الهاشمي جعبوب…صمت القبور
نواصل الرد على تهديدات السفير الفرنسي السابق بالجزائر سيئ الذكر xavier driencourt الذي يحمل كرها دفينا للجزائر و هو الذي قضى بها سبع سنوات و نصف مقسمة على فترتين.( من 2008 إلى 2012 ثم من 2017 إلى 2020).
يجب التذكير أن هذا السفيه قد داس كل الأعراف الدولية و أخل بكل القواعد الديبلوماسية التي تلزم الديبلوماسيين بواجب التحفظ على كل ما يطلعون عليه من معلومات أثناء أداء واجباتهم و بعدها، و راح ينفث سمه و حقده في كل القنوات اليمينية التي تتلذذ باستضافته بانتظام لكشف الأسرار التي اطلع عليها مع التهجم على الجزائر بمؤسساتها و مسؤوليها السياسيين و الإداريين و العسكريين .
و في إطار تحامله و هجومه المتواصل على الجزائر و أضافة إلى ما سبق نشره في الحلقة الأولى نسجل دعوته الى:
منع القناصلة الجزائريين بفرنسا من مغادرة مقاطعاتهم الإدارية إلا بإذن من وزارة الداخلية الفرنسية و تحت رقابة الشرطة لتقليص تواصلهم مع المغتربين الجزائريين، و ذلك و حسب زعمه في إطار المعاملة بالمثل، و يذكر ان القناصلة الفرنسيين بالجزائر ممنوع عليهم الخروج خارج ولايات إقامتهم إلا بالاذن المسبق و بحضور الشرطة، و يرفض التوضيح أن ذلك يدخل في إطار توفير الحماية الأمنية لهم و أن نفس المعاملة يعامل بها كل الديبلوماسيين المتواجدين بالجزائر و لا اي بلد إنزعج من ذلك بل يرحبون به و يرونه حماية و احتراما لممثليهم، ثم يواصل قائلا بأنه زار 47 ولاية من مجموع 48 و أنه و حسب زعمه كان يلقى الترحيب من طرف الشعب على عكس المسؤولين الذين كانوا يجيدون فن إهانته عندما يريدون. ( ربما كان ينتظر أن يستقبل بالورود و البارود و كأنه مسؤول جزائري في زيارة تفقدية).
و السؤال الذي يطرح نفسه هو من كان يسمح له بهذه الزيارات لكل ولايات الوطن و كأنه وزير الداخلية بالجزائر و ليس مجرد سفير دولة أجنية كان يجب ان يطبق عليه ما يطبق على غيره من قواعد انضباطية و كان عليه أن يلتزم بحدود ما يقتضيه البروتوكول و الأعراف، أم أنه كان يتمتع بما لا يحظى به السفراء الآخرون أم تراه كان متمردا على الدولة الجزائرية و هو بأراضيها؟ ( معذرة شهداءنا الأبرار).
و يواصل تهجمه بالقول بأن المسؤولين الجزائريين مصابون بانفصام الشخصية ( la schizophrénie) بحيث أنهم ينتقدون فرنسا صباحا و يطلبون منه التأشيرة لأفراد أسرهم في المساء و كأنه يريد أن يقول ان التأشيرة لا تمنح إلا لمن يمجد فرنسا و يسبح بحمدها، و هذا شرط غريب ما اشترطته أية دولة إلا دولته التي تتبجح بأنها دولة حرية الرأي و العدالة و المساواة و الأخوة. إن محاولته تعميم هذا الحكم على كل المسؤولين الجزائريين فيه مغالطة كبيرة يرمي من خلالها الزيادة في الإساءة للجزائر إشباعا لروح الكراهية التي تسكن قلبه.
ثم يواصل قوله مستهزئا بأن المسؤولين الجزائريين لا يردون على مكالماته الهاتفية و يقطعون هواتفهم بمجرد رؤية إسمه على شاشاتها (خوفا أو تهربا منه) و إذا ما حاول الإتصال بهم بواسطة أمانتهم يكون الرد دائما بأنهم غائبون أو مشغولون في اجتماعات لا تنتهي، ( و كأنه نصب نفسه مسؤولا عنهم أو محاسبا لهم).
لقد غاب عند ذهن هذا السفيه أن هذا الحكم لا ينطبق إلا على الصنف الذي تعرف عليه من المسؤولين المذلولين الذين منحوه أرقام هواتفهم الخاصة، و أنه بذلك يكون قد أعطى لنفسه الحق في مكالمتهم وقت ما يشاء و أنهم ملزمون بالرد عليه و كأنهم أزلام عنده، و إلى هذا الحد ساءت الأمور و هوت و ابتذلت هيبة الدولة و هكذا يكون الحال إذا ما أعطيت القوس لغير باريها و أسندت خدمة البلاد لغير محبيها.
و إذا كان السفير Xavier يظن أن كل المسؤولين الجزائريين هم على شاكلة من عرف فهو بكل تأكيد لم يعرف شيئا عن الجزائر و الحمد لله
اما عن قضية (بوعلام صنصال) فله قراءة خاصة به، حيث يرى أن الجزائر أقدمت على توقيف هذا المفتري لإهانة فرنسا و لبعث رسالة قوية لباقي الأدباء و الكتاب المعارضين من أمثال كمال داود مفادها ان الجنسية الفرنسية لا تصلح لشيء و انها لن توفر لهم الحماية من متابعات العدالة الجزائرية، و يرفض الاعتراف أن (بوعلام) أوقف لارتكابه جريمة في حق الجزائر.
و لتبسيط القضية أقول له، كيف كان سيكون رد فعله و رد فعل دولته فرنسا و الكيان الصهيوني لو تجرأ (بوعلام) و أنكر المحرقة و أيهما أخطر و أكبر ظلما نكران وجود دولة أم نكران وقوع جزئية تاريخية غير مؤكدة؟
و في خضم تحامله على الجزائر لم ينس ان يذكر امام الحاضرين على بلاطو التلفزيون الذي استضافه، أنه جد حزين لتوقيف صديقه (بوعلام) الذي توسل ذات يوم هو و صديقه الكاتب كمال داود للرئيس ماكرون عندما زار الجزائر قائلين له بتودد كبير : ” السيد الرئيس نحن صوت فرنسا بالجزائر فالرجاء لا تتخلى عنا” (Monsieur le president nous sommes la voix de la France en Algérie ne nous abondonnez pas s’il vous plaît.
و للظهور بمظهر العارف بخبايا الجزائر و بأسرارها بما نسج من علاقات طيلة تواجده بها، و بما يملك من معارف و جواسيس، يقول للحاضرين معه و بكل تبجح و افتخار أنه يعرف جيدا المصلحة الطبية التي يتواجد بها صنصال داخل مستشفى مصطفى الجامعي ثم يردف بنبرة حادة مشبعة بروح التحدي قائلا أنه يستطيع حتى تحديدها لهم بكل دقة عن طريق تطبيق google earth و هو بذلك كأنه يعرض خدماته على القوات الفرنسية إذا ما فكرت في إختطاف الموقوف بوعلام !..
و رغم خوفه المزعوم على (بوعلام) يرفض الإشادة و لا حتى الإشارة إلى العناية الطبية التي لقيها صديقه بالجزائر من طرف الأساتذة الاطباء الذين أجروا له الفحوصات و التحاليل الطبية المعمقة و اكتشفوا مرضه الذي كان يجهله و لم يتطفن له لا هو ولا الاطباء الفرنسيون الذين كان يقيم بينهم، و هو الآن محل عناية و متابعة طبية يومية، و هنا افتح قوسا لأتمني له الشفاء و لا أدعو له به كونه ملحدا لا يؤمن بالله.
هذا الصنصال الذي فضحه الفيديو المسرب هذه الأيام و هو يتوسط مجموعة من الإسرائيليين بتل أبيب يقص عليهم كيف استطاع لوحده جر الجزائر إلى المشاركة في منتدى دافوس forum de davos عام 1996 بعد ان اقنع صديقه الوزير عبدالسلام بوشوارب بالفكرة،( ذرية بعضها من بعض) و كيف إلتقى بممثل إسرائيل على هامش ذلك الملتقى…
و في الاسبوع الماضي و بعد رفض الجزائر إستقبال المؤثر الجزائري بوعلام نعمان الذي ابعدته فرنسا بتهمة التحريض على العنف، انبرى السفير السفيه xavier كعادته للاحتجاج و اقتراح الرد بالثقيل على الجزائر بسلسلة من الإجراءات الردعية أولها منع طائرات الخطوط الجوية الجزائرية من الهبوط بمطارات فرنسا لحرمان الجزائريين من السفر و إثارة حفيظتهم و تأليبهم ضد مسؤولي بلدهم و إسقاط النظام الذي يرفض التعامل مع فرنسا!..
و بالطبع نسي هذا المتطاول أن يصنف أقوال صنصال عن تاريخ الجزائر و شهدائها و عن الاسلام في خانة زرع الكراهية و الدعوة إلى العنف كما فعل مع أقوال المؤثر بوعلام بل صنفها في خانة حرية التعبير مادام الأمر يتعلق بالجزائر و ليس بفرنسا.
و نسي كذلك و كل مواطنيه الذي تناولوا هذا الموضوع أن يعترفوا أن سبب رفض الجزائر استقبال المؤثر بوعلام نعمان موضوعي و مؤسس قانونا و يهدف إلى تمكين المعني بالأمر من البقاء بفرنسا للدفاع عن نفسه أمام محاكمها لا غير، و لكنها الكراهية التي تعصر قلوبهم و الغرور و الكبرياء اللذان يفقدان البصيرة و يشلان المخ عن التفكير الموضوعي في الأشياء و الأحداث و هذا ما يحول بينهم و بين رؤية الأمور على حقيقتها و هذا بالتأكيد و سبب هذا التيه و فقدان البوصلة و غرق الطبقة السياسية الفرنسية في فنجان قهوة…
و لم يكتف السفير سيء الذكر بالتحامل على الجزائر و التحريض على كراهيتها بل وصل به الحقد إلى التحامل على الشخصية السياسية الفرنسية الأكثر إتزانا في المشهد السياسي الحالي السيد Jean luc mélenchan رئيس حزب فرنسا المتمردة la France insoumise لأنه وقف مع الحق و مع القانون الدولي في الخلاف القائم بيننا و بين فرنسا و رفض التصعيد و دعى على لسان رىيسة مجموعته البرلمانية المتالقة السيدة Mathilde Panot إلى توقيف الحملة المسعورة التي يقودها اليمين المتطرف ضد الجزائر بدعم الصهيونية العالمية.
و هكذا يتضح جليا أن الشغل الشاغل لهذا السفير و مهمته الأساسية بعد إحالته على التقاعد هو التحامل و التآمر على الجزائر و يظن نفسه يمتلك أدوات المؤامرة التي من شأنها ان تطيح بها إذا لم تستجب لأوامر فرنسا، و هو بكل تأكيد واهم و لم يحفظ الدرس مثله مثل من سبقوه و حاولوا طيلة 132 سنة و غادروا الجزائر مذلولين يجرون أذيال الخيبة و الهزيمة…( صعيييبة عليك الجزائر يا سعادة “السفيه”، صعييييبة بزاف).
و لان المؤامرة أخذت طابعا وطنيا في فرنسا فلقد تسابق المسؤولون الفرنسيون بإلقاء دلائهم فيها محاولين الضغط على الجزائر ، و هنا نسجل تصريح الرئيس ماكرون ،macron الذي يقول فيه و بخبث كبير بأن صديقه بوعلام موقوف بصفة تعسفية من طرف النظام الجزائري ( و لم يقل من طرف الجزائر) و ذلك بحثا عن عزل النظام عن الشعب في رأيه ، هكذا ينظرون إلينا كلعبة بين أيديهم و هذا هو حكمهم علينا و هذا هو سبب إخفاقاتهم في دسائسهم المتكررة ضدنا.
ثم يزيد ماكرون في تطاوله و و يتجرأ يطلب إطلاق سراحه فورا و كأنه يخاطب رئيس بلدية مارسيليا و ليس دولة مستقلة ذات سيادة إسمها الجزائر. و ربما هذا ما شجع وزيره للداخلية bruneau rétailleu إلى التصريح بأن الجزائر أرادت إهانة فرنسا برفضها استقبال المؤثر بوعلام دحمان و بأن الوضع معها بلغ عتبة مقلقة جدا.
و من جهته تبنى وزير العدل darmanin مقترحات السفير و عدو الجزائر xavier و نادى إلى إلغاء إتفاقية 1968 و الإعفاء من التأشيرة الممنوح للجزائريين الحاملين جوازات سفر ديبلوماسية، (و لقد فصلنا في هذا الأمر في الحلقة الماضية).
و امام تسارع هذه الأحداث ، أعرب وزير خارجية فرنسا Jean- Noel barrot عن رغبته في زيارة الجزائر لتدارس الموضوع شريطة تلقيه دعوة رسمية من طرف زميله الجزائري، و هو الطلب الذي رفضه رفضا قاطعا وزيرنا للخارجية السيد أحمد عطاف لما فيه من تعالي ترفض فرنسا التخلي عنه. فشكرا و ألف شكر للسيد احمد عطاف.
هذه مجمل الوسائل و الإجراءات التي لوح بها الرسميون و غير الرسميين الفرنسيين لتخويف الجزائر التي ظل مسؤولوها يراقبون الوضع عن بعد و لم يدخلوا معهم في متاهات الكلام الفارغ.
و لما قرر السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الاعفاء على المساجين و على بعض الموقوفين على ذمة التحقيق، سارع الفرنسيون إلى القول بأن الجزائر قد رضخت لأوامر فرنسا و أن هذا الإجراء الاستثنائي من حيث المضمون و التوقيت إنما جاء كغطاء لحفظ ماء الوجه لإطلاق سراح بوعلام صنصال، و تسابقت الابواق الإعلامية اليمينية في استقراء هذا القرار الرئاسي الجزائري (و باعت جلد الدب قبل اصطياده) و اجمعت كلها على قرب تسريح بوعلام و عودته إلى فرنسا منتصرا مزهوا، ممشوق القامة مربوط الشعر، بل هناك بعض المتزلفين من الخونة الجزائريين بأوروبا من سارع إلى القول بأن بوعلام صنصال أفرج عنه و أنه يتجول بشوارع باريس !…
غير أن خطاب السيد رئيس الجمهورية امام البرلمان بغرفتيه و وصفه له بالعميل المبعوث في مهمة استفزازية فاجأهم و لما لم يفرج عنه اسقطهم أرضا و فعل بهم ما كان يفعل اللاعب الدولي عصاد بمنافسيه عند مراوغاتهم باستعمال تقنية الغراف…
اعتذر عن طول المنشور و أختمه بتوجيه نداء في فائدة العائلات هذا نصه:
تبحث السيدة المحترمة المبجلة و سيدة الحرائر “الجزائر” عن أبنائها من ساسة و كتاب و شعراء و فنانين و جامعيين و جمعويين و صحافيين و إعلاميين و علماء و دعاة و مؤرخين و محامين و قانونيين و باحثين و رسامين و نحاتين و إطارات عاملين و متقاعدين من الجنسين، الذين اختفوا عن المشهد و غابت صورهم في الشاشات و انطفأت أصواتهم في القنوات و جفت اقلامهم في الصفحات و لم تسمع لهم همسا في الدفاع عنها في هذا الظرف العصيب ، انها تتمنى ان لا يكون قد أصابهم مكروه، و ان الخوف من فقدان تأشيرة فرنسا لم تنسيهم حلاوة الحليب الذي رضعوه من ثديها و نقاوة الهواء الذي استنشقوه و الخيرات التي تنعموا بها في ربوعها و ان اليوروات les euros الممنوحة لهم عن سويعات التدريس و العمل كمتعاقدين ( محظوظين) بالمؤسسات الفرنسية لم تنسيهم أصولهم, و تطلب من كل من يلتقي بهم تبليغهم هذا النداء العاجل فلعل و عسى…
دمتم في رعاية الله و حفظه و في خدمة الوطن الغالي المفدى.