نشر سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر، السيد لي جيان، اليوم مقال موقع بعنوان “فتح صفحة جديدة للعلاقات الصينية الجزائرية في العصر الجديد” في جريدة الخبر.
👈🏻فتح صفحة جديدة للعلاقات الصينية الجزائرية في العصر الجديد
بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر، سيقوم الرئيس عبد المجيد تبون بزيارة دولة للصين. إن هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها رئيس جزائري للصين منذ 15 سنة، كما سيتم فيها أول لقاء بين الرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد المجيد تبون، الأمر الذي يجعلها تتمتع بأهمية تاريخية كبيرة.
في عيون الشعب الصيني. إن الجزائر بلد جميل، نظرا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي. تقع الجزائر في شمال إفريقيا، وهي أكبر دولة مساحة في إفريقيا والعالم العربي والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها تتمتع بالعديد من المزايا وثلاثة طبيعات. يحد الجزائر من الشمال البحر الأبيض المتوسط، الذي زادها جمالا بالمناظر الرائعة والطقس اللطيف، وفي جنوب الجزائر أكبر صحراء في العالم، وبدلك أصبحت أفضل وجهة للسياحة الصحراوية.
إن الجزائر بلد النضال والشجاعة ويتمسك بالمبادئ الوطنية. في عام 1962، حقق الشعب الجزائري الاستقلال الوطني عبر ثورة التحرير التي دامت سبعة سنوات ونصف، ودفع تضحيات وطنية جسيمة بمليون ونصف المليون جزائري من الشهداء خلال الكفاح المرير. إن تاريخ المقاومة الوطنية ضد الاستعمار لمدة 132 سنة صاغ طابعًا وطنيًا للجزائر يتسم بالمثابرة والشجاعة واحترام الذات، فلا تخاف الجزائر من التضحية في وجه الاستعمار، بل تحارب وتدافع بحزم وقوة عن كل شبر من أراضيها في مواجهة الظلم والاستبداد وتتحمس تجاه إخوانها وأصدقائها.
إن الجزائر دولة تدعو إلى العدل والإنصاف الدوليين، وتعمل منذ استقلالها على دفع بناء نظام دولي جديد أكثر عدلا وتوازنا وعقلانية. فمعارضة التدخل الخارجي ورفض سياسة القوة والهيمنة تُعَد جينة دبلوماسية طبيعية للجزائر. تتمسك الجزائر بثبات بالحفاظ على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وممارسة التعددية وصيانة المصالح المشتركة للدول النامية ولعب دور الوساطة الدولية بكل حيوية ونشا، لذلك تتشارك الصين والجزائر سياسات ومفاهيم دبلوماسية مشتركة ومتشابهة.
إن الجزائر بلد ذات إمكانيات كبيرة ومتنوعة. فهي غنية بالمعادن كالحديد والزنك والرصاص والفوسفات وغيرها من الموارد المنجمية، كما احتلت الجزائر المرتبة ال15 عالميا في احتياطي النفط والمرتبة ال10 عالميا في احتياطي الغاز الطبيعي. وأصدرت الجزائر قانون الاستثمار الجديد للسعي إلى تحسين بيئة الأعمال لتصبح منطقة ساخنة للاستثمار. كما تهتم الجزائر بتنمية المواهب والابتكار وترقية الموارد البشرية في مجالي لتعليم العالي والتدريب المهني، وهنا يمكنني الإشادة بتتويج الطلبة الجزائريين بالمراتب الأولى والثانية في مسابقة هواوي العالمية المنظمة بمدينة شنتشن الصين خلال هذا العام، تفوقوا فيها من بين الطلبة المشاركين من 74 دولة ومنطقة في أنحاء العالم.
تحت الرسم المشترك والإرشاد الاستراتيجي من قبل رئيسي البلدين:
ستتعمق الطبيعة الاستراتيجية لعلاقات البلدين. كل من الصين والجزائر دولة نامية كبرى يتمتعان بالسوق الناشئة المهمة ذات التأثيرات البارزة. في عام 2014، أصبحت الجزائر أول دولة عربية أقامت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين. في السنوات الأخيرة، تم توقيع اتفاقية التعاون لبناء الحزام والطريق بشكل مشترك بين البلدين، وأصبحت الجزائر من أوائل الأعضاء لمجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية، وقدمت طلبا رسميا للانضمام إلى بريكس وطلبت الانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون. كما تم انتخاب الجزائر بنجاح عضوا غير دائم لمجلس الأمن في الفترة بين 2024 إلى 2025 وعضو مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في الفترة بين 2023 إلى 2025، مما يوفر فضاء أوسع لتعميق وتطوير التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
ستتجلى طبيعة النمو لعلاقات البلدين. إن الجزائر هي من أكبر الأسواق الخارجية المستقطبة للمقاولات الهندسية الصينية، وقد تم إنجاز العديد من المشاريع الكبرى الرمزية في إطار التعاون الصيني الجزائري. فالصين هي أكبر مصدر لواردات الجزائر مند سنوات عديدة. حاليا، تدخل الصين والجزائر الفترة الحاسمة للتنمية.
يرسم المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني الخطوط العريضة في سبيل بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل والدفع الشامل لعملية النهضة العظيمة للأمة الصينية بالتحديث الصيني النمط. وتعمل الجزائر على بناء الجزائر الجديدة وجذب استثمارات أجنبية متنوعة لتحقيق نهضة الأمة. يمكن للبلدين تعزيز تعاون تحت مبدأ رابح-رابح في مجالات الاستثمارات وتطوير السياحة وتحديث الفلاحة والطاقة المتجددة والطيران والفضاء وصناعة السيارات والاقتصاد الرقمي، ليساهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية.
ستتعزز طبيعة التعاون والتنافع لعلاقات البلدين. كلا من الصين والجزائر ذات حضارة عريقة تاريخها يعود إلى آلاف السنين، وخلقتا ثقافة باهرة ورائعة وقدمتا مساهمات هامة في تطوير الحضارات العالمية. ففي العام الجاري وفي مجال التبادلات الثقافية بين البلدين الصديقين، تألقت الجزائر كضيف شرف في الطبعة الـ29 لمعرض بيجين الدولي للكتاب، كما فاز مراهق جزائري بالجائزة الأولى في مسابقة رسم، وسيتم عرض لوحته في محطة الفضاء الصينية ”تيان فونغ“، وسيقام أسبوع الثقافة الصينية في الجزائر. وهناك تدفق لا نهاية له عبر الزيارات المتبادلة بين وفود الجامعات والفرق الطبية والأفلام والتلفزيون وفناني طريق الحرير بين الصين والجزائر، حيث يتجلى مشهدا حيويا ”التبادلات الكثيفة رغم بُعد المسافة“.
فإن مبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس شي جينبينغ ستسلك الطريق الصحيح للمجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك عبر تبادل وتنافع الحضارتين الصينية والجزائرية.
بعد زيارة الرئيس تبون للصين، نثق بأن العلاقات الصينية الجزائرية ستشهد بداية صفحة جديدة وخلق آفاق واعدة وارتقاء إلى مستوى جديد.