#البيان_رقم_36
#اللجنة_الوزارية_للفتوى
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
اللجنة الوزارية للفتوى
الخميس 25 جمادى الأولى 1443هـ
الموافق 30 ديسمبر2021م
البيان رقم 36
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاَة والسلام على سيِّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
فبالنظر إلى التطور الملفت للوضعية الوبائية لجائحة كورونا، في ظل الموجة الخطيرة التي تعرفها مناطق كثيرة من العالم، ولا يخفى أن وطننا الجزائر يمكن أن يتعرض لذلك، إذا لم نأخذ بأسباب الحذر والوقاية، ولم نحسن الاستفادة من التجارب السابقة. فإن اللجنة الوزارية للفتوى تؤكد على ما جاء في عدد من بياناتها السابقة، وتدعو إلى ما يأتي:
1 ـمن الواجبات الشرعية الأكيدة التي يقتضيها واجب الوقت هو العودة الصارمة إلى الأخذ بكل أسباب الوقاية من فيروس كورونا،ومن ذلك استعمال القناع الواقي، والتباعد الجسدي، والحرص على النظافة المستمرة، وغير ذلك من الإجراءات التي يعرفها المواطنون جميعا، والتي تُسْهِم في حفظ النفس الإنسانية، التي هي من الكليات الخمس الضرورية، قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء [29] وقال النبي ﷺ : «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»[الإمام مالك وابن ماجه، وهو حسن].
2ـ إن نصوص الشريعة وقواعدها ومقاصدها تدل على ضرورة الأخذ بتلك الإجراءات الاحترازية المتَّخذَة،لاسيما في الفضاءات العمومية، وهو أمر لا يجوز الاستهانة به لأنّه من الحدود التي لا يجوز التعدي عليها،يقول الله تعالى: ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) [البقرة/229].
3 ـ يجب على المصلين والقائمين على المساجد أن يعُودوا إلى تجسيد ذلك المستوى الحضاري الراقي من الالتزام الصارم بالإجراءات الوقائيةالذي عرفته المساجد، سواء في صلاة الجماعة وصلاة الجمعة، أو في بيوت الوضوء وسائر المرافق المرتبطة بها، كالتباعد الجسدي، وارتداء القناع الواقي، واستعمال السجادات الشخصية، والأخذ بأسباب النظافة، وسائر طرق الوقاية وأسبابها، فقد كانت بيوت الله مثالا يُحتَذَى به في تمام الانضباط الذي لابد من إحيائه وتفعيله، وقد قال النبي ﷺ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ»[مسلم]،
4 ـ ينبغي العمل بتوجيهات المصالح الطبّية في الجزائر وفي العالم، والإقبال بكثافة على استعمال اللقاح، لأنه أمر ضروري لتحقيق المناعة الجماعية، فإن أحكام الشريعة الإسلامية تأمر بالتّداوي، عملا بقول رسول اللهﷺ: «تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ»[صحيح، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي]، وتأسيسا على مبدأ استناد الأحكام الفقهية إلى الخبرة العلمية المتخصصة، كما نص على ذلك علماء الشريعة الإسلامية قديما وحديثا.
5 ـ يجب الحذر من صناعة الإشاعات ونشرها وتداولها، فإن ذلك من دواعي الفتنة الإرجاف ومن مظاهر الكذب، ونهى ديننا الحنيف عن ذلك، قال الله تعالى:( لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً) الأحزاب/60]، وقال النبي ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»[مسلم]، وفي المقابل لابد أن تؤخذ المعلومات من مصادرها المؤكَّدَة الموثوقة، ولا يجوز أخذها من المصادر المشبوهة الأخرى، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات [6]
6 ـ ضرورة التحلِّي بواجب اليقظة، وروح التعاون بين المواطنين والمواطنات، في تطبيق كل الإجراءات الوقائية، وتحقيق الانضباط المجتمعي التَّام، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة [3] ، مع الحرصِ على القيامِ بمسؤولية النَّصيحة والتوجيه التي تُسهم في تحقيق الأمن الصحي، عملاً بقول النبيِّ ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»[مسلم].
اللهم امنن على عبادك بنعمة الصحة والعافية، وارفع عنا هذه الجائحة والوباء، واجعل بلدنا آمنا مطمئنا سخاء رخاء، وأبعد عنه الفتنَ ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف أصحاءنا، وخذ بأيدينا إلى كل ما ينفعنا في ديننا ودنيانا.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.









