يهدف مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء وسيعرض على غرفتي البرلمان قريبا من أجل مناقشته وإثرائه، إلى تحقيق التنمية البشرية وتعزيز الرأسمال البشري وتحسين الإطار المعيشي للمواطن، مع الحرص على ضمان سياسة اجتماعية عادلة.
ويتطرق مخطط العمل المستمد من برنامج رئيس الجمهورية والتزاماته ال54، إلى سبل تعزيز الرأسمال البشري من خلال عدة محاور أهمها المنظومة الصحية التي تواجه عدة تحديات من أبرزها بلوغ تغطية صحية شاملة ووضع الجزائر ضمن المعدل الدولي فيما يخص مجموع المؤشرات المرجعية في مجال الصحة العمومية مع آفاق 2030.
ويركز مخطط العمل على التدابير المتعلقة بتعزيز وتنظيم العرض في مجال العلاج ضمن هدف ضمان خدمات الجودة في ظل احترام كرامة المرضى، وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية وهي أنسنة النشاط الصحي والسياسة المتعلقة بالسكان التي سوف تتعزز ضمن مقاربتها المتعددة القطاعات والمتعددة التخصصات، وتحسين التغطية الصحية للسكان.
وتشمل أهم التدابير مجالات الحوكمة وتنظيم العرض في مجال العلاج، تعزيز تكوين مهنيي الصحة لتلبية الحاجات، تعزيز مكافحة جائحة كوفيد- 19، التكفل بالأمراض غير المتنقلة والمخاطر الصحية المرتبطة بالبيئة والمناخ، توسيع التغطية الصحية في الجنوب والهضاب العليا، العمل على التقليل من الوفيات في أوساط الأمهات وتعزيز التدقيق في وفيات الأمهات وتنفيذ المخطط الوطني للتقليل من وفيات المواليد الجدد، بالإضافة إلى صياغة منظومة التعاقد بين المؤسسات الصحية وهيئات الضمان الاجتماعي.
تحسين منظومة التربية والبحث العلمي وإشراك الشباب في الحياة العامة
تعتزم الحكومة -حسب ما ورد في مخطط عملها- القيام بمجموعة من الأعمال التي ترتكز على خمسة محاور رئيسية من أجل تحسين نوعية منظومة التربية والبحث العلمي، وهي: إصلاح البيداغوجيا، إصلاح منظومة التقييم والتقدم والتوجيه، تحسين جودة التأطير، تحسين حوكمة المنظومة التربوية ودعم التمدرس.
أما فيما يتعلق بتحسين نوعية التعليم العالي والبحث العلمي، فتوجد ثلاث مجموعات رئيسية للتحديات التي تهيكل أهداف مخطط عمل الحكومة في هذا المجال وهي تحدي الجودة في ميادين التكوين العالي والبحث العلمي والإبداع والحوكمة وتحدي قابلية التوظيف والاندماج المهني لأصحاب الشهادات، وفي الأخير تحدي التكفل بالمهمة الاجتماعية والمجتمعية للمؤسسات الجامعية كمتعاملين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والشاملة .
وتعكف الحكومة على تجسيد هذه الأهداف، من خلال تحسين نوعية التكوين الجامعي، تحسين جودة البحث العلمي، تحسين معيشة الطالب، تثمين القوة الكامنة للتأطير والبحث، تحسين الحوكمة الجامعية وعصرنتها وأخلقة الحياة الجامعية.
وبشأن تحسين نوعية التكوين والتعليم المهنيين، فإن الهدف الذي تنشده الحكومة يرمي إلى تحسين النتائج النوعية للمنظومة التربوية الوطنية للتعليم التقني والتكوين المهني من أجل تكييفها مع حاجات سوق العمل.
ومن جهة أخرى تلتزم الحكومة بالحفاظ على التراث الثقافي الوطني وتنميته وترقيته وكذا ترقية النشاطات البدنية والرياضية.
كما تعتزم تنفيذ المخطط الوطني لترقية الشباب الذي يمثل “أولوية من الأولويات الكبرى في برنامج رئيس الجمهورية”، الذي يسعى إلى جعله شريكا حقيقيا وفاعلا كاملا في مسار حركية بناء الجزائر الجديدة.
وترتكز ترقية الشباب وإشراكه في مسار التنمية الوطنية على تنفيذ المخطط الوطني للشباب 2020-2024الذي تم إعداده كسياسة عمومية موحدة ومنسجمة مخصصة للشباب في ظل مقاربة متعددة القطاعات وتشاركية، تأخذ بعين الإعتبار إنشغالات الشباب وتطلعاته وسيتم إشراك الشباب والحركة الجمعوية للشباب الذين شاركوا في المخطط الوطني للشباب بصفة كاملة في تنفيذ هذا المخطط.
وبهذا الصدد، ستعمل الحكومة على تقليص الفوارق المترتبة على مختلف الأجهزة المؤسساتية وبذل أقصى الجهود وتوحيدها لفائدة الشباب في المجالات المتعلقة بالمواطنة وانخراط الشباب ومشاركتهم في الحياة العامة والسياسية والتربية والتكوين وتدعيم قدرات الشباب والتشغيل والمقاولاتية والابتكار وكذا الولوج إلى التكنولوجيات والثقافة والرياضة والترفيه.
وسيشكل لهذا الغرض، المجلس الأعلى للشباب فضاء متميزا للمشاركة الفعلية للشباب في الحياة السياسية والاجتماعية الاقتصادية للبلاد وسيكون بمثابة صوت الشباب الجزائري والمتحدث الرئيسي مع السلطات العمومية فيما يخص تنفيذ وتقييم السياسات والتجهيزات العمومية المتعلقة بالشباب.
ومن أجل تعزيز المشاركة المواطنة للشباب، سيتم إقامة شبكة وطنية لتطوع الشباب، لاسيما إصدار ميثاق للشباب المتطوع وإنشاء هيئة وطنية لتنسيق تطوع الشباب.
وبخصوص مختلف المقومات البيداغوجية، لاسيما منها مؤسسات الشباب، سيتم اتخاذ تدابير استعجالية لصالحها كتطوير أنماط التسيير ومراجعة المضامين البيداغوجية وتدعيم التأطير بالاعتماد بشكل خاص على الشراكة الاستراتيجية مع الحركة الجمعوية للشباب.
وستعمل الحكومة على تحسين الدعم المقدم للحركة الجمعوية للشباب وذلك خصوصا من خلال تدعيم فعالية أدوات التمويل ومرافقة أفضل عن طريق التكوين وتعزيز قدرات الشباب الإطارات الجمعويين، وستتمحور المهرجانات والمسابقات الخاصة بالشباب حول الابتكار وكذا استكشاف ومرافقة الشباب أصحاب المواهب لاسيما من خلال إقامة أولمبياد وطنية للابتكار والشباب المخترعين،كما أنها ستتولى التكفل بالانشغالات المتصلة بالوقاية من الآفاق الاجتماعية ومحاربتها.
الشروع في تقييم مستويات الأجور لتحسين القدرة الشرائية للمواطن
ومن أبرز أولويات الحكومة في مخطط عملها تحسين الإطار المعيشي للمواطنين، من خلال الاستجابة بشكل فعال لاحتياجات تنقل الأشخاص والبضائع عبر تحسين ظروف التنقل، التهيئة العمرانية والمشاريع المدمجة، حماية وتثمين الطبيعة والتنوع البيئي والتكنولوجيات الخضراء وتسريع تنفيذ الاقتصاد الدائري وكذا مكافحة الاحتباس الحراري والتلوث بجميع أشكاله، تأهيل وتنمية المناطق التي تحتاج مرافقة خاصة (مناطق الظل).
وترمي الحكومة من جهة أخرى إلى الرفع من القدرة الشرائية للمواطن وتدعيمها، حيث ستشرع في إجراء تقييم لمستويات أجور القطاع الاقتصادي والوظيفة العمومية قصد تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وتسعى أيضا إلى تحسين التكفل بالسكان الأكثر هشاشة من خلال حماية وترقية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم وحماية ورفاهية الأشخاص المسنين وحماية وترقية الطفولة والمراهقة من خلال مخطط أعمال قطاعي مشترك وحماية وترقية الأسرة والمرأة.
كما تعمل على الحفاظ على نظامي الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزهما عن طريق توسيع قاعدة الاشتراك والادماج التدريجي للأشخاص العاملين، الناشطين في القطاع غير الرسمي.
ومن جهة أخرى، تتمسك الحكومة بإيجاد الأجوبة الملائمة لضمان حصول المواطن على سكن لائق، حسب الصيغ المكيفة الموجودة أو التي ستنشأ، مع استهداف العائلات ذات الدخل الضعيف من باب الأولوية.
وفي هذا الإطار، تلتزم الحكومة في مخطط عملها بتكثيف إنتاج السكنات وحشد وتوجيه الموارد المالية والعقارية اللازمة بأكثر فعالية وضمان العدل والإنصاف الاجتماعي عبر إنشاء بنك للسكن وتنظيم التسيير العقاري الحضري.
وفي سياق متصل، تلتزم الحكومة بضمان الحصول على الخدمات العمومية الأساسية، على غرار الخدمة العمومية للمياه الصالحة للشرب والتطهير، أما في مجال الطاقة، فتتمثل أهداف الحكومة في تلبية الاحتياجات الطاقوية للمواطن والسوق الوطنية وضمان تأهيل وتنمية خدمة عمومية ذات نوعية مطابقة للمعايير الدولية.