مرة أخرى، تكشف الأرقام الدولية التي تنشرها المنظمات والهيئات العالمية زيف المخزن، واعتماده المزمن على الدعاية التي تحاول تجميل الواقع المأساوي وجعل المغرب الذي يأن تحت وطأة الفساد، “جنة الاستثمارات”.
وفي التفاصيل، فقد المغرب أكثر من نصف قيمة الاستثمارات الأجنبية ما بين سنتي 2022 و2023، وسجل للعام الثالث على التوالي تراجعا كبيرا في هذا المجال.
ولم يتجاوز تدفق الرأسمال الأجنبي إلى المملكة “الشريفة” 1 مليار دولار بقليل خلال العام الماضي في مقابل أكثر من مليارين وربع المليار دولار قبل ذلك بعام واحد.
وذكر تقرير الاستثمار العالمي لسنة 2024 الذي تصدره الأمم المتحدة أن المغرب سجل استثمارات أجنبية بقيمة 1 مليار و95 مليون دولار سنة 2023، مقابل 2,260 مليار دولار سنة 2022، و2,266 مليار دولار سنة 2021.
وفقد المخزن 51,6 في المائة من معدل نمو الاستثمارات الأجنبية في فترة 2022 – 2023، وفق التقرير الأممي، كما سجل تراجعا “مهولا” قياسا بسنة 2018 التي سجلت أعلى رقم على الإطلاق للاستثمارات الأجنبية بقيمة 3,5 مليار دولار.
وفي مقابل ذلك، أشار ذات التقرير إلى ارتفاع معدلات الاستثمارات المغربية بالخارج حيث بات حتى الرأسمال المحلي يفضل الانتقال إلى بيئات أكثر تنافسية من أجل الاستثمار بدل المخاطرة في ضخ الأموال بالمملكة “الشريفة” التي أنهكها الفساد، وسيطرة على اقتصادها المنهار اللوبيات الداخلية المتحالفة مع عدة دول أجنبية.
وانتقلت الاستثمارات المخزنية بالخارج من 641 مليون دولار سنة 2022 إلى 836 مليون دولار سنة 2023، بارتفاع بلغ 30,4 في المائة، مقاربا رقم 893 مليون دولار المسجلة سنة 2019.
أكذوبة الاستثمار المنتج وخدعة الإصلاحات
ومع أن هذه الأرقام الصادمة كشفت الزيف المخزني وبينت عجز حكومة أخنوش عن جلب استثمارات أجنبية جديدة في إطار استراتيجية السعاية (التسول) الدولية فإن الصحافة المغربية لا بد أن تحفل بأكذوبة الاستثمار المنتج وخدعة الإصلاحات.
ومنذ سنتين قال الملك محمد السادس أنه يراهن على الاستثمار المنتج کرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد المغربي وتحقيق انخراط المخزن في القطاعات الواعدة التي توفر فرص الشغل للشباب وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك وإفلاس المؤسسات الاقتصادية وتحول البطالة إلى شبح يؤرق الطبقة الشغيلة أبرز مثال على حالة العوز الاقتصادي.
وكان الملك الغائب عن البلاد يأمل قبل 24 شهرا أن يعطي ما أسماه “الميثاق الوطني للاستثمار” دفعة ملموسة على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية، لكن ذلك لم يتحقق أيضا مع أنه كان يطمح إلى رفع العراقيل التي لا تزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني للإقلاع الحقيقي، على جميع المستويات، كما قال.
وفي مغالطة للأرقام ومخادعة للحقائق ادعى الملك في ذلك الوقت أن الإصلاحات الهيكلية التي قام بها المغرب قد مكنت من تحسين صورته ومكانته قبل أن يعيده تقرير الشفافية الاقتصادية إلى الصواب فيعترف بأن المملكة لا تزال تحتاج إلى المزيد من العمل لتحرير كل الطاقات والإمكانات وتشجيع المبادرة الخاصة، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
ولامس الملك المهيمن على الاقتصاد المغربي الواقع الحقيقي حين أشار إلى أن الأمر يتعلق بالثقة وبالمنافسة الشريفة وبالأمن القانوني حيث لا يزال المستثمر الأجنبي لا يعتبر البلد الذي يعاني من مشاكل هيكلية وجهة مفضلة للاستثمار فضلا عن الفساد المستشري في عدة قطاعات والصعوبات التي يغرق فيها المغامرون عادة. إنها رمال متحركة.
ولتلطيف الصدمة ورفع الحرج تبدأ على الفور الدكاكين المخزنية كالمعتاد في نشر سيل من الأخبار المضللة فيتحدث بعضها عن “هروب جماعي لمئات الشركات نحو المغرب لتفادي تعقيدات الاتحاد الأوروبي والاستفادة من الامتيازات الجمركية التي تطبقها الرباط” ويعود بعضها الأخر إلى تأثير خطاب رئيس الحكومة الإسبانية في شهر فبراير الماضي والذي يكون قد دفع 360 شركة إسبانية لنقل أنشطتها الإنتاجية إلى المغرب. إنها فضيحة.
خالد عقبة