أبــرز وزير الصناعة محمد باشا في افتتـاح أشغال اليوم الدراسي حول موضوع “الاقتصاد الدائري كرافعة لإنعاش الصناعة الوطنية” ، اليوم الثلاثاء 22 جوان 2021 ، بمقر الوزارة ، أنه يعد من بين الرهانات التي تمزج بين سياسات الدولة بمختلف قطاعاتها واستراتيجيات المؤسسات الصناعية ، و يساهم بصفة مباشرة في تحسين الموارد وتقليل فاتورة الاستيراد للقطاع الصناعي ، مؤكدا إن طريقة التفكير الجديدة هذه تتطلب عزما للتصرف بسرعة. وفيما يلي النص الكامل:
رهانات الدولة وسياسات المؤسسات الصناعية
” اشكركم على حضوركم في هذا اللقاء، الذي يتعلق بموضوع الاقتصاد الدائري الذي أكن له شخصيا أهمية بالغة لما يحتويه من رهانات تمزج بين سياسات الدولة بمختلف قطاعاتها واستراتيجيات المؤسسات الصناعية ، مثلما تجدر حقيقة الاهتمام بهذا المفهوم خاصة أنه يساهم بصفة مباشرة في تحسين الموارد وتقليل فاتورة الاستيراد للقطاع الصناعي ، وأيضا باختراع طرق جديدة للعيش والسكن والقيام بذلك بشكل مستدام. إن طريقة التفكير الجديدة هذه تتطلب عزما منا على التصرف بسرعة.
كما تعلمون أن الاقتصاد التدويري هو أداة حقيقية لإعادة بعث القطاع الصناعي، لأنه يبرز كنموذج مناسب بشكل خاص للتفكير في إعادة بناء اقتصادنا. إنها في الواقع مسألة إنتاج السلع والخدمات بطريقة مستدامة، من خلال الحد من الاستهلاك وإهدار الموارد وإنتاج النفايات، وهذا عن طريق إعادة إدخال المواد والنفايات المستخدمة في دورة القيمة الصناعية مما يساهم في استقلالية صناعتنا من الأسواق الخارجية.
الإقتصاد “الدائري “في الخطوط الامامية للقطاع الصناعي
يوجهنا الاقتصاد الدائري نحو مستقبل مستدام وصديق للبيئة وصديق للصناعة الوطنية واقتصاد البلاد بصفة عامة. لذلك، فإن قطاع الصناعة مطالب بشكل مباشر بوضع الآليات التي من شأنها أن تجعله يتصدر “الخطوط الأمامية” للاقتصاد التدويري.
وبصفة ملموسة، وعلى سبيل المثال، فإن قطاعنا مدعو إلى دعم انتقال الطاقة من خلال العزل الحراري للمباني، والورشات الصناعية، وتطوير سخانات المياه بالطاقة الشمسية، والاستخدام الواسع النطاق للمصابيح ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة، فضلا عن ادخال فعالية الطاقة في الإضاءة العامة في المناطق الصناعية.
وتعتمد قطاعات أخرى، كثيرة منها، في استراتيجيتها الجديدة على القطاع الصناعي، مثل الأنشطة المتصلة بالأمن الغذائي، والأمن الصحي، والاقتصاد الأزرق، ولا سيما من خلال تطوير بناء السفن وإصلاحها، والتكنولوجيات الحيوية البحرية، وما الى ذلك.
ترشيد الموارد، تقييم رواسب النفايات وإعادة التدوير
فضلا عن الجانب الصناعي، لدينا واجب أخلاقي اتجاه اجيالنا المستقبلية، والذي يتمثل في دمجهم في عملية ترشيد الموارد، وتقييم رواسب النفايات وإعادة التدوير، انه يتعلق أيضا باختراع طرق جديدة للعيش والسكن والقيام بذلك بشكل مستدام.
يجب ان يكون مفهوم الاقتصاد الدائري الآن جزءا لا يتجزأ من احياء صناعتنا وعلى نطاق أوسع من الاقتصاد الوطني، مثلما يستوجب إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد الدائري كهدف وطني وكأحد ركائز النمو الاقتصادي في بلدنا، من أجل تجاوز النموذج الاقتصادي الخطي للاستخراج و التصنيع و الاستهلاك و التخلص من النفايات.
ان الازمة الهيكلية التي نمر بها تبرز تحديات متجددة وتدعو الى اصلاح جذري لنماذج الاستهلاك والإنتاج والتوزيع في بلادنا.
على شركاتنا الصناعية ان تتبني أساليب جديدة لإدارة الموارد الطبيعية والمواد الخام الأولية، وإعادة استخدامها واستعادتها، على أساس إدارة مسؤولة اقتصاديا، اجتماعيا وبيئيا، يعني منخرطة تماما في مسار التنمية المستدامة.
من واجبنا جميعا أن نضع أهدافا طموحة تتعلق بالاقتصاد الدائري.
التقليص الجذري للنفايات في المنبع ..الارقام والطموح
اعتمد 150 بلدا في العالم قوانين تحتوي على قواعد صارمة فيما يتعلق بالإنتاج المستدام مثل حظر الأكياس البلاستيكية والعلب البلاستيكية عموما، ومكافحة هدر الطعام مثلا وما إلى ذلك.
كما أنه من واجبنا تسطير أهداف هيكلية تتعلق بتقليص جذري للنفايات في المنبع، على سبيل المثال:
• زيادة النسبة بين الناتج المحلي الإجمالي والاستهلاك المحلي للمواد : لذا فهي مسألة تكمن في إنتاج أكثر وأحسن مع استخدام مواد أقل، من أجل فصل النمو عن استهلاك المواد.
• تقليل كميات النفايات المنزلية وما شابهها بنسبة 10 بالمئة، على المدى القصير وتثبيت على الأقل كميات النفايات الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية المنتجة عام 2021 مقارنة بعام 2020، مع الرفع من الإنتاج.
• تحقيق 40-50 بالمئة، من إعادة التدوير بحلول عام 2025 للنفايات غير الخطرة وغير الخاملة ، بينما المستوى الحالي لا يتجاوز العشرة في المائة في أحسن الحالات.
• خفض النفايات الصناعية إلى الربع عام 2025 مقارنة بعام 2020 دون الإخلال بمستواه الإنتاج بل بتحسينها.
لذلك يجب أن يكون الانتقال إلى الاقتصاد الدائري في بلدنا جزءا من الطموح الصناعي، لأنه أحد الروافع الرئيسية للتوسع المستدام لاقتصادنا، له تأثير كبير على الميزة التنافسية لشركاتنا، ممّا يؤثر على القدرة التنافسية لبلدنا وتواجدنا في الأسواق العالمية.
تدابير علمية للتحديد ..وتوعية الفاعلين الاقتصاديين
من خلال مداخلات الخبراء والمناقشات التي ستعقب ذلك، سيتم تأسيس فرقة عمل تدمج الخبراء والإطارات، تسند لها مهمة تحديد التدابير العلمية التي تتعلّق بما يلي:
– أداة وآليات الاقتصاد الدائري في المجال الصناعي.
– سبل وضع منظومة معلوماتية لجرد المواد ومخرجاتها في جميع مراحل شرائها، تحويلها، تعليبها وتوزيعها.
– دراسة الاختيارات التكنولوجية والتقنيات النظيفة المتاحة ودراسة شروط وأساليب التحديث التكنولوجي وإعادة تأهيل للمنشآت الصناعية القائمة وتحسين العمليات إلى الحد الأمثل؛
– سبل دعم الشركات الصناعية لإعادة تأهيل الأدوات الصناعية ونشر المعايير ذات الصلة؛
– وسائل استعادة النفايات وتمديد “حياتها” من خلال إعادة التدوير.
يتعلق الأمر بتوعية الفاعلين الاقتصاديين بالحاجة الملحة للابتعاد عن المخططات الإدارية التي تستهلك الكثير من الموارد (مستوردة إلى حد كبير) وخلق مصادر جديدة للقدرة التنافسية، من خلال إعادة استخدام الصرف والنفايات ومعالجتها، وفي نهاية الأمر حث المتعاملين الإقتصاديين بضرورة “الإنتاج الأفضل والأكثر بموارد أقل.”