شدد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج احمد عطاف في كلمته بالاجتماع الوزاري للجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن على ان السياقٍ الدولي بالغ الخطورة والتعقيد والحساسية، قد أعاد إلى واجهة الأولويات الحتمية ملفَ إصلاح الجهاز المركزي لمنظمتنا الأممية، ألا وهو مجلس الأمن.
موضحا ان إفريقيا تريد إصلاحاً يرفع عنها الظلم التاريخي المُسلَّطَ عليها، كونُها المُغَيَّبَ الوحيد في فئة المقاعد الدائمة بالمجلس، والأقل تمثيلاً في فئة المقاعد غير الدائمة بذات المجلس، و يٌعيد للمجلس دورَهُ وفعاليتَهُ في وجهِ تَتابُع الأزمات والنزاعات والصراعات وتراكُمِها على المستويين الإقليمي والدولي أمام عُقْمُ المبادرات الدبلوماسية لصياغة ملامح الحلول المنشودة والتسويات المنتظرة.
وإفريقيا تريد إصلاحاً ينأى بالمجلس عن التجاذبات والانقسامات والاستقطابات التي غيّبت دورَهُ في وقتٍ يُمكن القول أن المعمورةَ برمتها أحوج ما تكون لهذه الآلية الأممية المركزية كضامن للشرعية الدولية وحامٍ لمبادئ القانون الدولي وبصفتها المسؤول الأول عن أمن المعمورة واستتباب الأمن فيها.
واسترسل عطاف في كلمته مذكرا بالوضع الخطير والاستثنائي الذي تمر به العلاقات الدولية في المرحلة الراهنة.
وعرج عطاف على الوضوع في قطاع غزة الصامدة تواجه حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان منذ أكثر من ثمانية أشهر، دون أن يتمكن مجلس الأمن من لجم العدوان الإسرائيلي الغاشم المُسلط عليها، بل وحتى مدِّها بسبل الإغاثة والعيش والبقاء.
وعاد عطاف للحديث عن القارة الإفريقية بدورها تشهد تزايداً مقلقاً في بؤر التوترات والنزاعات التي تَشُوب أقاليمها الخمسة دون استثناء، وسط تعاظم أخطار التدخلات الخارجية التي أضحت عاملاً أساسياً لإذكاء الصراعات وتغذية الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد والمنظمة الواحدة.
والعالم بأسره يشهد اختلالاً في الموازين وتراجعاً في القيم وتصاعداً مقلقاً في مظاهر الاحتكام لمنطق القوة على حساب منطق ترابط المصالح واحترامها المتبادل، طبقاً لما تمليه أبجديات وبديهيات “الصالح العام الدولي”.
فإن كان وضعٌ كهذا بكل ما يرمي به من تبعاتٍ وأخطارٍ لا يقتضي إصلاح مجلس الأمن، فمتى يكون الإصلاح ولما؟
واكد عطاف أننا في الجزائر نعتقد اعتقاداً راسخاً أن إصلاح مجلس الأمن يفرض نفسه اليوم قبل الغد، وأن هذا الإصلاح لن يكون له أيُّ معنىً أو مغزىً ما لم يضع نُصب أهدافه الاستجابةَ لمطالب إفريقيا، وأن هذا الإصلاح يجب أن يُميِّز بين الأولويات والكماليات.
فما تُطالب به إفريقيا عبر المرجعيات الأساسية المتمثلة في “توافق إيزَلْوِيني” و”إعلان سرت”، يكتسي طابعاً أولوياً لا نقاش فيه ولا لُبس عليه. كما أن المطالب الإفريقية لا ينبغي أن تبقى رهينة الانسداد الراهن في المفاوضات الحكومية بشأن إصلاح مجلس الأمن على خلفية المواقف المتضاربة لتكتلاتٍ أخرى يصعب بل يستحيل التوفيق بينها.
وبذات القدر من الثقة واليقين، فإننا في الجزائر نعتقد أن المتضرر من تهميش إفريقيا في مجلس الأمن، ليست إفريقيا وحدَها، بل المنظومة الدولية برمتها:
– فالصوت الإفريقي معروفٌ بتوازن وحكمة ورصانة مواقفه،
– والصوت الإفريقي مشهودٌ له التزامه التام بما يحكم العلاقات الدولية من قواعد وضوابط وثوابت،
– والصوت الإفريقي معهودٌ له انخراطه الكامل في العمل الدولي متعدد الأطراف بمختلف جوانبه وأبعاده ومقاصده.
واعتبر عطاف التجارب السابقة أثبتت أن قوة قارتنا لا تكمن فقط في ثرواتها الطبيعية الهائلة ومواردها البشرية الخلاقة، بل تكمن أيضاً وبصفة خاصة في وحدةِ كلمتها وتوحد صفِّها والتفاف أعضائها حول ما يؤمنون به من أهداف وقيم ومبادئ.
مشيرا الى ان التطورات الأخيرة أبانت أن هناك زخماً دولياً متجدداً يُقر بأحقية وشرعية المطالب الإفريقية المتعلقة بتمثيلها في مجلس الأمن، وهو الزخم الذي يقع علينا العمل على تثمينه وتوظيفه أحسن توظيف للدفع قُدماً بالموقف الإفريقي المشترك.
وخلص عطاف في ملمته الى انه مثلما افتكت قارتنا مؤخراً تمثيلاً دائماً في مجموعة العشرين، فإنها ستتمكن لا محالة، وبتضافر جهود جميع أبنائها، من تصحيحِ ما تعرضت له ولا تزال من إجحافٍ طال أمده وحان وقتُ معالجتِه وإنهائه على النحو الذي يسمح لإفريقيا بالتموقع كفاعل مؤثر يساهم بكل أمانة ومسؤولية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.