في كلمة ألقاها خلال ندوة صحفية بمقر وزارة الشؤون الخارجية، سلط وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، الضوء على النتائج الباهرة للطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF2025)، التي استضافتها الجزائر خلال الفترة من 4 إلى 10 من الشهر الجاري. وأكد الوزير أن هذه التظاهرة الاقتصادية لم تكن “محض صدفة عابرة”، بل جاءت نتاج قرار مدروس ومحسوب لقيادة البلاد، انطلاقاً من رؤية استشرافية تعكس التزام الجزائر بدفع عجلة التكامل الاقتصادي الإفريقي.
ثلاثة منطلقات استراتيجية
أوضح السيد عطاف أن استضافة الجزائر للمعرض تأتي انسجاماً مع توجيهات رئيس الجمهورية، التي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية:
1. تحمل المسؤوليات: إذ تُصر القيادة الجزائرية على أن تتبوأ البلاد مكانتها الطبيعية في دعم النهضة الاقتصادية الإفريقية، خاصة في ظل ظروف دولية لا ترحم الضعيف.
2. الربط بين التنمية والأمن: حيث تؤمن الجزائر بأن مفتاح استقرار القارة يكمن في تحقيق التنمية الاقتصادية، ورفع التحديات التي تواجهها بإرادة سياسية جماعية.
3. تعزيز التعاون الإفريقي: من خلال كشف مقومات الشراكة بين الدول الإفريقية في مجالات التجارة والاستثمار، وإعطاء زخم جديد للمشروع الاقتصادي القاري.
إنجازات رقمية قياسية
استعرض الوزير أبرز الأرقام التي توضح حجم النجاح الذي حققته هذه الدورة، والتي وصفها بـ”غير المسبوقة”:
· مشاركة واسعة: حضر المعرض قادة 9 دول، بينهم رؤساء تونس وليبيا وموريتانيا والجمهورية الصحراوية وتشاد وموزمبيق، بالإضافة إلى ممثلي 132 دولة من بينها 49 دولة إفريقية و21 من خارج القارة.
· إقبال كبير: بلغ عدد الزوار 112,476 زائراً (60,650 حضورياً و51,826 افتراضياً)، متجاوزاً التوقعات الأولية البالغة 35,000 زائر. كما شارك 2,148 عارضاً، بينما كان العدد المتوقع 2,000 عارض.
· صفقات ضخمة: بلغ إجمالي قيمة العقود الموقعة 48.3 مليار دولار أمريكي، مع مشاركة قياسية للمشترين المحترفين بلغت 987 متعاملاً اقتصادياً.
· حصة الجزائر: حققت الشركات والمؤسسات الجزائرية صفقات بلغت 11.4 مليار دولار (صفقات مكتملة)، بالإضافة إلى 11.6 مليار دولار (صفقات قيد التفاوض)، ليصل إجمالي حصتها إلى 23 مليار دولار.
إفريقيا تتحكم بمصيرها
أكد السيد عطاف أن النجاح الكبير للمعرض يعكس تحولاً جذرياً في mindset القارة الإفريقية، التي لم تعد ترضى بالأدوار الهامشية المفروضة عليها في المنظمات الدولية، بل تسعى لبناء شراكات متوازنة تقوم على الندية وتقاسم المنافع. وأشار إلى أن إفريقيا أصبحت تتاجر مع إفريقيا، وتستثمر في إفريقيا، وتدرك أن خلاصها مرتبط بذاتها وقوتها الداخلية.
كما أبرز الوزير الإنجازات الاستراتيجية للقارة، مثل انضمام الاتحاد الإفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، وتأسيس شبكة شراكات مؤسساتية مع اقتصادات عالمية كبرى، وإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، وتعزيز دور البنوك الإفريقية التنموية.
مبادرة للشباب الإفريقي
كشف السيد عطاف عن مبادرة رئيس الجمهورية بتأسيس صندوق خاص لتمويل المؤسسات الناشئة والمبتكرة في إفريقيا، موجهاً بشكل أساسي نحو الشباب الإفريقي الذي يُعد الرافعة الحقيقية لنهضة القارة.
اختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أن إفريقيا اليوم أمام منعطف مصيري يجب أن تستغله لتصبح طرفاً فاعلاً في الثورات التكنولوجية المعاصرة، مثل الرقمنة والروبوتics والطاقات المتجددة، بدلاً من أن تظل متخلفة عن ركب التقدم كما حدث في الثورات الصناعية والمعلوماتية السابقة.