بسم الله الرحمن الرحيم
والصّلاةُ والسّلامُ على أشرف الـمرسلين،
أيَّتُـها الـمُواطنات .. أيُّـها الـمُواطنون،
نَحْتَفِي بالذكرى الثَّالثةِ والستين (63) لـمُظاهــراتِ 11 ديسمبر 1960، في مرحلة مُتَعدِّدةِ الرِّهانات، تُواجِهُها بلادُنا بإرادةٍ مُخلصةٍ وقَوِيَّة، بَعْدَ استكمال الـمنظومة الـمُؤسَّساتية، وهي رهاناتٌ نخوضها بِتَسْخِير جُهودِ الدَّولة لبناء اقتصاد ناجعٍ وتَنافُسيٍّ، والارتقاء بالحياةِ الاجتماعية وتحسين الإطار الـمعيشي للـمُواطن، ولَقَدْ استوجب ذلك جهودًا استثنائية في مَسار بناء الجزائر الجديدة، لاستدراك تَراكُماتِ الأوْضَاع الصَّعبة التي كان يَعِيشُها الـمُجتمع مع كامل الحرص على الوفاء لتطلُّعات الشَّعب الجزائري الأبيّ، الـمُعتَـزِّ بانتمائه لأرض الشُّهداء والوَفيِّ لرسالةِ نوفمبر ولِتَضْحياتِ أَجْيالٍ سجَّلَ لها التَّاريخُ مجدًا عظيمًـا، تَوَّجَتْهُ بُطُولاتُ الـمُناضليـن والـمُجاهديـن الذين كان يَحدُوهُم مع انْدِلاع ثَوْرَةِ الفاتِح مِنْ نُوفمـبر 1954إيمانُـهم بالنَّصر على استعمـارٍ استيطـاني، وعلى آلـةِ عُدوانهِ الـمُدَجَّجَة بأَفْــتَـك أَسْلِـحَـةِ التَّقتيـل والتَّدميــر، والتي أمْعَنَتْ فـي سِيَاسَةِ الأرْضِ الـمحروقة بأبْشَعِ صُوَرِها .. لَكنَّ الثُوَّارَ الصَّامدين الأحرار الّذينَ ثَبَتُوا في سَاحاتِ معارك النَّصر أو الاستشهاد، كان يَقِينُـهُم بأنَّ إرادَةَ الحياة أَقْوَى وأَبْقَى، وقد جاءَت مُظاهرات 11 ديسمبر 1960 تَعبيرًا صَادقًا عنـها، في وقْتٍ كانت الثورة الـمجيدة على أعْتَابِ بَشَائِر النَّصر والانْعِتـاق، حيــنَ صدحَـتْ الحنـاجرُ بالحُريّة والاستقـلال، وامْتَـدَّتْ هُتافاتُهـا في شوارع الـمدن إيذانًا بالاستقلال الوطني ..
إن نفسَ إرادة الحياة والتحرر لا يمكن وأْدُها بِفظائع القَصْفِ وبشاعة التَّدْميرِ وخطَطِ التَّهجير الإجباري وسيناريوهات التطهير العرقي التي يتمادى فيـها الاحتلالُ الصهيوني ضدَّ أَشِقَـائِنا فـي فلسطين الـمُحتلّـة .. وبجَرائم الإبـادَةِ وجرائـمِ الحَرب التي يَسْتَمِرُّ فـي ارْتِكَابِـها مُنْذُ شَهرَيْن فـي قِطاعِ غزّة .. والتي سَيَكْتُـبُ التَّاريخ كُلَّ مَنْ يَقِفُ وراءَها فـي عـدَادِ مُجْرِمي الحَـرب وأَعْداءِ الحيـاة والإنسانية.
أيَّتُـها الـمُواطنات .. أيُّـها الـمُواطنون،
إنَّنا ونحنُ نستَحضر الـمشاهدَ التَّاريخية العظيمة لـمُظاهرات 11 ديسمبر 1960، نَنْحَنِي أَمام تضحياتِ الشَّعب الجزائري في هذه الذكرى الخالـدة، فـي لحظة نستمدُّ منـها العزيمـة، والاقتداء بنهج الشُهداء والـمُجاهدين في نُكْرَانِ الذَّات، لنواصِلَ معًا بجهود الجميع تنميـةَ البلاد ، وهي جهودٌ آلَيْنَـا على أَنْفُسِنـا أَنْ لا تَنْقَطِــعْ وأَنْ لا تُثْنِيـهـا تَحدِّيـات مُقـاومـة التَّغيير حَتَّى تَحْقيق الأهْداف التي تَعَهَّدْنا بـها، وجَعَلْناها أَوْلوياتٍ مَيْدانية، سَواءً تعلَّق الأمرُ بالنَمُوذج الجديد للإنعاش الاقتصادي، والرَّفْعِ من مُستوى الـمعيشة والقُدرة الشّرائية، وضمان شُروطِ الحيـاة الكريمـة، أو تَعَلَّقَ الأمْـرُ بحفظ مكانةِ ودَوْرِ الجزائر إقليميًا ودوليًا.
وفـي الاتجاهيْــن قَطَعْنـا بِفَضْلِ الوَعيِّ الجماعي لشَعبِنَـا الأبيّ بطبيعة التَّحديات وإدْرَاكِه لِنُبْلِ الأهداف الوطنيــة الـمَرْسومـة، خُطُواتٍ مُتَقَدِّمـةً، سَمَحَتْ لبلادِنـا بفتح الآفاق الواسعة للتَّنمية الـمُستدامة، وتَكْريسِ رُوحِ الـمُوَاطنة، والعيش الكريم، وبِتَرْسِيخ أقدامِها كشريكٍ مِحوريٍّ مَوْثُوقٍ، يَحظى بتقديرٍ كبير لإسهاماتِه الصادقة الجَوْهريـة في اسْتِتْبَـابِ الأمْن والاستقرار في الـمنطقة والعالم.
وفي الأخير أترحَّم معكم في هذه الـمناسبة التَّاريخية الخالدة على أرواح شهدائنا الأبرار، وأتوجَّهُ بالتحيَّة والتَّقدير إلى أخواتي الـمُجاهدات وإخواني الـمجاهدين، أمدَّهم الله تعالى بالصحة وطول العمر.
” تَحيَا الجَزائِــــر ”
الـمَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه.