اتخذ المجلس النقدي والمصرفي في دورته العادية يوم 28 أوت 2025، بقيادة محافظ بنك الجزائر السيد صالح الدين طالب، قرارات مالية مهمة تهدف إلى تعزيز قدرة النظام المصرفي على تمويل الاقتصاد الوطني، في ظل مؤشرات اقتصادية ونقدية متباينة.
تباطؤ التضخم: فرصة لتعزيز النمو
أظهرت البيانات الرسمية تباطؤ التضخم الإجمالي على أساس انزلاق سنوي ليبلغ 0,35٪ خلال شهر جويلية 2025، مقابل زيادة 6 نقاط مئوية خلال نفس الفترة من العام الماضي. أما التضخم السنوي فقد تراجع إلى 3,14٪ مقابل 6,12٪ في جويلية 2024، فيما سجل التضخم الأساسي انخفاضًا من 3,92٪ إلى 2,58٪. هذا الانخفاض المستمر في مستويات التضخم يمنح السلطات النقدية هامشًا لتطبيق سياسة أكثر توسعًا، من خلال التيسير النقدي لدعم الاستثمار والطلب الداخلي.
نمو القروض والسيولة: دفعة للنشاط الاقتصادي
وسجلت الكتلة النقدية نموًا بنسبة 3,81٪ حتى نهاية جوان 2025 مقارنة بنهاية ديسمبر 2024، نتيجة ارتفاع القروض الموجهة للاقتصاد بنسبة 5,36٪ خلال نصف السنة، مقابل 5,26٪ في كامل سنة 2024. هذا التوسع في الإقراض يشير إلى أن البنوك أصبحت أكثر قدرة على تمويل المشاريع الاقتصادية والاستثمارات، ما يتيح تحريك العجلة الاقتصادية وتعزيز نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك دعم الاستهلاك الداخلي.
أداء الاقتصاد الكلي: إشارات إيجابية رغم التحديات
أظهرت المؤشرات الرسمية نموًا اقتصاديًا قويًا خلال الثلاثي الأول من سنة 2025 بنسبة 4,5٪ مقارنة بـ4,2٪ خلال نفس الفترة من 2024، مدفوعًا بنمو قياسي للقطاعات خارج المحروقات بنسبة 5,7٪ مقابل 4,3٪ في 2024. يعكس هذا الأداء قوة مرونة الاقتصاد الجزائري واعتماده المتزايد على القطاعات الإنتاجية غير النفطية، ما يحد من تعرضه للصدمات الخارجية.
التيسير النقدي: خفض المعدل التوجيهي ونسبة الاحتياطي الإلزامي
استجابة لهذه المؤشرات، قرر المجلس خفض المعدل التوجيهي للبنك المركزي بـ25 نقطة أساس ليصل إلى 2,75٪، مع تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك إلى 2٪ بدلاً من 3٪. يهدف هذا التيسير النقدي إلى ضخ مزيد من السيولة في السوق، ما يسهل الإقراض البنكي ويحفز الاستثمار. بعبارة أخرى، يُمنح الاقتصاد دفعة قوية لدعم النشاط التجاري والصناعي، مع الحفاظ على التضخم ضمن الحدود المستهدفة.
تشير هذه الإجراءات إلى رغبة البنك المركزي في تعزيز النمو المستدام، مع مراعاة استقرار الأسعار. كما تضع هذه الخطوة الاقتصاد الجزائري على مسار أكثر مرونة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بما فيها الضغوط التضخمية العالمية أو تباطؤ الطلب الخارجي على الصادرات.