التأم بتونس يوم الجمعة 10 جوان 2022، اجتماع تشاوري جمع عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، و رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، و نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي لدولة ليبيا.
وقد حظي الضيفان بلقاء رئيس الجمهورية التونسية ، قيس سعيد.
حيث يأتي هذا الاجتماع في إطار تعزيز سنة التشاور والتنسيق التي دأب عليها الوزراء الثلاث من أجل تطوير العلاقات واستكشاف آفاق جديدة للتعاون إضافة إلى تبادل الرؤى وتنسيق المواقف حول مجمل القضايا الدولية والإقليمية الراهنة وما تطرحه من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وإنسانية.
اين جدد الوزراء التأكيد على أهمية العلاقات الأخوية بين الدول الثلاثة وعمق الروابط التي تجمع بين شعوبها وإيمانها بوحدة المصير والمستقبل المشترك.
فيما شدد الوزراء على أن التضامن وتوحيد الرؤى والمواقف إزاء المستجدات الإقليمية والدولية تشكل مقومات أساسية من أجل مواجهة التحديات والاستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة. في هذا السياق، رحب الوزراء بالتوافقات الكبيرة في مواقف بلدانهم حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك وأكدوا حرصهم على مواصلة الجهود لترسيخ سنة التشاور والتنسيق عبر عقد اجتماعات دورية أو كلما اقتضت الضرورة لذلك.
وقد أكد الوزراء على أهمية بلورة مقاربة مشتركة للتعاون لتعزيز التكامل الاستراتيجي والتنمية المتضامنة والمندمجة في المنطقة.
كما أبرز الوزراء ضرورة مضاعفة الجهود المشتركة من أجل التصدي للتهديدات الإرهابية التي تستهدف المنطقة ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجرائم السيبرانية ودعم الآليات المشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل تعزيز قدرات هذه الآليات للاستجابة لمختلف هذه التهديدات.
وكن جهة اخرى استعرض الوزراء قضية الهجرة وأكدوا على أهمية بلورة رؤية مشتركة في التعامل مع قضايا الهجرة غير النظامية وما تطرحه من تحديات أمنية وإنسانية وفق مقاربة قائمة على التنمية المتكافئة وتعزيز مسارات الهجرة النظامية.
وفي ذات الصدد أكد الوزراء على أهمية دعم التعاون المشترك في مجالات حيوية على غرار الأمن الصحي والأمن الطاقي والأمن الغذائي والأمن البيئي في ظل ما فرضته جائحة كوفيد-19 والمستجدات الدولية من رهانات في هذه المجالات.
وفي الملف الليبي شدد الوزراء على أهمية استقرار ليبيا لضمان أمن واستقرار المنطقة عموما وعلى ضرورة استكمال المسار السياسي في كنف الوفاق والوحدة من خلال حوار ليبي- ليبي وحشد الجهود الوطنية لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصفوف والرؤى وفق مقاربة تقوم على مبدأ الملكية والقيادة الليبية للعملية السياسية ضمن الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي.
اين أبرز الوزراء أهمية الاستحقاقات الانتخابية لبناء مستقبل ليبيا في كنف الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية بما يساعدها على التفرغ لإعادة البناء والإعمار ويعيد لليبيا مكانتها الإقليمية كقطب اقتصادي ومالي من شأنه أن يسهم في الاندماج الاقتصادي لجميع دول المنطقة ويعزز الاستقرار الاقتصادي لدول الجوار ودعم الشراكات الاستراتيجية الاقتصادية على أساس المصالح المشتركة والمنافع الاقتصادية المتبادلة والتنمية المستدامة الشاملة.
في هذا السياق، رحب الوزراء بقرب استئناف اللجنة الدستورية المشتركة أشغالها بالقاهرة وشجعوا أعضاءها الممثلين لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على استغلال هذه الفرصة لبلورة التوافقات الضرورية بغية استكمال صياغة الأساس الدستوري الذي من شأنه تمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه السيادي في اختيار قادته وممثليه في أقرب وقت ممكن.
من جانب آخر، اطلع الوزراء على التحضيرات الجارية للقمة العربية التي ستحتضنها الجزائر يومي الفاتح والثاني من نوفمبر 2022 والجهود المبذولة لإنجاح هذا الموعد العربي الهام بغية الخروج بنتائج وقرارات طموحة تستجيب لتطلعات الشعوب العربية.
في هذا الإطار، ثمنوا حرص الجزائر على توفير الشروط والأجواء المواتية للم شمل الدول العربية، مؤكدين مساندتهم وانخراطهم التام في المساعي الرامية إلى تحقيق التوافقات الضرورية حول المواضيع المتعلقة خصوصا بتفعيل مبادرة السلام العربية لضمان حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف، إلى جانب إنجاح مشروع إصلاح جامعة الدول العربية لتمكينها من مواكبة التطورات على المستويين الإقليمي والدولي وما نتج عنها من تداعيات فصلا عن ضرورة تعزيز مكانة المجموعة العربية على الصعيد الدولي.
وفي شأن اخر ثمّن الوزراء جهود تونس لتوفير كافة مقومات إنجاح الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا (TICAD8) التي ستنعقد يومي 27 و28 أوت 2022 بتونس. وأثنوا على أهمية هذا المؤتمر الدولي في بناء شراكات فاعلة وبناءة على المستويين الثنائي ومتعدّد الأطراف بين الدول الإفريقية واليابان، مؤكدين حرصهم على الانخراط الفاعل في تحقيق الأهداف المنشودة لهذا الاستحقاق الهام.
وفيما يتعلق بمستجدات الأوضاع على الساحة القارية، اتفق الوزراء على تعزيز التنسيق والعمل بصفة مشتركة وموحدة للمساهمة في تعزيز دور منظمة الاتحاد الافريقي وجعلها أكثر فعالية وأسرع استجابة للتحديات التي تواجهها دول وشعوب القارة في كنف الوحدة والتضامن. والنأي بها عن محاولات استغلالها وبث التفرقة بين أعضائها.
كما جددوا تمسكهم بالشراكة العربية–الإفريقية معربين عن تطلعهم للدفع بها نحو مزيد من التعاون والتكامل في ظل احترام مبادئ وأهداف الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي وميثاق جامعة الدول العربية.
دوليا، تطرق الوزراء إلى تطورات الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها على الفضاءين العربي والافريقي وكذا الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تمكين طرفي النزاع من التوصل إلى حل سلمي، لاسيما مساهمة جامعة الدول العربية في هذه المساعي عبر مجموعة الاتصال الوزارية. وفي هذا السياق، أكدوا على تمسكهم بمبادئ عدم الانحياز والدعوة إلى ضرورة تعزيز النظام الدولي متعدد الأطراف في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين عبر تفعيل ال دور منظمة الأمم المتحدة في الوقاية من النزاعات وحلها.
حيّى الوزراء حلول الذكرى الستين لاستقلال الجزائر وما تمثله هذه المحطة المجيدة من تاريخ الجزائر والمنطقة برمتها من معاني سامية وقيم نبيلة بالنسبة للشعوب المغاربية التي سجلت إبان الثورة التحريرية أبهى صور التضامن الفعال والأخوة الصادقة عبر ملاحم امتزجت فيها دماء الأشقاء الجزائريين والتونسيين والليبيين، على غرار أحداث ساقية سيدي يوسف ومعركة إيسين. وبهذه المناسبة، تقدم الوزراء بتهانيهم الحارة للجزائر حكومة وشعبا تحت قيادة سيادة الرئيس عبد المجيد تبون.
وفي ختام اجتماعهم، حظي الوزراء بمقابلة سيادة رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيّد، حيث أحاطوا سيادته بأهم نتائج اجتماعهم التنسيقي والتوافقات الكبيرة المسجلة في مواقف البلدان الثلاثة حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك مع التأكيد على أهمية مزيد تعميق السّنة الحميدة للتشاور والتنسيق. وقد مثّلت المقابلة مناسبة أكّد فيها سيادة رئيس الجمهورية عمق وعراقة أواصر الأخوة والتضامن والتعاون بين تونس والجزائر وليبيا مثمّنا ما يبذلُ من جهود من أجل مزيد الارتقاء بهذه العلاقات إلى أسمى المراتب في كافة المجالات. كما شدّد سيادته على ضرورة مواصلة التنسيق والعمل على إيجاد تسوية عاجلة للأزمة في ليبيا بما يحفظ سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية.