بيان اللجنة الوزارية للفتوى بخصوص شهر رمضان المبارك
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
فإن الشعب الجزائري على غرار الأمة الإسلامية سيستقبل شهر رمضان الفضيل المبارك، شهر القرآن والطاعات، وشهر التكافل والتآزر والتراحم، وهو الذي كان يبشر المصطفىﷺ بقدومه فيقول :” هذا رمضانُ قد جاءَكم، تُفتَّحُ فيهِ أبوابُ الجنَّةِ، وتغلَّقُ فيهِ أبوابُ النَّارِ، وتسلسلُ فيهِ الشَّياطينُ ” النسائي.
وبهذه المناسبة اجتمع أعضاء اللجنة الوزارية للفتوى في مقر وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، يوم الخميس 26 شعبان 1445هـ الموافق 07مارس 2024م، للنظر في بعض المسائل المتعلقة بهذا الشهر المبارك، وأصدروا البيان الآتي:
1_ الحرص على استقبال شهر رمضان بتجسيد المعاني الإيمانية صياما وقياما وسلوكا، قال ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [البخاري ومسلم]، وقال كذلك: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [البخاري ومسلم].
2- الدعوة إلى تعلم فقه الصيام وفق المرجعية الدينية الوطنية، وتلقيه عن أهل الذكر، والرجوع في الفتوى إلى أصحاب الخبرة والاختصاص، لا سيما فيما يتعلق برخص الصوم للمرضى والحوامل والعجزة وأصحاب الأعذار؛ إذ إن الحكم الفقهي مؤسّس على التكامل بين النظرة الفقهية والخبرة الطبية، وعليه فلا ينبغي لأصحاب الأعذار أن يكلفوا أنفسهم ما يُلحق بهم الضرر، قال تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) البقرة
194. وقال ﷺ: « إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه ، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه» [الطبراني].
3- دعوة المجتمع الجزائري إلى التحلي بمكارم الأخلاق، وجميل العادات وذلك بضبط النفس ونشر روح الأخوة والمحبة، وتجسيد قيم الرحمة والتكافل والتضامن والتعاون، وإشاعة الفرحة بين أفراد المجتمع، والحث على إصلاح ذات البين وصلة الرحم ورد المظالم ، قال سيدنا رسول الله ﷺ: أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ)) » [الطبراني].
4-ترشيد سلوك الصائمين، لاسيما في مجال الاستهلاك، بتجنب مظاهر الإسراف والتبذير عملا بقوله تعالى: ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) سورة الأعراف.
5-دعوة التجار إلى مزيد من البذل والإنفاق في هذا الشهر، وتجنب كل مظاهر الغش والتدليس والاحتكار، قال ﷺ : ” التاجرُ الصَّدُوقُ الأمينُ، مع النَّبِيِّينَ ، والصِّدِّيقِينَ ، والشهداءِ ، والصالحينَ” [الترمذي].
6- تؤكد اللجنة الوزارية للفتوى على ما يأتي:
– الالتزام بالمواقيت الشرعية وفق الرزنامة الرسمية التي أعدتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتنسيق مع الهيئة المختصة “مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء” لاسيما وقتي
الصبح والمغرب.
– جواز إخراج زكاة الفطر نقدا مراعاة لمصلحة الفقير، وهو قول كثير من المجتهدين والفقهاء، وهو الذي أفتت به المجامع الفقهية.
– اغتنام نفحات الرحمان في شهر رمضان، ومنها أداء صلاة التراويح في المسجد مع توجيه عناية السادة الأئمة إلى مراعاة التخفيف عملا
بقوله ﷺ:” إذا صلَّى
أحَدُكم لِلناسِ فليُخفِّفْ؛ فإنَّ فيهمُ الضَّعيفَ والسَّقيمَ والكَبيرَ، وإذا صلَّى لِنَفْسِه فليُطوِّلْ ما شاءَ” [أبو داود].
هذا وإن أعضاء اللجنة الوزارية للفتوى يباركون تدشين رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون جامع الجزائر ثالث أكبر المساجد في العالم بعد الحرمين الشريفين ويشاركون الجزائريين فرحتهم في هذا الحدث الجليل، سائلين الله عزوجل أن يجعله منارة للعلم وقبلة للوسطية والاعتدال، ولبنة أخرى في بناء الجزائر الجديدة.
كما يشيدون بمواقف الدولة
الجزائرية الثابتة الداعمة للقضايا العادلة في العالم وعلى رأسها القضية
الفلسطينية، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية ممنهجة من الكيان
الصهيوني الغاصب، سائلين المولى عزوجل أن يرحم شهداءهم ويشفي مرضاهم، ويطعم جائعهم، ويكسو عاريهم، ويأوي مشردهم ويربط على قلوبهم، وأن ينصرهم نصرا مؤزرا.
اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا، واكتب لنا أجره وثوابه، واجعلنا فيه من أهل العفو والرحمة والمغفرة والعتق من النار، واجعله فاتحة خير على بلدنا الجزائر وأَدِمْ عليها نعمة الأمن والاستقرار، واحفظ لها جيشها وسائر القائمين على حراسة حدودها.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.