاريخية على عقد محروقات كبير بين كل من سوناطراك وشركة “مداد للطاقة شمال إفريقيا” السعودية.
ويأتي توقيع هذا العقد، تحت رعاية وزير الدولة، وزير المحروقات والمناجم، محمد عرقاب، فالعقد يأخذ شكل “تقاسم الإنتاج”، تتويجًا لجهود مشتركة ومفاوضات مكثفة، كان أبرز محطاتها توقيع بروتوكول اتفاق بين الطرفين في مارس 2024، ليفتح بابًا جديدًا للتعاون الاستراتيجي في قطاع الطاقة بين الجزائر والمملكة العربية السعودية.
تفاصيل العقد الاستراتيجي
يمتد العقد، المُوقع في إطار القانون الجزائري للمحروقات، لـ 30 عامًا قابلة للتمديد 10 سنوات إضافية. ويغطي العقد منطقة الامتياز “إليزي جنوب”، الواقعة في حوض إليزي على بعد حوالي 100 كلم جنوب عين أمناس.
وتبلغ الاستثمارات الإجمالية المخصصة لعمليات الاستكشاف والاستغلال في هذه الرقعة 5.4 مليار دولار أمريكي، سيتم ضخها بالكامل من قبل الشريك السعودي، حيث ستمول “مداد للطاقة” مرحلتي الاستكشاف والاستغلال بنسبة 100%، فيما يبلغ حجم الاستثمار المخصص لمرحلة البحث وحدها 288 مليون دولار.
حضور رفيع المستوى
شهد مراسم التوقيع حضورًا رفيع المستوى، ضم كلاً من سعادة سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر، عبد الله بن ناصر البصيري، مما يؤكد الأهمية السياسية والاقتصادية التي تعلقها البلدين على هذه الشراكة. كما حضر المراسم الرئيس المدير العام لسوناطراك، رشيد حشيشي، والرئيس المدير العام لشركة “مداد للطاقة شمال إفريقيا”، الشيخ عبد الإله بن محمد العيبان، إلى جانب رئيس الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات “الالـ.أ.ن.ب”، سمير بختي، ورئيس سلطة ضبط المحروقات، أمين رميني، وعدد من إطارات القطاع.
إنتاج متوقع ومكاسب متبادلة
من المتوقع، وفقًا للتقديرات التقنية، أن يصل إجمالي الإنتاج بنهاية الفترة التعاقدية إلى حوالي 993 مليون برميل مكافئ نفط. وتشير التفاصيل إلى أن هذا الإنتاج سيتضمن كميات ضخمة من الغاز تقدر بـ 125 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى 204 ملايين برميل من المحروقات السائلة، موزعة بين غاز البترول المسال والمكثفات.
التزام بالبيئة والمحتوى المحلي
أكدت بنود العقد على الالتزام بالمعايير البيئية العالية، حيث سيتم تنفيذ برنامج الأشغال في “إطار احترام صارم لمتطلبات حماية البيئة” وفقًا للقوانين الجزائرية، مع الاعتماد على أحدث الحلول التكنولوجية والرقمية.
وفي بُعد آخر يعكس سياسة القطاع، أولى العقد أهمية كبرى لتعزيز المحتوى المحلي، حيث منحت الأولوية للمناولة الوطنية في تنفيذ المشروع، مما سيساهم في نقل الخبرات وتطوير الكفاءات الجزائرية ودفع عجلة الإدماج الصناعي في سلسلة القيمة البترولية.
يُعتبر هذا العقد خطوة عملية كبرى نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولتين رائدتين في منظمة “أوبك”، كما أنه يعكس ثقة المستثمرين الدوليين، وخاصة من الخليج العربي، في المناخ الاستثماري والاحتياطيات الواعدة في الجزائر. كما يشكل مشروع “إليزي جنوب” نواة لشراكات مستقبلية أوسع في مجال تطوير واستغلال موارد الغاز في المنطقة.