تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة تزايدًا في الانتقادات الدولية بسبب ما وُصف بأنه “تورّط مباشر وغير معلن” في تمويل وتسليح قوات الدعم السريع السودانية (RSF)، التي تخوض حربًا دامية ضد الجيش السوداني منذ أكثر من عام ونصف.
فوفقًا لتقريرين حديثين صدرا عن صحيفتي الغارديان البريطانية وبلومبيرغ الأميركية، تواجه الإمارات الآن انعطافة سياسية حساسة في سياستها الخارجية، وسط تصاعد الضغط الدولي لفك ارتباطها بالميليشيا التي ارتُكبت باسمها انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في دارفور والخرطوم.
الغارديان: “هل تتهيأ الإمارات للتراجع عن دعم قوات حميدتي؟”
في تقرير بعنوان «As criticism grows, is UAE ready to walk away from Sudan’s RSF militia?» نشرته صحيفة الغارديان يوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، أشار المراسل الدبلوماسي للصحيفة إلى أن أبوظبي بدأت تشعر بالضيق من الضغوط الدولية المتصاعدة، خصوصًا بعد تزايد الأدلة على دعمها المالي واللوجستي لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأكد التقرير أن مسؤولين غربيين في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي “باتوا ينظرون بجدية إلى إمكانية فرض قيود على التعاون الأمني والعسكري مع الإمارات، إذا لم تبادر الأخيرة إلى التراجع عن دعم الميليشيا”.
وأوردت الغارديان أن الدوائر الدبلوماسية في لندن وواشنطن ترى أن “سياسة الإمارات في السودان أضرّت بسمعتها التي بنتها خلال العقد الأخير كدولة راعية للاستقرار والتنمية”، محذّرة من أن “أبوظبي قد تجد نفسها قريبًا في حالة عزلة سياسية متزايدة في إفريقيا والغرب”.
كما نقلت الصحيفة عن مصدر أممي قوله:
“التحركات الإماراتية في السودان لم تعد تُفهم على أنها وساطة أو دعم إنساني، بل كجزء من حرب بالوكالة هدفها توسيع النفوذ الاقتصادي والعسكري في منطقة القرن الإفريقي.”
بلومبيرغ: “الحرب السودانية تُجسّد فوضى عالمية
من جهتها، نشرت وكالة بلومبيرغ يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2025 مقالاً تحليليًا بعنوان «Sudan’s Civil War Foreshadows the New World Disorder»، اعتبرت فيه أن الحرب السودانية “مرآة لفوضى النظام الدولي الجديد” الذي تتنافس فيه قوى إقليمية – من بينها الإمارات – على مناطق النفوذ دون اكتراث بالقانون الدولي أو المعايير الإنسانية.
وأوضح المقال أن الإمارات تسعى من خلال دعمها المحتمل لقوات الدعم السريع إلى تأمين مصالحها في تجارة الذهب والموارد، إضافة إلى محاولة بناء محور نفوذ يمتد من البحر الأحمر إلى الساحل الإفريقي.
لكن، ووفقًا لتحليل بلومبيرغ، “فإن هذه الاستراتيجية أوقعت أبوظبي في فخٍ سياسي خطير، إذ أصبحت طرفًا يُنظر إليه على أنه مغذٍ للنزاعات بدلًا من أن يكون وسيطًا للسلام”.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة تراقبان عن كثب التحركات الإماراتية في المنطقة، وسط دعوات في الكونغرس الأميركي إلى “مراجعة العلاقات الدفاعية والاقتصادية مع الدول التي تمول الصراعات في إفريقيا”.
تزايد العزلة في الساحة الإفريقية
على الصعيد الإفريقي، يتزايد التململ من الدور الإماراتي في السودان، خاصة من قبل دول مثل الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا، التي تعتبر أن تدفق المال والسلاح من خارج القارة هو السبب الرئيسي لاستمرار الحروب الأهلية.
ويرى مراقبون أن هذه الدول قد تدفع في القمة الإفريقية المقبلة نحو آلية رقابة على التمويلات الأجنبية غير المشروعة، وهو ما سيحرج أبوظبي دبلوماسيًا.









