أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، عبد المالك تاشريفت، اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة، أن ما تعرضت له الجزائر وإفريقيا من جرائم استعمارية، ومن ضمنها البيئية، لا يسقط بالتقادم ولا يمكن تجاوزه بالتناسي، مبرزا أن الاعتراف بهذه الجرائم “شرط أساسي لتحقيق العدالة والإنصاف”.
وفي كلمة ألقاها خلال ملتقى حول المخلفات البيئية لجرائم الاستعمار الفرنسي بالجزائر, بحضور وزيرة البيئة وجودة الحياة, كوثر كريكو, وزير الاتصال, زهير بوعمامة, وكاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالشؤون الإفريقية, سلمى بختة منصوري, الى جانب مجاهدين وخبراء,
الذاكرة البيئية.. بعد جديد لجرائم الاستعمار
في كلمة الافتتاح، أكد البروفيسور تاشريفت أن هذا الملتقى يأتي استمراراً لسلسلة الفعاليات التي تنظمها وزارة المجاهدين حول جرائم الاستعمار، حيث سبق عقد ثلاثة ملتقيات دولية خلال عام 2025، تناولت التفجيرات النووية الفرنسية والجرائم الاستعمارية بمختلف أبعادها.
وأشار الوزير إلى أن “الذاكرة الوطنية لا تحفظ فقط وقائع التضحيات والبذل، بل هي أيضاً شاهد إثبات على فظائع الاستعمار”، لافتاً إلى أن “كل شبر من أرض الجزائر يروي قصة مقاومة وإبادة في آن واحد”.
وجدد التأكيد على أن “جرائم الاستعمار لا تسقط بالتقادم”، معتبراً أن هذا الملتقى يفتح “صفحة جديدة في دراسة المخلفات البيئية لجرائم الاستعمار التي لا تزال الأجيال تدفع ثمنها حتى اليوم”.
الذاكرة الوطنية.. من الواجب الأخلاقي إلى المسؤولية الجماعية
أبرز وزير المجاهدين أن العناية الشخصية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بملفات الذاكرة الوطنية جعلت منها “ركيزة أساسية في البناء الوطني وترسيخ الوعي الجمعي”، وشدد على أن دراسة هذه الجرائم “ليست مسؤولية الدولة فحسب، ولا المجتمع المدني أو الأكاديميين وحدهم، بل هي واجب وطني وأخلاقي نؤديه جميعاً وفاءً لشهدائنا الأبرار وإنصافاً لتاريخ أمتنا”.
الذاكرة البيئية.. الوجه الآخر لجرائم الاستعمار في الجزائر
أكدت وزير البيئة وجودة الحياة كوثر كريكو  أن “وفاء الجزائر لتاريخها لا يقتصر على الحفاظ على الذاكرة فحسب، بل يتجسد أيضًا في الدفاع عن سيادتها البيئية وحماية مواردها الطبيعية”. وأضافت أن “الاستعمار لم يكن مشروعًا حضاريًا كما يُصور أحيانًا، بل كان مشروعًا تدميريًا استهدف الإنسان والطبيعة معًا، تاركًا وراءه إرثًا من الأضرار البيئية لا تزال القارة الإفريقية تعاني من تبعاته حتى اليوم”.
وأبرزت الوزيرة أن “الذاكرة البيئية تشكل جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية والتاريخية للشعوب”، مشيرة إلى أن قطاع البيئة في الجزائر قد أرسى نظامًا بحثيًا متطورًا يهدف إلى توثيق المخلفات البيئية للاستعمار، بالتنسيق مع القطاعات المعنية. ويتضمن هذا النظام إجراء دراسات ميدانية متعمقة وجمع شهادات حيّة، إلى جانب تحاليل علمية لعينات من التربة في مناطق تعرضت لسياسة “الأرض المحروقة”، والتي أدت إلى تدهور الغطاء النباتي واختلال التوازن في النظم الإيكولوجية.
وفي هذا السياق، ثمّنت كريكو جهود الجيش الوطني الشعبي، واصفة إياه بأنه “الوريث الشرعي لجيش التحرير الوطني”، في حماية مقدرات الوطن، لاسيما البيئية منها، مشيدة بـ”احترافيته العالية في التصدي لمحاولات زعزعة الاستقرار التنموي للبلاد”.
يذكر أن الملتقى توج بعدد من التوصيات الهامة، أبرزها مواصلة جمع الشهادات الحيّة والوثائق المتعلقة بجرائم الاستعمار البيئية ، إطلاق مشروع وطني – إفريقي للذاكرة البيئية الاستعمارية، يسهم في حصر وتوثيق مناطق الأرض المحروقة والأنشطة الاستخراجية التي دمرت البيئة، في خطوة تهدف إلى تحقيق الاعتراف والإنصاف لجرائم الاستعمار بمختلف أشكالها.

			








