قمة مجموعة السبع لكبار المصنعين في العالم لهدا العام انتهت بأخذ صورة جماعية لم تكن عادية، فقد وثقت وسائل الإعلام العالمية الحاضرة بقوة في باري الإيطالية مشهدا قل ما يحدث، لقد كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يوجه كلاما وعبارات حازمة لنظيره الإماراتي محمد بن زايد، في حديث وصفه المتتبعون “بغير الودي”.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كان يبدو عليه الغضب وهو يوجه كلاما جد مهم لمحمد بن زايد في اول لقاء بين الرجلين منذ سنوات عرفت خلالها العلاقات بين البلدين إضطرابا كبيرا دفع بالمجلس الأعلى للأمن في الجزائر، الى توجيه “آخر انذار” لدولة الإمارات التي اكد بأنها تقوم أعمال عدائية ضد الجزائر.
المجلس الأعلى للأمن، المنعقد شهر جانفي 2024 برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أبدى أسفه من التصرفات العدائية من طرف بلد عربي شقيق وهي الامارات العربية المتحدة التي باتت تلعب بالنار في شمال أفريقيا والساحل وتهدد بمناوراتها امن واستقرار الجزائر والدول المجاورة لها.
الإنذار الأخير الذي وجهته الجزائر الى الامارات العربية، جاء بعد تزياد الاعمال العدائية لابو ظبي، خاصة مع الصفقات الأخيرة التي تحمل طابعا تحامليا على الجزائر مع المغرب وإسرائيل من خلال تمويل الإمارات صفقات تسلح ضخمة للجيش المغربي وقبلها فتحت ابو ظبي قاعدة الحياد الايجابي من خلال فتح قنصلية إماراتية في الأراضي الصحراوية المحتلة.
ومن بين الملفات الكبرى التي عمّقت الأزمة بين الإمارات والجزائر، اختلاف سياسة البلدين تجاه الملف الليبي، إذا أخذنا بعين الاعتبار الدعم المالي واللوجيستيكي الذي توفره الإمارات للمتمرد خليفة حفتر في الشرق الليبي فضلا عن اشعال بؤر الصراع في الساحل الأفريقي على غرار مالي والنيجر وبوركينا فاسو وصفقات التسلح مع التشاد، كما انتقدت الجزائر علنا تورط بن زايد في دعم وتمويل ميليشيات الدعم السريع التي تمارس حرب إبادة ضد الشعب السوداني.
وكانت الجزائر قد أوقفت بشكل تام استثمارات ضخمة للإمارات، وبعد انتقال أبوظبي لسياسة الضغط على الجزائر من خلال رغبتها في الاستحواذ على شركات طاقوية أوروبية على غرار ناتورجي الإسبانية وهو ما اعتبر خط أحمر بالنسبة للجزائر التي أوقفت الصفقة بعد ضغط كبير على مدريد التي رضخت اخيرا.
تجدر الإشارة إلى أنه ورداً على سؤال طرح عليه خلال لقاء مع الصحافة الجزائرية، بشأن توجيه رسالة إلى “بلد عربي شقيق” بالكف عن “التصرفات العدائية قال الرئيس تبون: “في كل الأماكن التي فيها تناحر دائماً مال هذه الدولة موجود. في الجوار، مالي وليبيا والسودان. نحن لا نكن عداوة لأحد، لأننا محتاجون إلى الله عز وجل وإلى الجزائري والجزائرية. نتمنى أن نعيش سلمياً مع الجميع، ومن يتبلَّ علينا فللصبر حدود،. أضاف : “لا زلنا لم نمضِ بكلام فيه عنف مع هؤلاء الناس. نعتبرهم أشقاء ونطلب لهم الهداية لأن تصرفاتهم ليست منطقية. يبدو لي أنه قد أخذتهم العزة بالإثم”.
تجدر الإشارة ايضا إلى أن الرئيس الاماراتي محمد بن زايد، كما أظهرت وسائل الإعلام العالمية، كان اول من توجه إلى الرئيس الجزائري وهو جالس في طاولة الاجتماعات خلال انعقاد قمة مجموعة السبع وبادر بالحديث اليه ما يفسر رغبة الامارات في ان تعود العلاقات المتأزمة الى ما كانت عليه من قبل ولن تعود الا بشروط جزائرية
غير ان المتتبعين يؤكدون أن العديد من المتغيرات دفعت بابو ظبي الى ما وصف ب “التوبة” ومنها فشل مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني وهو الخيار الذي كانت تقوده الامارات التي قامت بالضغط على العديد من الدول العربية منها تونس وموريتانيا وليبيا، فضلا عن التطورات في فلسطين والحرب على غزة التي عزلت الكيان الصهيوني عن العالم ومعه الدول العربية المطبعة وعلى راسها الامارات، التي عملت على تغييب القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة ووقفت ضد المقاومة الفلسطينية خلال تواجدها في مجلس الامن.
في هذا الشأن، كان انتخاب الجزائر في مجلس الامن كعضو غير دائم بداية السنة الجارية بداية لقلب الموازين، حيث عاد ملف إقامة الدولة الفلسطينية بقوة الى الواجهة بعد ان تم تغييبه، وساهمت الجزائر في إدانة الجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين وعزل الكيان عالميا عبر المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وهي كلها تطورات افقدت التوازن الجيوسياسي لأبو ظبي.