أشرف اليوم الأربعاء ، وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد على افتتاح فعاليات اليوم العالمي للسكان والذي يحمل شعار “نحو مرونة ديمغرافية:استغلال الفرص لمستقبل أفضل” بحضور ممثلين عن الهيئات الدولية و ممثلين عن الوزارات و أعضاء كل من اللجنة الوطنية للسكان و اللحنة الوطنية للصحة و الانجاب وإطارات الإدارة المركزية و ممثلين عن المجتمع المدني.
في مستهل حديثه أعرب البروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد عن سعادته بالإشراف على افتتاح أعمال اليوم العالمي للسكان الذي يلفت كل سنة انتباه كل من صانعي القرار وعامة الناس إلى أهمية المسائل الديموغرافية في استراتيجيات و برامج التنمية.
و حيّا وزير الصحة بهذه المناسبة جميع الكفاءات الوطنية و الشخصيات العلمية و مهنيي الصحة و ممثلي المؤسسات العمومية و المجتمع المدني الذين استجابُوا للدعوة و قَبِلُوا مشاركة لحظة التبادل والتفكير التي ستساهم بلا شك في توحيد الرؤية و تُؤَدِي إلى توصيات عَمَلِيَة أكثر التي يَتَعَيَّن تنفيذُها على صعيد السكان و التنمية، مع مراعاة الخصائص الوطنية.
كما هنّأ الوزير صندوق الأمم المتحدة للسكان، مكتب الجزائر، شريكُ وزارة الصحة في قضايا السكان و التنمية على دعمه لتنظيم هذا اليوم الإعلامي و التحسيسي، و الذي منذ أكثر من 20 عاما، تُحْيِي الجزائر كل عام اليوم العالمي للسكان، ليتّم هذه السنة، تخصيص هذا اليوم للمرونة الديمغرافية، و التي تعني القدرة على توّقع التغيّرات الديمغرافية و فهم آثارها و تطوير استجابات سياسية بناءً على الأدلة و تماشيًا لحقوق الإنسان، فإن المُرونة الديمغرافية تَفْتَرِض علينا تجاوُز المُقاربات الضيقة و السريعة التي تُرَكِّز على عدد السكان و التي غالبا ما تؤدي إلى إجراءات لزيادة أو تقليل نُمُوِّهِم، و التوجه نحو تصميم سياسات ديمغرافية و اجتماعية شاملة و مدروسة تهدف إلى ضمان الازدهار و الرفاهية للجميع.
وفي هذا السياق، أضاف البروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد على أن الجزائر لطالما فضّلت هذه المقاربة في التعامل مع قضايا السكان، حيث أنّ الحد من النمو السكاني لم يُمَثِل أبدًا غايةً في حد ذاته، كما أنّ الجزائر أعلنت خلال المؤتمر العالمي للسكان المنعقد في بوخارست سنة 1974، أنّها تُعْطِي الأولوية للتنمية، لذلك، أكّد الميثاق الوطني، الصادر بموجب الأمر رقم
76-57 المؤرخ في 5 جويلية 1976، أنّ الجزائر اختارت حل مشكلة الديمغرافيا بشكل إيجابي من خلال تحويل تأثير الديمغرافيا إلى عامل تَنْمَوِي للاقتصاد
كما أوضح السيد الوزير أن البرنامج الوطني حددّ للتحكم في النمو السكاني، المعتمد عام 1983، و الذي من بين محاور تدخله الثلاثة ذات الأولوية ” تنظيم أنشطة الدراسة و البحث الأساسي و التطبيقي حول محدّدات النمو السكاني و علاقتها بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية، بهدف تحديد و تنفيذ السياسات السكانية المُدمَجَة في المخطط الوطني للتنمية “، مضيفا أنه في عام 2001، أبرزت السياسة السكانية الوطنية التي اعتمدها مجلس الوزراء، بعد التراجع الملحوظ خلال التسعينيات، المقاربة الكمية القائمة على تنمية المواطن و الأسرة لتحقيق الانسجام بين كل من النمو السكاني و النمو الاقتصادي و البيئة، مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي تميّز استراتيجيات الأسرة في مجال الإنجاب، حيث أن هذه الاختيارات، المصحوبة باستثمارات مدعومة بتشريعات مناسبة، سمحت بتحقيق تقدم كبير في مجالات الصحة
و التعليم و تحسين ظروف المعيشة للسكان.
كما أبرز وزير الصحة أن انخفاض وفيات الرضع و الأمهات بشكل ملحوظ و ارتفاع متوسط العمر لدى الرجال و النساء الجزائريين. حيث تقدّر نسبة وفيات الأطفال حاليا 18.9 حالة وفاة لفئة الأقل من سنة واحدة، لكل 1000 ولادة حية، و يبلغ معدل وفيات الأمهات 48.5 حالة وفاة لكل100.000 ولادة حية. أمّا بالنسبة لمتوسط العمر المتوقع عند الولادة و هو مؤشر يعكس الحالة الصحية للسكان، فهو يفوق 77 عاما بالنسبة للنساء و الرجال على حد سواء،
مع العلم أنّ هذا المؤشر كان يقدر، خلال السبعينيات بحوالي 50 عاما لكل من الرجال و النساء.
و أشار السيد الوزير إلى أنّ بذل استثمارات معتبرة في مجال الصحة مستمر، مع ترسيخ المبادئ الأساسية التي تضمن الوصول و الإنصاف و جوارية الرعاية الصحية ذات الجودة، مع إيلاء اهتمام خاص للنساء في سن الإنجاب
و الأطفال و الأشخاص ذوي الإعاقة و كبار السن.
كما أوضح البروفيسور عبد الرحمن بن بوزيد إلى أنّه بالرغم من التقدم المحقّق، لا تزال هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية لتعويض النقص في جميع المجالات و تعزيز دمج الأهداف الديمغرافية في مختلف برامج التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية
و أن هذا التذكير التاريخي الموجز يوضح لنا إلى أي مدى تدمج خياراتنا السياسية و مقاربتنا الاستراتيجية هذا النهج الجديد المرتبط بالمرونة الديموغرافية كما يؤيدنا في أعمالنا الحالية و المستقبلية.
و حرص السيد الوزير على مواصلة هذه الجهود و توقع التغيير الديموغرافي والتخطيط له بشكل أفضل واستثمار ما توفرها الاتجاهات والتغييرات الديموغرافية لأجل مستقبل سليم ومزدهر ومستدام، من الضروري توفر قواعد بيانات آمنة وموثوقة ويسهل الوصول إليها ومتكيفة لقيادة سياسات التنمية.
و أكد وزير الصحة أن الجزائر تملك حاليًا بيانات ومصادر إحصائية هامة و متنوعة حول السكان تسمح لها بتعزيز النهج الهادف إلى المرونة الديموغرافية ورصد ديناميكيتها الديموغرافية، و تزامنا مع هذه السنة 2022 التي تصادف الذكرى الستين لاستقلال بلادنا، ستشهد كذلك استكمال التعداد العام السادس للسكان والسكن، وهو مصدر ثمين للحصول على بيانات مفصلة عن سكاننا، هذه البيانات التي تأتي لإثراء قواعد البيانات المتوفرة، ستسمح لنا باتخاذ الإجراءات اللازمة للتكفل بالنقائص و تدارك العجز و على وجه الخصوص الاستفادة من قدرات كل مواطن في خدمة تنمية وطننا.
كما عبٌر السيد الوزير مجددا عن سعادته بحضور كل المتدخلين لإغتنام هذه الفرصة لخلق نقاش واسع وشفاف إلى حد أوسع من أجل مرونة ديموغرافية تهدف إلى استغلال كل الفرص من أجل مستقبل أفضل لشعبنا وبلدنا، و دعا أيضا أعضاء اللجنة الوطنية للسكان إلى تحيين السياسة الوطنية للسكان لأفاق 2030 من خلال اعتماد النهج القائم على المرونة الديموغرافية ومن خلال تعزيز أكثر للتعاون بين القطاعات في تصميم وتنفيذ البرامج والنشاطات في مجال السكان والتنمية.
و أشار البروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد على أن هذا اليوم يُتِيحُ فرصة لإعادة التأكيد على الطبيعة ذات الأولوية للصحة الإنجابية و التنظيم العائلي من أجل الرفاهية الكاملة في جزائر قوية وموحدة، حيث اعتبر أن هذه المكاسب هامة ويجب الحفاظ عليها.
و في الختام، أبدى وزير الصحة رغبته في أن يكون هذا اليوم فرصة للاحتفال بالتقدم الذي تمّ إحرازه و تسليط الضوء على التحديات التي نواجهها لا سيما الاستثمار في السكان، كونهم أفضل وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار و تمنّى الوزير للجميع كل التوفيق والنجاح خلال هذا اليوم.