افتتحت الدورة العادية للبرلمان 2020-2021، اليوم الخميس 02 سبتمبر، بجلسة علنية ترأسها السيد #ابراهيم_بوغالي، رئيس الشعبي الوطني.
جرت مراسيم الافتتاح بحضور السيد #صالح_قوجيل، #رئيس_مجلس_الأمة، وكذا السيد #أيمن_بن_عبد_الرحمان، #الوزير_الأوّل، وبعضا من طاقمه الحكومي.
وبعد تلاوة سورة الفاتحة وعزف النشيد الوطني، ألقى السيد ابراهيم بوغالي كلمة هذا هو نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس مجلس الأمة،
السيد الوزير الأول،
السيدات والسادة الوزراء،
السادة أعضاء مكتب مجلس الأمة،
السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا،
السيدة رئيسة مجلس الدولة،
السيدات والسادة النواب،
أسرة الإعلام،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نفتتح دورتنا اليوم وكلنا عزم على أن تكون فاتحة لعهد جديد في مجال التشريع، فترسانة التشريعات التي عرفتها الجزائر على مر العهدات يتطلب تحيينها وفق الدستور الجديد الذي وافق عليه الشعب الجزائري، ولذلك فمن المؤكد أن عهدتنا البرلمانية ستعرف عملا دؤوبا ومكثفا وأنا على يقين من أن مجلسنا سيكون في مستوى ما ينتظرنا من أشغال، وما يبعث على الارتياح هو أنه يزخر بالكفاءات القادرة على مناقشة القوانين انسجاما مع التصورات الجديدة الرامية إلى تحيين المنظومة التشريعية وانسجامها مع روح الدستور الجديد، حتى نتمكن من إحداث الوثبة الاقتصادية والاجتماعية والتي تعهد بها السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من خلال برنامجه الطموح والذي ستسهر الحكومة بلا شك على تنفيذه وتجسيده على أرض الواقع، هذا التجسيد الذي نرى بوادره واضحة من خلال ما يقوم به السادة الوزراء وبتوجيهات السيد الوزير الأول، وإنه بالمناسبة أيضا نقول لكل الطاقم الحكومي إننا على أتم الاستعداد للتعاون والتنسيق والتكامل في إطار ما يخدم المصالح العليا لشعبنا الذي ينتظر منا الكثير من أجل الدفع بعجلة التنمية، هذه التنمية المنشودة التي هي مسؤولية الجميع، شعبا وحكومة، وما علينا إلا الانخراط السريع تداركا لما عرفته البلاد من تأخر ونقص مس جميع القطاعات.
أيتها السيدات، أيها السادة،
إنني أغتنم هذه السانحة أيضا لأدعو الجميع إلى العمل في ظل التنسيق والانسجام، لأن ما ينتظرنا من مجهودات يتطلب الاستثمار في كل نقاط التقاطع وعلى رأسها حتمية الخروج من الأزمات المتراكمة التي ورثناها جميعا حكومة وبرلمانا ، وكذا ما يواجهنا من تحديات داخلية وخارجية في ظل هذا الوباء الذي ألقى بظلاله على الحياة العامة للمواطنين، مما يستدعي مضاعفة الجهد وتحصين الجبهة الداخلية وتمتين العلاقات بين مختلف الفاعلين سواء السياسيين أو الإعلاميين أو النخب التي ينبغي أن تنخرط اليوم وبقوة في المسعى الذي تنتهجه الجزائر الجديدة بقيادة السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، جزائر تجعل من العدل واحترام القانون وترقية الحقوق واستعادة القيم خاصة قيمة العلم والعمل، جزائر قوية بشعبها الواعي المتبصر لما يحاك هنا وهناك، وقوية بجيشها الذي آلى على نفسه أن يكون في مستوى التحدي دفاعا عن الوطن وسلامته وحفاظا على وحدة ترابه وحماية مكتسباته .
أيتها الزميلات، أيها الزملاء،
لقد أظهرتم من الروح الوطنية العالية من خلال تواجدكم وإسهامكم الفعال في التخفيف من حدة المعاناة في ظل هذه الظروف الخاصة التي تعاني منها بلادنا على غرار كل شعوب المعمورة، وإنه لزام علينا أن نواصل الجهود بلا كلل ولا ملل و أن نتقرب أكثر من المواطنين لنتحسس انشغالاتهم ونرفع مطالبهم وأن نفتح كل قنوات الحوار ونربط جسور التواصل الدائم ونستعيد الثقة من جديد ونعمل على انسجام المجتمع ونفعّل كل القدرات من أجل المساهمة في خلق أجواء الاطمئنان.
نعم أشكركم، زميلاتي زملائي، وأنتم تواجهون مع إخوانكم في جميع الأسلاك خاصة الأطباء وكل عمال القطاع الصحي ورجال الحماية المدنية الذين يواجهون هذا الوباء ولا يزالون، ولقد تتبعت ذلك وأسعدني ما بذلتموه من جهد بالتعاون مع الجماعات المحلية والهبات التضامنية للمجتمع المدني، وكانت حقيقة صور مشرفة وإضافة محمودة لما تبذله الدولة من مجهودات كبيرة، وما سطرته الحكومة من برامج وإجراءات وضعتها حيز التنفيذ بأوامر وتوجيهات السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الذي ما فتئ يحرص ويؤكد على مرافقة الشعب في هذه الظروف الصعبة، إنها مجهودات كللت بالنجاح و أتت أكلها وتقلصت دائرة الوباء بتوفير آليات التصدي له سواء على مستوى الوقاية أو على مستوى العلاج .
ورغم ما بُذل من جهد وما قامت به الحكومة والمجتمع المدني على حد سواء فإننا ندعو الجميع إلى مضاعفة الجهود كما ندعو كل المواطنين إلى زيادة الحرص وتوخي الحيطة والحذر والالتزام بقواعد الوقاية، وفي الوقت نفسه ينبغي على الجميع أن يشجع روح المبادرة والدفع بكل مكونات المجتمع إلى الإسهام واستغلال الفرص المُتاحة التي من شأنها التخفيف من حدة الجائحة.
والشكر موصول لقطاع التربية الذي استطاعت طواقمه التربوية منها والإدارية، رغم ظروف الجائحة، أن يكونوا في مستوى التحدي، وقد كان عاما دراسيا مكللا بالنجاحات، متمنين لهم عودة ميمونة إلى مقاعد الدراسة.
الحضور الكريم،
لقد حان الوقت الذي ينبغي أن ينطلق فيه قطار التنمية في جميع المجالات، فالجزائر اليوم وضعت قدمها الراسخة في طريق الديمقراطية بعد أن عادت الكلمة للشعب في اختيار ممثليه بكل حرية وسيادة، ولم يعد لنا من مبررات التأخر لنحدث الوثبة الاقتصادية والاجتماعية وأن نستجمع كل طاقاتنا، وأن ننخرط جميعا في مسعى السيد رئيس الجمهورية وتطبيق البرنامج الواعد المبني على أسس علمية دقيقة خاصة بعد عمليات الرصد والإحصاء وتحديد الأولويات والاطلاع الميداني على مناطق الظل وعلى النقائص التي يجب تداركها، وإننا على استعداد لمرافقة الحكومة من خلال القوانين والتشريعات التي تتجاوب والنظرة الاقتصادية المبنية على تشجيع الاستثمار وحسن استغلال الثروات وترشيد تسيير المال ومحاربة الفساد والتنسيق بين القطاعات، وتثمين الجهود الرامية إلى تحسين ظروف العيش الكريم للمواطنين، والتركيز على عنصر الشباب ليفجر طاقاته وقدراته، وربط الجامعة بالمؤسسات الاقتصادية ليكون للبحث العلمي دوره في تحريك دواليب الاقتصاد، وذلك من خلال استغلال كل وسائل التكنولوجيات الحديثة واستكمال رقمنة كل القطاعات في أسرع وقت ممكن، خاصة في المجالات الحيوية التي تعد الثروة البديل لريع البترول، فالجزائر الغنية بثرواتها قادرة على تفعيلها وجعلها في خدمة الاقتصاد الوطني، فقطاعات الفلاحة والسياحة والطاقات المتجددة والخدمات والتجارة وحتى الثقافة كلها بإمكانها أن تكون البديل المستدام للثروة الوطنية.
زميلاتي، زملائي،
لقد قلت أننا نفتتح دورتنا هذه وستكون فاتحة لعهد جديد من التشريع في ظل الجزائر الجديدة والتي تتطلب من الجميع الحرص على تأدية الواجب كاملا وذلك بإعطاء المزيد من الاهتمام والفعالية وتطوير قدراتنا المعرفية والسعي للتكوين المستمر والالتزام بالحضور والمناقشة وقوة الطرح، ذلك هو المنتظر منا جميعا لنجعل هيئتنا التشريعية تتجاوب والنظرة الجديدة، ويجدر التذكير أنه أمامنا جملة من مشاريع القوانين التي سنباشر مناقشتها وإثراءها والنظر فيها، وقد تم لحد الآن إيداع ثمانية مشاريع قوانين بمكتب المجلس، إضافة إلى مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا تحت رئاسة السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، والذي سيحظى ولا شك بالاهتمام الذي يستحقه نظرا للأهمية التي يكتسيها.
وفي الوقت نفسه، وجب التذكير بالاستحقاق الانتخابي الخاص بالمحليات بعد أن استدعى السيد رئيس الجمهورية الهيئة الناخبة، وهو الاستحقاق الذي يعد الحلقة الأخيرة في تجديد المجالس، ولأهمية الحدث يتعين علينا جميعا أن نوليه من الاهتمام نظرا لما للمجالس المحلية من دور في التنمية لكونها الأقرب إلى انشغالات المواطن من جهة ومن جهة أخرى لما تمثله تجسيدا للإرادة الشعبية وتكريسا للمسار الانتخابي الذي بدأناه بالاستفتاء على الدستور مرورا بالانتخابات الرئاسية فالتشريعية بعدها، ودورنا في هذا الاستحقاق هو أن نعمل على انخراط المواطن في الفعل الانتخابي واختيار ممثليه بكل إرادة وحرية لأن الشأن المحلي أكثر من غيره يتطلب إسهام الجميع في العملية الانتخابية تحقيقا لمبدأ الديمقراطية التشاركية.
أيتها السيدات، أيها السادة،
لقد بلغ وعي الشعب الجزائري حد التحصن بالقيم والثوابت والذي أكسبه من المناعة ما يجعله يفوت الفرصة في كل مرة على مخططات العدوان التي تستهدف أمننا، وقد كانت الحرائق التي اندلعت في ربوع الوطن مؤشرا واضحا على درجة الحقد الذي وصلت إليه بعض الجهات، وبالرغم مما خلفته من شهداء الواجب الوطني والذين نجدد ترحمنا عليهم ودعاءنا بأن يكتبهم الله عنده من الشهداء، وبالرغم من الخسائر المادية المعتبرة ومن إتلاف لثروتنا الغابية والحيوانية، ومن الأضرار الكبيرة حتى النفسية منها، بالرغم من كل ذلك، إلا أن الشعب الجزائري خرج منتصرا، بل كانت الفرصة مواتية ليعلم القاصي والداني مدى تماسكه واتحاده، وهو الذي هب في لحمة وطنية منقطعة النظير دفاعا عن الوطن في أجواء أسطورية من التضامن والتعاون عبرت بصدق عن مدى تمسكه بوطنه الواحد الموحد، إنها الوحدة التي تكسرت على جدارها الصلب المتين كل أمواج الحاقدين والمتآمرين، ولم يكن ذلك غريبا على شعب أبي ما فرط يوما في الوطن ولا استسلم لقوى الظلم والعدوان، شعب قدم فداءً لوطنه قوافل من الشهداء عبر العصور والأجيال.
إن هبة الشعب الجزائري مع إخوانه المتضررين جراء الحرائق التي طالت العديد من مناطق الوطن لم تكن مقتصرةً على المواطنين داخل التراب الوطني، وإنما شمل ذلك أفراد جاليتنا بالخارج الذين برهنوا على مدى تمسكهم بوطنهم وحبهم لأرضهم الطاهرة وتأكيدهم على تعلقهم بها، لقد أبدوا من التآزر والتعاطف ما يدحض كل الشكوك في وطنية أبنائنا الذين ما نسوا الوطن ولا انسلخوا منه، إن جاليتنا بالخارج كانت حاضرة وبقوة من خلال تضامنهم ووقوفهم إلى جانب إخوانهم كما كانوا دوما خاصة منذ بداية انتشار جائحة كورونا.
فالجزائريون متعلقون بوطنهم مهما تباعدت بهم الأوطان لأن الوطن يسكنهم أينما حلوا وارتحلوا، فباسمكم جميعا أيها الزملاء أيتها الزميلات أرفع كل آيات التقدير والعرفان لكل فرد من أفراد أبنائنا في الخارج.
وإنه لا يفوتني أن أسدي كل عبارات الشكر والتقدير لأفراد جيشنا الباسل الذي سجل كعادته موقفا تاريخيا وتصدى مع الخيرين من أبناء هذا الشعب لألسنة النيران التي أرادها الحاقدون لتأتي على الأخضر واليابس، والشكر موصول لمصالح الغابات والحماية المدنية الذين برهنوا أنهم في مستوى التحديات والمخاطر التي تهدد الوطن.
وفي هذا الصدد، لا يسعنا إلا أن نثمن قرار رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة الوطنية لتعويض المتضررين الذين تأثروا بهذه الكارثة، ونحن على يقين من أن العملية ستتم في أقرب وقت، فالجزائر لا يمكن أن تتخلى عن أبنائها، خاصة في مثل هذه الظروف الحرجة والصعبة.
أيها الحضور الكريم،
لقد صار من البديهيات والمسلمات التي لا تقبل الجدل أن الجزائر لا يمكنها أن تتنازل عن مبادئها الراسخة والثابتة في الانتصار لحركات التحرر والوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة والمقهورة والتي تعاني من مرارة الاستعمار وسلب ونهب خيراتها والاعتداء على حقها في الحياة الكريمة، إنه ليس غريبا على الجزائر أن تدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وليس غريبا أيضا أن تقف إلى جانب الشعب الصحراوي الذي يناضل من أجل استعادة أراضيه وتحريرها وتصفية الاستعمار، والجزائر إذ تؤكد على موقفها فإنها تفعل ذلك في ظل لوائح الأمم المتحدة وهي تدعو كل المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته التاريخية والانتصار للضعفاء من أجل عالم يسوده العدل والقانون والتعاون وترقية حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين الشعوب .
لقد أثبت الشعب الجزائري أنه شعب متمسك بالقيم الإنسانية والحضارية والتي تقوم أساسا على فضيلة السلم والاحترام المتبادل، والعمل على ترقية الفكر الإنساني من أجل مناخ عالمي يكون حاضنة للأمن والتعاون بين الشعوب، وهي بهذا التمسك ترفض كل وسائل الضغط على الدول والتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة خلق البلبلة وتقويض الاستقرار وافتعال الأزمات ودعم الحركات الإرهابية الانفصالية التي تخدم أجندات باتت واضحة الأهداف والغايات.
أيها الحضور الكريم،
لقد ثبت لجميع المتتبعين أن قرار الدولة الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية كان قرارا حكيما ومؤسسا على حقائق لا تقبل الشك، حقائق أثبتتها الوقائع الظاهرة والخفية، فالمملكة المغربية ضربت بل نسفت كل القوانين والأعراف بل وتجاوزت كل خطوط الأخلاق ولم تراع حرمة لا للأخوة ولا للجيرة وأعلنت عداءها السافر والمفضوح وراحت تختلق الأوهام وتعلن دعمها للإرهابيين الذين وضعوا أنفسهم في خدمة أجندات مخابر الشر الرامية إلى تفكيك الشعوب والمجتمعات وإثارة الفتن والنزاعات سواء العرقية منها أو المذهبية والطائفية.
إن الجزائر التي تسعى إلى إيجاد حل نهائي للشقيقة ليبيا لا تتوانى عن هذا السعي، وما الندوة الأخيرة التي انعقدت بالجزائر يومي 30 و31 أوت والتي حضرها وزراء خارجية دول الجوار وممثلي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي إلا دليل على صدق نوايا الجزائر في حلحلة الوضع في الشقيقة ليبيا، فاسترجاع ليبيا مكانتها بتمكين الأشقاء الليبيين من حقهم في بناء دولتهم هو بمثابة الضمانة لاستقرار المنطقة برمتها، والجزائر اليوم ،وبفاعلية دبلوماسيتها، تلعب دورا محوريا من أجل إحلال الأمن والاستقرار والدفع بعملية السلام، ومساعدة إخواننا الليبيين على تغليب الحكمة من أجل حل ليبي – ليبي بعيدا عن الضغوطات والتدخل في الشأن الداخلي .
شكرا للجميع على كرم الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.