واستفاض الوزير الاول أيمن بن عبد الرحمان في الشق الفلاحي أين إعتبر القطاع حجر الاساس في تنمية الاقتصاد الوطني، مؤكدا أنه بلغت في سنة 2022 مساهمة هذا القطاع نسبة 14,71% من الناتج الداخلي الخام، بقيمة إنتاج فلاحي بنحو 4500 مليار دينار، أي زيادة بنسبة 31% مقارنة بسنة 2021، الذي ساهم بدوره في تشغيل 2,7 مليون شخص.
مشيرا إلى أن الهدف المتوخى خلال سنة 2023 يتمثل في الوصول إلى معدل نمو يتجاوز 8% مقارنة بسنة 2022 ، وذلك عن طريق وضع آليات تساعد بخلق ديناميكية اجتماعية تساهم في تجسيد الفعالية الاقتصادية، وتحقيق هذه النسبة (8%) على مستوى كل ولاية من ولايات الوطن حسب قدراتها ومؤهلاتها الإنتاجية، وحتى يتسنى الوصول إلى هذا المعدل، يتعين وضع خارطة عمل خاصة بكل ولاية، وذلك بانتهاج مقاربة جديدة تحت اشراف السيدات والسادة الولاة بصفتهم أطرافا أساسية في تجسيد الأهداف المسطرة.
وأشار الوزير في كلمته أن الحكومة وضعت في صميم انشغالاتها ترقية الفلاحة الحديثة القائمة على رفع مستوى الانتاج والانتاجية للشُّعب الفلاحية قصد تعزيز أسس الأمن الغذائي وفي إطار جعل هذا القطاع لبنة السيادة الغذائية المستدامة، وتخفيض الواردات، مذكرا بأن الجزائر لم تستورد بذور الحبوب منذ سنة 1995، حيث بلغت مستويات الإنتاج وتعبئة بذور الحبوب حوالي 3 ملايين قنطار سنويا المنتجة محليا، مع العلم أن الأهداف المسطرة على المدى القريب، تقضي بإنتاج حوالي 86 مليون قنطار من الحبوب في آفاق سنة 2025، مقابل حوالي 40 مليون قنطار برسم 2022، منها 36% تنتج في جنوب البلاد.
وفيما يخص بذور البطاطا ذكر الوزير الاول أن جميع الجهود موجهة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي حيث أن الانتاج الوطني بلغ حوالي 70 %من الاحتياجات الوطنية وأن الرهان يكمن في المحافظة على هذه الإنجازات وتعزيزها من حيث بلوغ الاكتفاء الذاتي التام مع تزويد المنتجين بأصناف جديدة من البذور عالية الجودة والأداء تتكيف مع الظروف المحلية بما فيها نوعية التربة وأزمات الجفاف المتكررة، وفي هذا الإطار يجب السهر على إشراك معاهد البحث والمراكز التقنية، للرفع من المردودية مع مرافقة المنتجين في انجاز مشاريعهم وضمان احترام المسار التقني.
وغير بعيد عن ضمان تزود السوق بالمنتحات الزراعية أكد بن عبدالرحمان أن الحكومة تسعى إلى رفع سعة تخزين المنتجات الغذائية الاستراتيجية لضمان ما يعادل أو يزيد عن ستة (06) أشهر من الاستهلاك، وهذا ما يستدعي تحديد الاحتياجات الحقيقية في مجال تخزين المواد الغذائية عن طريق الصوامع أو المخازن وغرف التبريد، حسب منهجية تضمن الاستغلال الأمثل والتحكم في سلسة القيمة.
فيما توقف الوزير عند مسألة ضمان أمثل الظروف لإنجاح حملة الحرث والبذر 2022-2023، مذكرا بالتوجيهات التي أسديت لمتابعة وتقييم هذه العملية مع السهر على استباق كل الصعوبات التي قد تنشأ، وذلك من خلال الاستماع للفلاحين والمتعاملين الاقتصادين المنخرطين في العملية قصد إرساء مسعى تشاركي بين الإدارة والمنتجين.
وفي هذا الصدد، عرفت السوق الداخلية استمرارية في تمويل وتزويد الفلاحين بالأسمدة وهذا على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، بسبب جائحة كورونا، والنزاعات الجيوسياسية التي أثرت على وفرة الأسمدة والمواد الأولية، التي نتج عنها ارتفاع أسعارها في الاسواق الدولية.
وعليه، وبمناسبة بداية الموسم الفلاحي ولاسيما حملة الحرث والبذر، تم رفع نسبة دعم الأسمدة من ميزانية الدولة إلى 50% عوض 20% سابقا وذلك استجابة لمتطلبات الفلاحين وتمكينهم من القيام بنشاطاتهم من أجل رفع إنتاجية المحاصيل.
فضلا عن ذلك، وتجاوبا مع ارتفاع أسعار المدخلات، فقد أعيد النظر في الأسعار المرجعية لدعم الأسمدة لاسيما تلك الواسعة الاستعمال.
وفي هذا السياق، فقد بات من الضروري تثمين هذا المسعى في إطار جهاز المتابعة والتقييم المستمر، لاسيما من قبل الإدارة، بغرض تحقيق نسبة نمو تتناسب مع مؤهلات الشعب الفلاحية ومستويات الدعم المسخر من طرف الدولة.
أما بالنسبة لإنتاج اللحوم الحمراء، فان منطقة السهوب التي تحتوي على ما يعادل 80% من الماشية الوطنية، هي السبيل الوحيد للمربيين لتلبية حاجيات السكان من اللحوم الحمراء، بحكم كونها تشكل نظامًا بيئيًا يسمح باستغلال كافة الموارد الطبيعية واحتياجات النشاط الذي يمارس بهذه المناطق.
ونظرا لأهمية هذه المنطقة وما تحتويه من مؤهلات طبيعية سانحة لتطوير شعبة اللحوم الحمراء، فقد تم وضع عدة برامج لاستغلال هذا الفضاء وخاصة المراعي الطبيعية وكذا تطوير هذا الشعبة الاستراتيجية، مما يستوجب العمل على المستوى المركزي والولائي قصد:
تحسين مردودية النشاط الرعوي بتقليص عجز العلف؛
تحسين المردودية العلفية لهذه المراعي من 30 وحدة/ هكتار إلى أكثر من 200 وحدة/هكتار للمحميات الرعوية وأكثر من 600 وحدة/هكتار للغراسة الرعوية؛
تجهيز و تهيئة الآبار الرعوية؛
دعم الاعلاف (الشعير والنخالة والأعلاف المركبة)؛
المرافقة التقنية للمربين لتحسين طرق تربية المواشي؛
تفعيل ثلاث مجمعات للذبح في المناطق السهبية (الجلفة، أم البواقي، البيض) وهذا بهدف خلق ديناميكية بين الفاعلين في القطاع ، والتقريب من مناطق الإنتاج العالي وإنشاء أقطاب لإنتاج اللحوم الحمراء؛
انجاز أكثر من 3 ملايين محمية رعوية مع تهيئة 430 ألف هكتار من الأغراس الرعوية.
وبهذا الصدد، ينبغي أن أذكر بالأهمية البالغة لعملية إحصاء الثروة الحيوانية التي ستسمح بتوفير معلومات موثوقة وقابلة للتحقق من الاتساق الحقيقي لمواردنا، لإرساء نظام ضبط يعتمد على معطيات حقيقية تمكن من وضع آليات التثمين وتسيير هذه الثروة.
وعليه، وجب تسخير كافة الوسائل البشرية والتقنية والمالية والتنظيمية لاستكمال وإصدار النتائج النهائية لعملية إحصاء الثروة الحيوانية التي يتم انجازها تحت إشراف السيدات والسادة الولاة، قصد ضمان مصداقية هذه المعلومات بهدف تحسين التقديرات ودعم اتخاذ القرار بما يتماشى مع خصوصيات وطابع كل ولاية.
أما فيما يخص تنمية وترقية تربية الدواجن العائلية والصناعية، التي تمثل وزنا اجتماعيا واقتصاديا لا يستهان به، سواءً بالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها في المنظومة الغذائية الجزائرية أو إلى حجم مناصب الشغل التي تخلقها، فإن الرهان يتمثل في العمل على استقرار أداء هذه الشعبة بضمان الوفرة مع التحكم في كلفة الإنتاج قصد الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، مما يتطلب مواصلة الجهد ومتابعة المشاريع الرامية إلى:
تأطير مربي الدواجن الذين ينشطون في مجال التربية العائلية والتي كانت تسمى من قبل مربين غير قانونيين؛
تأطير وضبط استيراد المواد الأولية الغذائية (الذرة والصويا) قصد التحكم في أسعار هذه المدخلات؛
تنمية الإنتاج وتحسين الإنتاجية فيما يتعلق بالتربية الحيوانية من خلال اقتناء القطعان وعتاد وتجهيزات التربية؛
ترقية المنتجات من خلال إنشاء ورشات للذبح والتقطيع؛
تسويق المنتجات عبر شبكة نظامية تضمن للرقابة الصحية وحماية المستهلك؛
تحديث وعصرنة وسائل إنتاج الدواجن من خلال إنجاز مذابح جديدة؛
تنمية النشاطات البعدية لشعبة الدواجن، لاسيما المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، نتيجة التحويل أو التكييف أو غيرها من هذه النشاطات.
وهنا، فإن الأمر يستوجب مواصلة الجهود والتنسيق أكثر من أي وقت، لتطوير القطاع الفلاحي بمختلف فروعه والرفع من انتاجيته لتغطية الاحتياجات الوطنية انطلاقا من الانتاج الوطني وتحقيق اكتفاء ذاتي مستدام.
والحقيقة أن تجسيد الإستراتيجية الوطنية لعصرنة القطاع الفلاحي مرهون بالانخراط الفعلي لمختلف الفاعلين والمتدخلين في مسعى السلطات العمومية، من خلال التركيز على الدعائم الأساسية لبلوغ الأهداف المسطرة وفق المحاور الآتية:
o ترقية الزراعة الحديثة والتنافسية القائمة على رفع مستوى الانتاج والإنتاجية للفروع الفلاحية بالاعتماد على الوسائل العصرية في كل مراحل الإنتاج لاسيما شعبة زراعة الحبوب والخضروات ذات الاستهلاك الواسع؛
o تحفيز الاستثمار في المجال الفلاحي لاسيما من خلال مواصلة تطهير العقار الفلاحي لاستغلاله من طرف المستثمرين الفعليين، علاوة على تبسيط الاجراءات الادارية وتسهيل اقتناء المدخلات الفلاحية، بالإضافة إلى استكمال عمليات ربط المحيطات الفلاحية والمشاريع الاستثمارية الفلاحية بالطاقة الكهربائية وتوسيع المساحات المسقية؛
o رقمنة القطاع الفلاحي من خلال وضع نظام معلومات للتحكم في الاحصائيات الفلاحية التي تشكل أداة أساسية للتخطيط وبرمجة الأعمال ومتابعة تنفيذها وتقييمها بناء على مؤشرات دقيقة وموثوقة.