أكد رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, اليوم السبت, على ضرورة إيلاء المجاهدين ما يستحقون من “عناية وتكريمٍ”, في جزائر تتجه نحو “ترسيخِ ثقافة العرفان وتحصين الجبهة الداخلية”, معتبرا المنظمة الوطنية للمجاهدين “حصنا من الحصون الغيورة على الوحدة الوطنية”.
وفي رسالة له بمناسبة انعقاد المؤتمر ال12 للمنظمة الوطنية للمجاهدين بقصر الأمم, قرأها وزير المجاهدين وذوي الحقوق, العيد ربيقة, قال رئيس الجمهورية: “يسعدني أن أتوجه إليكم بخالص التحية وبالغ التقدير, وأنتم تعقدون مؤتمركم الثاني عشر هذا, في الوقت الذي يستعد فيه الشعب الجزائري, لإحياء الذكرى الستين لاستعادة السيادة الوطنية بعد أسابيع قليلة, وهي الذكرى التي ستطبعها فعاليات احتفائية واسعة وممتدة على مدارِ عام كامل”.
وأوضح أنه “ما كانت جزائر المجد لتحتفي بستينية استعادة سيادتها في أجواء الابتهاجِ والاعتزازِ, وفي كنف السكينة والاستقرار, في هذه المرحلة التي تشهد ديناميكية متزايدة, لبعث تنمية مستدامة وحقيقية في كل المجالات, لولا تضحيات بناتها وأبنائها, منذ أن وطأت أقدام الاستعمارِ أرضنا الطاهرة”.
وخاطب الرئيس تبون المجتمعين بالقول: “إنكم, أخواتي إخواني, من أولئك الفاعلين والشاهدين على ما قدمه شعبنا الأبي من تضحيات جسيمة, إبان ثورة التحريرِ المجيدة, فأنتم تحملون في أذهانكم صور المعارك البطولية, التي خضتموها مع رفقائكم الشهداء الأبرار, بل إن فيكم من في جسده أمارة الشجعان الأبطال, الذين أقدموا على دحرِ الاستعمار, تعلقا بالحرية والكرامة, ودفاعا عن شرف الوطن و الأُمة”.
وأضاف قائلا: “وكما كنتم بالأمس مثالا للوطنية الصرفة ونكران الذات وحب الوطن, فإنكم رابطتم في بيتكم المبارك هذا (المنظمة الوطنية للمجاهدين), منذ فجر الاستقلال حراسا لأمانة الشهداء, ورسالة نوفمبر الخالدة, لم تثنكم آثار نيران الحرب الضروس, التي تجشمتم بقناعة وإيمان مشاقها, عن مواصلة العطاء الوطني, لاسيما في المراحل الصعبة من حياة الأمة”.
وتابع يقول: “لقد كنتم دائما تحت سقف هذا البيت, حصنا من الحصون الغيورة على الوحدة الوطنية, وتلاحم الشعب في أحلك وأصعب الظروف, وحرصتم على إشاعة روحِ الاحتكام إلى الحكمة والعقل وتغليب المصلحة الوطنية والوقوف بحزم للدفاع عن المصالحِ العليا للأمة, ولا غرو في ذلك, فمازال همس الشهداء يتردد في آذانكم, ومازالت صيحات الله أكبر تذكركم بنبرات أصوات رفقائكم الذين قضوا أمام أعينكم في ساحات الوغى”.
وبهذا الصدد, ذكر رئيس الجمهورية أنه آلى على نفسه, منذ أن حظي بشرف ثقة الشعب, أن يولي “كل الرعاية للتاريخِ والذاكرة الوطنية, مدرجا هذا المسعى في خانة الواجب الوطني, الذي يمليه علينا الوفاء لنضال وكفاحِ رفقائكم الشهداء الأبرار, وهو ما يعبر في الوقت نفسه عن التقديرِ والإجلال لكم أنتم, وقد صنعتم معهم ملحمة ثورية خالدة تردد صداها في كل أصقاعِ الدنيا ومازالت منارة للحرية والانعتاق”.
وخلص الرئيس تبون إلى القول: “وإننا إذ نشيد في هذا المقام بما قدمتموه وتقدمونه من مساهمات ثمينة لكتابة التاريخ وإحياء الذاكرة من خلال تسجيل الشهادات والتوثيق للأحداث والوقائع, ونعتز بالمواقف الأصيلة الشجاعة لمنظمتكم في الدفاع عن إرث الأمة وتاريخها المجيد, وهويتها الوطنية, نؤكد بهذه المناسبة على ضرورة تعهد الأخوات والإخوة المجاهدين بما يستحقون من عناية وتكريم, في جزائر تتجه نحو ترسيخِ ثقافة العرفان, وتمتين اللحمة الوطنية, وتقوية وتحصين الجبهة الداخلية في عالم مفتوحٍ على الاضطراب والتقلبات, وفي سياق جهوي ودولي معقد ومنذر بالمخاطر, يستوجب إخلاص الإرادة, وشحذ الهمم ووحدة الصف لمجابهة التحديات وبناء الجزائر القوية المنيعة”.