مقال: خطاب محمد السادس، محاولة لإخفاء أزمة تستفحل يوما بعد يوم.
كعادته في خرق الاتفاقيات ، ونكث العهود ، واللهاث خلف سراب الأوهام، هاهو ملك المغرب يعيد سيرته الأولى في المضي قدما في تعنته واستهتاره بالشرعية الدولية أمام الضامن الاممي والأخلاقي والقانوني لاحترام القرارات الدولية التي تدين الاعتداء على سيادة الدول والشعوب ، وتحتفظ بحق الشعب الصحراوي في الحرية وتقرير المصير .
بل إن سياسات النظام المغربي التي ترجمها خطاب عرشه لم تتوقف عند حدود الانقلاب على الاتفاقيات فحسب، بل تعدتها إلى مواصلة ارتكاب جرائم الحرب بالوكالة ضد الجيران وكل الأعراف والقوانين الدولية ، بيد أن ملك المغرب بدا مزكوما بضيق الأفق السياسي بعيد أزمة الابتزاز حيال أوروبا وتوظيف أبناء الشعب المغربي كعبوات جاهزة لضرب الجارة الشمالية من جهة ، وبعيد فضيحة التجسس التي تضع المملكة المغربية في قفص النذالة وقصر النظر من جهة ثانية .
ومن المؤكد أن ملك المغرب يعيش انفصاما سياسيا واجتماعيا ، لم يدرك معهما أن الشعب الصحراوي قرر بكل إرادة وتصميم وضع حد لسلوكيات التمرد والتطاول ، خاصة بعد استئناف الكفاح المسلح ، وتسليم الراية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي ، ومن المؤكد كذلك أن ملك المغرب لم يستوعب بعد أن ما كان في الكواليس من سياسات تطبخ في غرف مظلمة عرته الزبونية السياسية ، وما كان مخبأً في الدفاتر العتيقة أو مخفيا بين سطورها من تجسس ومقايضات أصبح متاحا للجميع، كي يطل من خلالها على نذالة ووقاحة إدارة القصر الملكي المغربي لشؤون بلاده ، وما يتم الحديث عنه حول رسائل التجسس المغربي ، واستراق سمع علاقات الرباط مع جيرانها يؤكده تلعثم ملك المغرب وهو يحاول تغطية الفضيحة بغربال مخابراته .
فعلى مدى السنوات الماضية كانت خطابات عرش المغرب نسخة طبق الأصل من سلسلة نكسات ونكبات ظلت تشكل الحامل الموضوعي لكثير من السياقات السياسية الخارجة من رحم الواقع المغربي المحكوم بالتأزم الداخلي قبل الخارجي ، مما جعل الرباط تبحث عن قميص النجاة الضائع، بعد أن أوغلها التجسس في طعن قدسية الحقوق واحترام القوانين .
فخطاب العرش المتزامن مع موجة الغضب حيال زلزال التجسس لن يفلح في إعادة تشكيل الطعن السياسي في الوعي الدولي بخطورة المملكة المغربية ، وما فتحته من جروح بالسكين الإسرائيلية ، وبساطور الابتزاز المشهر في نماذج جاهزة للتصدير الخارجي خاصة تجاه أوروبا ، فيما تظل الجزائر في منأى من تلك التطاولات بفضل قوة وهيبة جيشها الذي يحسب له ألف حساب فليست الجزائر هي من سيصدق اليوم اللغة المعسولة لملك الاحتلال وبالأمس القريب سفيره بالأمم المتحدة يوزع مذكرات تمزيق الجزائر والاعتداء على سيادتها وليست الجزائر هي من تراك تحشر على حدودها الكيان الصهيوني الدخيل على الامة العربية والمحتل لفلسطين وثالث الحرمين لتجعلها في مستوى من السذاجة حتى تصدق أن هناك كيانا دخيلا اخر غير هذا الكيان، الذي حطت طائراته وسواحه بالمغرب قبل يومين من موعد خطاب العرش وعلى البقية تدور الدوائر .