لم يصمد الانقلابي قائد المرحلة الانتقالية في مالي أسيمي غويتا أمام أطماعه في فرض الترهيب والرعب في نفوس أبناء الشعب المالي الشقيق، وها هو اليوم يخرب عليهم ويمنعهم من التوصل إلى مصالحة وطنية تعود عليهم بالخير والرفاه، عن طريق سد الطريق بـ “الإبادة الجماعية” أمام اتفاقيات الجزائر التي أجمع المجتمع الدولي على جدواها في تعميم السلم والسلام في منطقة الساحل.
يعمل الانقلابي أسيمي غويتا بتصرفاته غير العقلانية على تدمير كل ما بناه سابقوه من قادة دولة مالي، فهو عكسهم تماما، إذ تقوم استراتيجيته على القتل والإبادة الجماعية التي اختارها سبيلا لحل مشاكل وانشغالات الشعب مالي التواق إلى الاستقرار والرفاه.
لقد مدت الجزائر يدها بشكل دائم لجيرانها وأشقائها في دولة مالي، من أجل إيجاد سبل تجاوز الصعوبات التي تعترض مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، إلى جانب سبل تفعيل أطر التعاون مع هذا البلد الجار، سواء الثنائية ذات المضمون الأمني، أو متعددة الأطراف على غرار لجنة الأركان العملياتية المشتركة، في مواجهة التهديدات المتزايدة في جوارهما المشترك، إلا أن الانقلابي غويتا اشتهى السباحة عكس تيار السلم والاستقرار، واختار استخدام القوة والترهيب لحكم البلاد والشعب، لا سيما في شمال البلاد.
ولم تدخر الجزائر جهدا في دعم استعادة الأمن والسلم في مالي، انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن استقرار هذا البلد من استقرار الجزائر، وقد أعربت قوى فاعلة في مالي، في أكثر من مرة، عن بالغ تقديرها للمساعي الجزائرية فيما يخص مسار السلم والمصالحة، وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية الموقعة على اتفاق الجزائر، إلا أن الانقلابي غويتا، الذي يحكم بـ “الإبادة الجماعية”، يحاول التأسيس لقاعدة كراهية ضد اتفاق الجزائر الذي يحث على المصالحة الوطنية المالية، وتحقيق الرفاه والعيش الكريم للشعب المالي الشقيق.
ويمعن الانقلابي غويتا في إغراق مالي وشعبها في دوامة لا تنتهي من العنف والفقر واللاستقرار، عكس الجزائر التي أخذت عهدا على عاتقها بأن لا تتخلى عن الشعب المالي، وعملت بلا هوادة وبلا توقف على التأسيس لمصالحة حقيقية للشعب المالي، غير أن يد الغدر والخيانة تريد خلاف ذلك، فقد قرر الانقلابي غويتا ووزيره، غير اللبق، للشؤون الخارجية إلغاء اتفاق الجزائر بهدف فتح المجال لقوات “فاغنر” للاستيلاء على مالي، على أن تتلقى المقابل من المعادن الثمينة والذهب المملوكة للشعب المالي الشقيق.
وتشير المعطيات إلى أن الوزير الأول تشوغويل كوكالا مايغا يقف بدوره حاجزا أمام تنفيذ اتفاق الجزائر لتحقيق المصالحة في مالي، بل إنه لم يبد رضاه عنه منذ البداية، وبالتالي لم تشكل خرجة الانقلابيين الدمويين ضد الجزائر مفاجأة لها وهم يستدعون سفير الجزائر في مالي للتشاور، والادعاء بوجود “أفعال غير ودية” من قبل السلطات الجزائرية التي تحاول التدخل، حسبهم، في الشؤون الداخلية لدولة مالي.
لم يبق الآن أمام الشعب المالي الشقيق سوى نفض غبار الفقر عنه، والتمسك بالخيارات التي تضمن له السلم والاستقرار والرفاه، فالانقلابي الدموي غويتا يعمل على تبذير عائدات الذهب ودفعها كمقابل للمرتزقة، عوض استخدامها لحل المشاكل اليومية للشعب المالي الذي يحتاج إلى كل شيء، بصفته المسؤول الأول وجماعته الانقلابيين عن مضاعفة الأزمة متعددة الأوجه في مالي.