تمهيد : حول جدوى المشاركة والمقاطعة في الانتخابات.
بالرجوع إلى المواثيق والنصوص الدولية ولاسيما، نص المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ثم المادة 13 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، نجدها جميعا، تؤكد على أن المشاركة كحق لجميع المواطنين وواجب عليهم أيضا، لإرساء قواعد الديمقراطية وتحقيق السلم والأمن المجتمعي، وبالتالي فإن المقاطعة تشكل إحدى تحديات السير بالمجتمع تجاه الديمقراطية وفرض الإرادة الشعبية عبر التواجد منذ التسجيلات في اللوائح، لقطع جزء من طريق طويل على الأقل في العملية، والتصدى ولو جزئيا للسماسرة الذين يعيثون فسادا في اللوائح الاسمية ويسجلون الموتى ويجيشون بأسماء وهمية في بعض القرى والدوائر الانتخابية، للظفر بمقعد في الاستحقاقات الانتخابية.
إن المشاركة والحضور في عين المكان أثناء بدء التسجيلات الجديدة و مراجعتها وتحيينها تعد مرحلة مفصلية في مجمل العملية الانتخابية وسيرها، وأن السهر على نزاهتها وسلامتها من خلال الملاحظة والمراقبة تضفي عليها هالة الشرعية والمصداقية، ولذلك فإن المقاطعة بداية تضر بالمجتمع ولا تؤدي إلى السير بالاتجاه الصحيح، رغم أنها تعكس مواقف سياسية ومؤشرات معينة، لكنها لا تفيد المواطن الذي يسعى إلى التغيير، وبالتالي لا تؤدي إلى الاستقرار والسلم الاجتماعي ، كما أنها تشكل أيضا “مساهمة سلبية ” في استمرار الأحوال غير المرغوب فيها في المجتمعات المعاصرة، ولاسيما العربية والإفريقية منها.
أولا: الملاحظة المستقلة كآلية من آليات المراقبة:
تعد مرحلة الملاحظة المستقلة، عاملاً معتبراً في العملية الانتخابية وسيرها، فهي على الأقل، تعمل على إرباك بعض الحسابات لكثير من المفسدين للعمليات الانتخابية و على تعزيز دور الملاحظ، من خلال تواجد المراسلين واستعمال الكاميرات الرقمية والهواتف الذكية وآلات التصوير،كوسائل توثق اللحظة والخرق، و استعمالها كأداة إثبات أثناء تقديم الطعون إلى الجهات المعنية () .
ثانيا: مفهوم الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات:
ينصرف مفهوم الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات، ليشمل كل عملية تهدف، إلى التتبع الميداني لسير العمليات الانتخابية وتجميع معطياتها بموضوعية وتجرد وحياد، وتقييم ظروف تنظيمها وإجرائها ومدى احترامها للقواعد الدستورية والنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات والمعايير الدولية. ( )
وإذا كانت العديد من البلدان ومنها العربية، لا تفرق بين الألفاظ المستعملة : المراقبة – المتابعة أو الملاحظة، كمترادفات وترجمة لكلمة واحدة في اللغة الانجليزية. Election Observation تنتهي بوضع تقرير المراقبة.( ). إلآ أن تمييز الملاحظ عن الأطراف الأخرى، و خاصة منهم المراقبون المؤهلون من قبل السلطة المكلفة بالانتخابات، و ممثلو القوائم المترشحة، جدير بالاهتمام لاختلاف الأدوار.
فكثيرا ما يطرح التساؤل حول ماهية الملاحظ أو المراقب ودورهما في مراقبة المسار الانتخابي والاستفتائي ؟.
ولتوضيح ذلك سنتطرق تباعاً للتمييز بين المراقب والملاحظ، ودور كل منهما:
1/ التمييز بين المراقب والملاحظ:
إن الإجماع منعقد، على أن كل من الملاحظ والمراقب،يعدان العين الساهرة التي تلتقط مسار العملية الانتخابية، منذ انطلاقها أي { لحظة إيداع مشاريع ومقترحات النصوص القانونية الانتخابية المنظمة للعملية ككل، على طاولة النقاش بين الفاعلين السياسيين وفي داخل أروقة البرلمان}، مروراً بانتزاع أول دور قانوني في مجال عملية المراقبة، وصولاً في المرحلة التالية، إلى تحديد دور هيئات الرصد التي يجب أن تنطلق منذ البداية، إذ لا ينبغي حصر العملية في مجرد يوم الاقتراع بل تتعداه إلى مرحلة ما بعد ذلك، ألا وهي الرصد والمتابعة وتسجيل الملاحظات وتقديم النتائج والتقارير.
ومن هذا المنظور كلاهما يراقب الانتخابات.
فالإقرار بهذا الدور قانوناً وتنظيماً، يطرح تحديات جمة أمام هيئات المراقبة، سواء تعلق الأمر بمقتضيات التكوين وتقوية القدرات أو بتطوير وإبداع آليات أكثر فعالية في مجال المتابعة والرصد الانتخابي.( )
فالملاحظ يمكن اعتباره في كل انتخابات بمثابة ” الضامن ” لنجاح مسار التجربة الديمقراطية الفتية، ( ) وهو قد يختلف عن المراقب في الأدوار.
فالملاحظ يتبع لجمعيات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية أو البعثات الدولية.
في حين يتم اعتماد المراقب من طرف الهيئة المشرفة على الانتخابات. ()
2/ : من حيث الأدوار: في مجال”المراقبة و الملاحظة”.
يتقارب مفهوم المراقب من الملاحظ، من حيث دور كل منهما و تأثيره، في منظومة الانتخابات القائمة في العديد من البلدان. فالانتخابات غالبا ما تمر عبر مرحلتين اثنتين (ضبط مدة محددة …. كذا يوم ) قبيل يوم الانتخاب، و يوم الانتخاب.
أ) دور المراقب في مراقبة المسار الانتخابي
يسهر المراقبون على منع كل مرشح بدأ حملته الانتخابية بأي وجه من الأوجه قبل التاريخ المحدد، و من فعل ذلك يستبعد من الانتخابات، و هؤلاء المراقبون هم الأجهزة المكلفة بتحضير وتنظيم وتسيير والإشراف الكلي للعملية الانتخابية ومتابتعتها إلى غاية الإعلان قبل النهائي لنتائجها مركزيا ،( كالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بامتداداتها المحلية و الولائية).. ()
ب) دور الملاحظ في مراقبة المسار الانتخابي.
يمكننا على ضوء الممارسة والنصوص المنظمة للملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات والاستفتاءات، تحديد دور الملاحظ في مجالات المسار الانتخابي في= التسجيل- الترشح – الحملة الانتخابية – يوم الاقتراع. بمعنى ان دوره يبرزأساساً خلال فترة الحملة ويوم الاقتراع ، فهو الساهر على حسن سير عملية الاقتراع في المكتب عبر مختلف مراحلها، وهو قوة ضغط، و قوة اقتراح، خاصة عند تكرر التجاوزات ، فهو يقوم بتدوين حالات الإخلال بسير العملية الانتخابية في سجل يرفق تباعا بمحضر الجلسة الختامي اثر انتهاء عملية الاقتراع و الفرز.
• أثناء فترة الحملة: يكمن دور الملاحظ في ملاحظة التجاوزات ( رشاوي،استعمال أساليب إقناع غير مسموح بها ، دعوة السلطة للتدخل أثناء الحملة لمنع احد المرشحين أو غيرها من التجاوزات ).
• في يوم الاقتراع : يقوم الملاحظ المعتمد بهذه الصفة والذي ( يمكن التعرف عليه بواسطة شارة البادج المحمول)، بتتبع عملية الاقتراع و الإشعار بالتجاوزات الممكنة و احترام معايير مكاتب الاقتراع و بدء العملية و نهايتها في الوقت المحدد لها.
ولنجاح الملاحظة المستقلة،ينبغي أن تتم عن طريق وسائل التكنولوجيا الحديثة،بالسماح للملاحظين بأخذ صور و مقاطع ڤيديو للتجاوزات و تحميلها عبر موقع إلكتروني لعملية الملاحظة وتنظيمها واستعمالها في حدود ما يسمح به القانون، كوسيلة ضغط على الدولة و مؤسساتها من أجل التحرك بسرعة و إيقاف التجاوزات، مما يضفي على عملية الملاحظة و المراقبة مصداقية أكثر.
فمن الواضح إذن أن دور الملاحظ والمراقب يختلف من مكان إلى مكان،
فدور المراقب يبرز دائما في فترة الحملة الانتخابية،
بينما يبرز دور الملاحظ في الغالب يوم الاقتراع،
والجدير بالملاحظة، أنه دائمًا ما يتم التركيز على دور الجميع ” الملاحظ والمراقب والمتابع …. ” فقط عند بداية الحملة الانتخابية.
ولعل مرّد ذلك لغياب المراقبة في عمليات تسجيل الناخبين، وذلك بالرغم من أهميتها واحتياجاتها أكثر، لوقت أطول.
وحتى يتسنى التكفل أفضل بالعملية الانتخابية ككل، قبل وأثناء انطلاق الحملة الانتخابية ينبغي التركيز على :
*- كيفية اختيار الملاحظين، و أهمية تكوينهم- و الجهة المكلفة بالتكوين- والشروط الواجب توافرها لممارسة الملاحظة وكذا حقوقهم وواجباتهم والجزاءات المترتبة على الإخلال بها.( )
ثالثا: بخصوص انتقاء الملاحظين وتكوينهم وطرق ممارسة الملاحظة المستقلة وشروطها والحقوق والواجبات والجزاءات المترتبة على الإخلال بها.
1/ بخصوص شروط انتقاء الملاحظين:
يتم اختيار الملاحظين، من أهل الثقة، عن طريق شبكة العلاقات الموسعة، و كل من تتوفر فيه روح المواطنة و التطوع و القدرة على استعمال التقنيات الحديثة للاتصال.
2/ بخصوص التكوين ،مدته والجهات المكلفة بالتنظيم.
غالبا ما تلجأ السلطة المشرفة على العمليات الانتخابية و الاستفتائية ( في إطار المساعدة الفنية والتعاون مع المنظمات الدولية والمؤسسات المتخصصة الداعمة.( )، إلى تنظيم دورات تكوينية لصالح الملاحظين والمراقبين،لتمكينهم من التعرف على كافة الحوادث المحتملة التي تحول دون حسن سير العملية الانتخابية، وتلقينهم كيفية الإجابة عن الأسئلة و شرح برنامج الجدولة الموازية للأصوات.
3 / طرق ممارسة الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات:
تمارس الملاحظة من خلال إعداد تقارير بشأن سيرورة العملية الانتخابية و تتضمن ملاحظات الجهات المعدة لهذه التقارير، وعند الاقتضاء، توصياتها التي ترفعها إلى السلطات المعنية المحددة قانونا.
4/ الشروط الواجب توفرها للقيام بملاحظ الانتخابات .
من بين الشروط العامة المطلوب توافرها في المقترحين للقيام بمهمة ملاحظ الانتخابات والاستفتاءات( على المستوى الوطني)، نذكر ما يلي:
• ألا يكونوا مترشحين في أية دائرة من الدوائر الانتخابية برسم الانتخابات الجاري تنظيمها.
• أن يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية.
5/ الجهة المخولة بممارسة الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات.
يمكن أن تتولى مهام الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات كل من:
• المؤسسات الوطنية المؤهلة بحكم القانون .
• جمعيات المجتمع المدني الفاعلة المشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان ونشر قيم المواطنة والديمقراطية، المؤسسة بصفة قانونية والمسيرة وفق أنظمتها الأساسية؛
• -المنظمات غير الحكومية الأجنبية المؤسسة بصفة قانونية طبقا لتشريعاتها الوطنية والمشهود لها بالاستقلالية والموضوعية والمهتمة بمجال ملاحظة الانتخابات.
6/ كيفية الحصول على الاعتماد ؟
يتعين على الجهات المؤهلة والراغبة في القيام بمهام الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات، بمناسبة تنظيم العمليات الانتخابية و الاستفتائية، القيام بما يلي :
• توجيه طلب، عبر ممثلها القانوني، للحصول على الاعتماد للجهة المختصة باعتماد ملاحظي الانتخابات المنصوص عليها قانونا.وذلك وفق استمارة تعد لهذا الغرض، تعبأ إلكترونيا، وترفق بالوثائق المحددة.
• احترام الأجل المحدد لاعتماد ملاحظي الانتخابات.
وينطبق هذا الإجراء على الطلبات المقدمة إلى اللجنة المختصة، من قبل المنظمات غير الحكومية الأجنبية بواسطة ممثلها القانوني( ).
7/ حقوق وواجبات ملاحظي الانتخابات والاستفتاءات ( )
1/7- حقوق ملاحظي الانتخابات والاستفتاءات العامة:
يتمتع ملاحظي الانتخابات المعتمدين بجملة من الحقوق منها :
أ) حرية التنقل بسائر أرجاء التراب الوطني للقيام بمهام ملاحظة الانتخابات التي اعتمد من أجلها؛
ب) الحصول على المعلومات المتعلقة بسير العمليات الانتخابية التي اعتمد من أجل ملاحظتها، وإمكانية إجراء كل لقاء أو مقابلة مع المتدخلين فيها؛
ت) حضور التظاهرات والتجمعات العمومية المنظمة في إطار الحملات الانتخابية؛
ث) ولوج مكاتب التصويت ومكاتب التصويت المركزية ولجان الإحصاء، للقيام بمهام الملاحظة والتتبع لعملية الاقتراع وفرز الأصوات والإعلان عن النتائج؛
ج) التواصل مع مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة بعد الإعلان عن نتائج الاقتراع ؛
ح) عقد لقاءات مع كل الفاعلين في العملية الانتخابية لمناقشة خلاصات عملهم وتوصياتهم المقترحة في الموضوع، وذلك خلال فترة إعداد التقرير ؛
خ) إعداد تقارير لتقييم سير العمليات الانتخابية ونتائجها، و إحالتها على الجهة المعتمدة و اللجنة المختصة.
2/7- التزامات ملاحظي الانتخابات والاستفتاءات العامة ؟
يلتزم ملاحظو الانتخابات المعتمدين بجملة من الواجبات منها :
أ) احترام سيادة الدولة ومؤسساتها وسلطاتها والقوانين والأنظمة الجاري بها العمل والمعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
ب) عدم الإخلال بالنظام داخل مكاتب التصويت موضوع عملية الملاحظة، واحترام النظام العام أثناء التجمعات والتظاهرات العمومية المنظمة بمناسبة الحملات الانتخابية؛
ت) الإدلاء ببطاقة الاعتماد للسلطات العمومية ولرؤساء مكاتب التصويت كلما طلب منه ذلك وحمل الشارة التي تعدها اللجنة بغاية التعريف بهويته؛
ث) الموضوعية والاستقلالية والنزاهة والحياد والتجرد وعدم التحيز في تتبع سير العمليات الانتخابية وتقييم نتائجها؛
ج) عدم التدخل في سير العمليات الانتخابية واحترام سرية التصويت، وعدم التأثير على حرية الاختيار عند الناخبين؛
ح) بعدم إصدار بيان أو بلاغ أو تعليق أو تصريح لوسائل الإعلام المكتوبة أو السمعية أو البصرية أو الإلكترونية قبل انتهاء العمليات الانتخابية وقبل إعلان النتائج النهائية العامة للاقتراع.
وفي المقابل، تتكفل الجهة المعتمدة للملاحظة بتمويل المهام المنوط بها.
8/ الجزاءات المترتبة على الإخلال بالالتزامات.
في حال إخلال الملاحظ بالتزاماته وتعهداته، ولاسيما بمقتضيات الميثاق الخاص بملاحظة الانتخابات( ) يتعرض لما يلي:
أ) سحب بطاقة الاعتماد من الملاحظ وكذا الشارة المسلمة له من طرف الجهة المعنية. وإعادتها مباشرة بعد سحب الاعتماد إلى الهيئة المعتمدة آو للجنة الخاصة باعتماد الملاحظين.
ب) المنع الفوري من القيام بمهام الملاحظة. وبالتالي يمنع عليه إصدار أي بيان أو بلاغ أو تعليق أو تصريح بوسائل الإعلام المكتوبة أو السمعية أو البصرية أو الالكترونية.
والجدير بالذكر أن قرار السحب والمنع، يبلغ إلى الجهة المعتمدة التي اقترحت الملاحظ المخالف، ويتم تنبيهها إلى ضرورة تقيد ملاحظيها بميثاق المبادئ والضوابط الأساسية لملاحظة الانتخابات.( )
9/ موقف المشرع الجزائري من الملاحظة المستقلة في الانتخابات والاستفتاءات .
1/9- قبل إحداث اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات:
بالرجوع إلى المنظومة الانتخابية الوطنية ومنها: القانون العضوي رقم 16-10 المؤرخ في 25 آوت 2016 المتضمن نظام الانتخابات نجد أن المشرع الجزائري لم يفرد للملاحظين مركزا قانونيا مستقلاً، فقد استعمل في الباب الخامس من القانون المتعلق بمراقبة عمليات التصويت والمنازعات الانتخابية ولاسيما في المواد164-165 مصطلح: أعوان الاستشارات الانتخابية، والأعوان المكلفون بالعمليات الانتخابية، وأعضاء مكتب التصويت، كما استعمل في المادة 166 من القانون عبارة : “الممثلين” والمقصود بهم، ممثلي المترشحين/ في مراكز التصويت، ممن تتوفر فيهم صفة المؤهلين قانونا. ( المادة167/1). وذلك دون تحديد الجهة المخولة بمنح التأهيل أو الاعتماد والشروط المتعلقة بالممارسة.( )
ولعل ذلك ينسجم في ظل هذا القانون، واضطلاع الإدارة بعملية تنظيم ومراقبة العمليات الانتخابية بواسطة أعوانها ومع مسؤوليتها بخصوص إجراء الاستشارة الانتخابية (م160 من القانون) ، وذلك قبل إحداث اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات كآلية إشراف(م168)( ) واللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المنصوص عليها في المادة 171 من نفس القانون.
2/9- بمجيء القانون العضوي الجديد للانتخابات 21-01 ( )
أكّد المشرع الجزائري في المادة 7 من القانون العضوي، على جعل إدارة العمليات الانتخابية ومراقبتها، من اختصاص السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات طبقا لأحكام دستور نوفمبر2020.( ) فالمادة 10 من القانون العضوي 21-01- تولي السلطة المستقلة الصلاحيات التالية:
• الإشراف على العمليات الانتخابية والاستفتائية،
• اعتماد ممثلي المترشيحن لمراقبة عمليات التصويت داخل مراكز ومكاتب التصويت .{بمعنى ممارسة المراقبة الداخلية}.
• التنسيق مع الجهات المختصة للعمليات التي تندرج في إطار البعثات الدولية لملاحظة الانتخابات واستقبالها وانتشارها ومرافقتها.{بمعنى ممارسة الملاحظة الخارجية}.
والملاحظ أن المشرع الجزائري، الذي خصص الباب الأول من القانون 21/01- لإدارة العمليات الانتخابية ومراقبتها،لم يدرج المراقبة ضمن اختصاصات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، مفضلاً استعمال عبارة: الإشراف على مجموع العمليات الانتخابية، وترك مهمة مراقبة عمليات التصويت{ داخل مراكز ومكاتب التصويت} لممثلي المترشحين المعتمدين من قبلها.(م.10/3 من القانون العضوي).
فالمشرع لم يستعمل مصطلح ” الملاحظة ” إلا بمناسبة تحديد صلاحيات السلطة، في مجال التنسيق مع الجهات المختصة، للعمليات التي تندرج في إطار” البعثات الدولية” لملاحظة الانتخابات واستقبالها وانتشارها ومرافقتها.(م10/3 السالفة الذكر). كما استعمل في المادة12/1 مصطلح الملاحظة بمفهومه الواسع، أي بخصوص إلزام السلطة المستقلة بإخطار السلطات العمومية المعنية بأي ملاحظة تتعلق بأي خلل أو نقص يسجل، من شأنه التأثير على تنظيم العمليات الانتخابية والاستفتائية وسيرها، بمعنى أن السلطة هي التي تتولى عملية الملاحظة ؟.
إن المشرع الجزائري، مطالب أسوة بغيره من التشريعات المعاصرة و بعض المغاربية منها، العمل على تخصيص الملاحظة المستقلة للانتخابات وممارستها، مركزا قانونيا وتنظيما خاصاً، لما لهذه الأداة من أثر في إضفاء الشرعية والنزاهة على العمليات الانتخابية والاستفتائية وسيرها.فهو نقص يتعين تداركه.
ملتقى حول مراقبة الانتخابات.
مداخلة – د. سعيد مقدم
الأمين العام لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي
جامعة الوادي
الوادي7/4/2021