أشرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اليوم الأحد بالقطب العلمي والتكنولوجي الشهيد “عبد الحفيظ إحدادن” بالمدينة الجديدة سيدي عبد الله (الجزائر العاصمة) على مراسم الاحتفال باليوم الوطني للطالب المخلد للذكرى ال68 لإضراب 19 مايو 1956 التاريخي.
وبالمناسبة، قام رئيس الجمهورية بتدشين هذا القطب العلمي والتكنولوجي، حيث استمع إلى عرض قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي، السيد كمال بداري، حول هذا الصرح العلمي الذي يتربع على مساحة تقدر ب87 هكتارا ويضم 5 مدارس وطنية تضمن التكوين في تخصصات علمية دقيقة مختلفة، لاسيما الرياضيات, الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
وعقب مراسم تدشين هذا القطب، زار رئيس الجمهورية، مرفوقا بكبار المسؤولين في الدولة, المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي والمدرسة الوطنية العليا للرياضيات، حيث أكد للطلبة استعداد الدولة لدعمهم ومرافقتهم قبل أن يزور معرضا تضمن ابتكارات ومشاريع منجزة من طرف الطلبة, لاسيما في مجالات الكهرباء الصناعية, الفلاحة والطب.
وبالمناسبة، ثمن رئيس الجمهورية ما يحتويه هذا القطب الذي يعد مكسبا هاما, لاسيما المدارس العليا، فضلا عن كونه محاطا بمدينة جديدة تتوفر على كافة الهياكل والمرافق الضرورية التي تتطلبها المدن العصرية الجديدة من مجمعات سكنية وشبكات تكنولوجية حديثة ومؤسسات خدماتية ومساحات تجارية.
وفي كلمة له خلال إشرافه على مراسم الاحتفال باليوم الوطني للطالب الذي نظم تحت شعار “الطالب الجزائري.. من المقاومة والتحرر إلى العلم والتعمير”، أكد رئيس الجمهورية أن الأرقام المحققة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي دليل على الخطوات العملاقة التي خطتها الجزائر في هذا المجال, داعيا الشباب والطلبة الى مواصلة مسيرة الارتقاء بالجزائر الى مصاف الدول الراقية في ميدان البحثي العلمي وتسخيره لحل المشكلات الطبية والاقتصادية والفلاحية.
وأضاف أن قدرة الطلبة على امتلاك العلوم والمعارف والتحكم في التكنولوجيات الحديثة يترجم حرص الدولة على التكفل بالمنظومة التربوية والتكوين والتعليم بصفة عامة.
وبعد أن ذكر بأن الجزائر غداة الاستقلال كانت تتوفر فقط على عدد ضئيل من الطلبة مع تمركز التعليم الجامعي بالجزائر العاصمة, كشف رئيس الجمهورية أن “بلادنا أصبحت لديها اليوم 115 مؤسسة جامعية بمليون و 650 ألف طالب يؤطرهم ما يقارب 72.500 أستاذ وباحث، علاوة على 30 مركزا للبحث العلمي ب 2250 باحث”.
وأشار في هذا الصدد إلى ان الدولة رصدت “إمكانيات مالية معتبرة ومنشآت وهياكل متزايدة وكذا موارد بشرية مؤهلة أصبحت بفضلها الجامعة الجزائرية اليوم مصنفة الأولى عربيا وإفريقيا ومغاربيا”.
وشدد رئيس الجمهورية على أهمية “الارتقاء بالجزائر الى مصاف الدول المتقدمة في مجال العلوم والتكنولوجيا”, معربا عن أمله في أن تكون المدارس الوطنية العليا “الفريدة من نوعها إفريقيا وعربيا بداية لانطلاقة جديدة”.
كما أشاد رئيس الجمهورية بـ”حماس الشباب الجزائري في حماية البلاد من الهجمات السيبريانية”, مبرزا أن الجزائر “ستعرف, بفضل الذكاء الاصطناعي وبوعي شبابها, انطلاقة بنفس جديد للارتقاء بالوطن الى أعلى المستويات”.
من جهة أخرى, ذكر رئيس الجمهورية بتضحيات الطلبة الجزائريين, مشيرا الى أن إضراب الطلبة في 19 ماي 1956 والتحاقهم بصفوف الثورة التحريرية المجيدة والكفاح المسلح “تم في وقت كان فيه لهيب الثورة التحريرية المجيدة يحرق أحلام المستوطنين في دوام فردوسهم على أرض شعب عازم على ردع الاعتداء”.
وأضاف أنه في مثل هذا التاريخ “اختارت نخبة من الطلبة من طينة الشهيدين طالب عبد الرحمان وعمارة رشيد ومن معدن المرحومين محمد الصديق بن يحيى وبلعيد عبد السلام وآخرين رحمهم الله وأطال الله في عمر من بقي على قيد الحياة وكل الذين ناضلوا تحت سقف الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين, الانخراط في ثورة التحرير المباركة”.
واستطرد رئيس الجمهورية قائلا بأن هذا الانخراط زاد الثورة التحريرية “اشعاعا مع تضحيات الشعب الجزائري وتعاطف الشعوب في كل أصقاع المعمورة, لذلك يحق لنا الاعتزاز بهم في هذا اليوم إجلالا لأرواح الشباب الوطنيين الأحرار الذين خلدوا أسماءهم وذكراهم في مدرجات الجامعات وأقسام الثانويات ليظلوا مثالا وقدوة للأجيال”.
وعقب ذلك، استمع رئيس الجمهورية الى انشغالات وتطلعات الطلبة من مختلف جامعات الوطن, حيث أكد أنه لن يكون هناك أي قرار يخص الشباب والطلبة دون إشراكهم فيه وموافقة المجلس الأعلى للشباب, مشيرا الى أنه سيتم “إعادة النظر في كثير من الأمور التي تخص الطالب والجامعة, وذلك بالتشاور مع الأسرة الجامعية من طلبة وأساتذة وتنظيمات طلابية”.
وبعد أن ذكر بقرار رفع منحة الطلبة الجامعيين, أمر رئيس الجمهورية وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالعمل مع كافة مؤسسات القطاع من أجل “دراسة التحفيزات المتعلقة ببعض التخصصات العلمية وإمكانية رفع منحة الطلبة فيها”.
كما نوه رئيس الجمهورية بتواجد باحثين جزائريين بارزين في العديد من الدول, معتبرا أن نجاح هؤلاء الباحثين يعكس مستوى التكوين الذي تقوم به الجامعة الجزائرية وكذا تشجيعه لطلبة أبناء الجالية الوطنية بالخارج.
وأبرز في هذا الشأن أهمية انخراط القطاع الخاص في تمويل المشاريع الابداعية, على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة, مشيرا الى أنه سيتم رصد ميزانيات إضافية لتجسيد مشاريع وأفكار الشباب الابداعية.
في سياق آخر، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة استلهام العبر من “تاريخنا وماضينا المشرف، تقديرا لتضحيات من سبقونا”، منتقدا الأطراف التي “تخشى تاريخ الجزائر وكفاحها المرير وذاكرتها الجماعية”.
كما جدد بالمناسبة التزامه بالحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة الذي تجلى من خلال استحداث منحة البطالة ومواصلة إنجاز السكنات وتوزيعها على المواطنين, الى جانب مجانية العلاج والتعليم.
وأشاد رئيس الجمهورية بنضج الشباب الجزائري وحسه الوطني, مشددا على أنه “لا يمكن لأي طرف أن يحرض الشباب ضد بلاده”.
ودعا في هذا الاطار الشباب الى المشاركة بقوة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وبالمناسبة، تلقى رئيس الجمهورية عبارات الشكر والامتنان من طرف الطلبة الفلسطينيين الذين يزاولون دراستهم بالجامعات الجزائرية, اعترافا بموقفه الداعم للقضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية.
وفي ختام الحفل، كرم الطلبة رئيس الجمهورية نظير جهوده المتواصلة للرقي بالجامعة والبحث العلمي وجعلها محركا للتنمية الاقتصادية وخدمة المجتمع، حيث تسلم منهم هدية تتمثل في طائرة دون طيار من صنع الطالب أحمد الياس بن سالم من المدرسة العليا للإعلام الألي بسيدي بلعباس.
بدوره، كرم رئيس الجمهورية عددا من الطلبة المتفوقين والحاصلين على جوائز في مختلف المهرجانات والمسابقات.