وافقت السلطات الجزائرية على ثاني مشروع فلاحي “ضخم” مع شريك أجنبي هو شركة بونيفيكي فيراريزي الإيطالية، سيتم تنفيذه في ولايتي أدرار وتقرت لإنتاج القمح والبذور، وفق أحدث التكنولوجيات، على مساحة أولية بـ36 ألف هكتار، والذي يأتي في إطار ما اتفقت عليها قيادتا البلدين في هذا القطاع.
في هذا السياق، أفادت مصادر رفيعة بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية لـ”الشروق”، بأنّ مصالحها أعطت الضوء الأخضر لمنح شركة “بونيفيكي فيراريزي” الإيطالية المتخصصة في الإنتاج والتحويل الزراعي، 36 ألف هكتار بكل من ولايتي أدرار وتقرت، من أجل إنتاج القمح والبذور، في ثاني أكبر مشروع فلاحي يقام مع شركاء أجانب في تاريخ البلاد.
وجاءت موافقة الطرف الجزائري على هذا المشروع “الضخم”، وفق ما توفر من تفاصيل لـ”الشروق”، في أعقاب محادثات أجراها مؤخرا وزير الفلاحة والتنمية الريفية، يوسف شرفة، مع فابريتسيو ساجيو، المستشار الدبلوماسي لرئيسة مجلس الوزراء الايطالي جورجيا ميلوني، الذي زار الجزائر قبل أيام، وجرى الحديث خلالها أيضا بشأن مخطط ماتاي للحكومة الإيطالية، وفق بيان سابق لسفارة روما بالجزائر.
ويجري حاليا التحضير لعملية إنهاء كافة التفاصيل المتعلقة بالمشروع بأسرع وقت ممكن، ومن المنتظر أن يجري التوقيع قبل نهاية شهر ماي الجاري على الاتفاقية الإطار، في حال أنهت أفواج العمل كافة المهام التي أوكلت إليها والمتعلقة بتفاصيل المشروع.
وفي حال تمّ التوقيع على الاتفاقية الإطار في الأسابيع المقبلة، سيبدأ تنفيذ هذا المشروع الضخم بولايتي أدرار وتقرت على مساحة 36 ألف هكتار، لإنتاج القمح والبذور بتكنولوجيات جد حديثة قبل نهاية السنة الجارية، وفق مصادر “الشروق”.
وخلال محادثات وزير الفلاحة يوسف شرفة والمستشار فابريتسيو ساجيو، تم التطرق إلى ملف التكوين والتعاون التقني في مشروع السد الأخضر وكل ما يتعلق بمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية والتكيف مع التغيرات المناخية.
وكما هو معلوم، فإن بونيفيكي فيراريزي الإيطالية تعتبر أكبر شركة إيطالية في القطاع الفلاحي والزراعي، ومدرجة في بورصة ميلانو، وكانت قد أبدت منذ 2022 اهتمامها بإطلاق مشروع لإنتاج القمح الصلب واللين في الجزائر يوجه جزء منه لسد حاجيات البلاد، وجزء يصدر إلى إيطاليا لإنتاج العجائن، بالنظر إلى أن البلد الأوربي يعتبر من أكبر البلدان في العالم استهلاكا لهذا النوع من المنتجات.
وتشير وثيقة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية إلى أن القطاعات التي سيتم تطويرها ومصنفة ذات طبيعة استراتيجية، توجه منتجاتها نحو التحويل لتلبية حاجيات السوق وكبح فاتورة الواردات، تتمثل أساسا في محاصيل الحبوب، بما في ذلك الذرة والبذور الزيتية والمحاصيل السكرية والعلف مع اشتراط أن تكون المشاريع متكاملة بمساحة لا تقل عن 250 هكتار.
ويضاف هذا المشروع إلى ذلك الذي أطلق قبل نحو 3 أسابيع من طرف شركة بلدنا القطرية، لإنتاج الحليب المجفف لأول مرة في البلاد باستثمار قدره 3.5 مليار دولار، والذي سيقام عبر 3 أقطاب، وعلى رأسها ولاية أدرار، والذي يمتد على مساحة 137 ألف هكتار، بطاقة إنتاجية تقدر بـ194 ألف طن سنويا من الحليب المجفف، ما يمثل نصف احتياجات الجزائر من هذه المادة.
وتعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المستوردة للقمح اللين في العالم، وتعد فرنسا ممونها الرئيس بقيمة ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار سنوياً، وتتعامل لتوفير الكميات المطلوبة من القمح مع 20 دولة أخرى، بينها ألمانيا والأرجنتين وبولونيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وكندا وروسيا.
وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالميا بعد مصر في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي سنويا 100 كيلوغرام، وهو ضعف النسبة في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف باقي دول العالم. ولتفادي أي ضغطٍ داخلي على الطلب وارتفاع مفاجئ للاستهلاك المحلي، قررت الحكومة الجزائرية سابقا، بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون، حظر تصدير المواد الغذائية الأساسية، كالسكر والزيت والمعكرونة والسميد ومشتقات القمح.