اكد رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني في الدورة العادية الثانية لمجلس الشورى الوطني ان هذا اللقاء يأتي في سياق عالمي واقليمي ووطني دقيق وحساس يشهد تحولات مفصلية وجذرية يعرفها العالم وتعيشها الإنسانية.
كما أننا نجتمع في بداية عام جديد تصنع اتجاهاته ومسارته الأحداث الكبرى التي عرفتها السنة المنقضية والتي تؤسس إلى خريطة سياسية وإقليمية بتوازنات ومعادلات جديدة.
السياق الدولي والإقليمي
السياق بتطورات القضية المركزية الفلسطينية:
تطورات الوضع على ارض فلسطين وفي غزة المعجزة بعد أكثر من 100 يوم من الحرب الصهيونية الصليبية التي يخضوها الكيان الصهيوني الغاشم والمتحالف مع أمريكا والقوى الغربية الراعية له والتي تحولت إلى حربا عالمية ثالثة مركزها أدنى الأرض في فلسطين المحتلة وغزة العزة وستجر المنطقة كلها إلى حالة اشتباك واسع وما الأحداث المرتبطة بنقل المعركة إلى جوار الأراضي الفلسطينية في لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران وبكستان إلا دليل على إرادة أمريكية صهيونية على توسيع نطاق الحرب بما يورط العالم أجمع في صراع يعيد الكفة إلى المشروع الصهيوني العالمى الذي دمر وانهار بغزوة طوفان الأقصى وما رسمته من نتائج فاقت الخيال:
واسست المعركة إلى طوفان جرف كل الأوساخ التي ارهقت الإنسانية.
فانطفأ المد اللاأخلاقي الشذوذي وانكسر استعلاء منتكسي الفطرة.
واندحر المد الصهيوني التلمودي الذي اجتاح المنطقة العربية.
وانقلبت صورة إسرائيل من الضحية المظلومة في العالم إلى الظالمة القاتلة الفاشية.
وسقط الغرب الذي رفع راية الحقوق الانسانية والحضارية سقوطا لا رجعة بعده.
وعادت الحياة إلى الشعوب الإسلامية والعربية بعد أن كاد ان يصيبها اليأس.
وعادت روح وشعارات المقاومة والتحرير وعاد الشعور بالعزة والفخر والرفعة إلى هذه الشعوب الأمة بعد أن انفقت المليارات على تغريبها.
وارتفعت حصيلة تضحيات أهلنا في فلسطين وعلى أرض غزة الذين يعانون خسارات كبرى تؤلمنا وتحرق قلوبنا ولكننا بفضلهم هم فقط نكسب مكاسب كبرى على مستوى صراع الأجيال، ولا عزاء للصهاينة والصليبيين والمتصهينين العرب.
انخراط بعض الدول العربية في الدعم المباشر للصهاينة وعودة المقايضة بالتطبيع لايقاف الحرب كما هو الحال مع المملكة السعودية.
مساهمة معركة طوفان الأقصى في صناعة وعي عام عالمي بحقيقة وعدالة القضية الفلسطينية وما موقف جنوب افريقيا الأخير إلا انتصارجديد على المستوى الدلوماسي والقانوني لصالح القضية والمقاومة الفلسطينة.
كما أن الموقف الدبلوماسي الجزائرى في مجلس الأمن وفي قمة اوغندا لدول عدم الانحياز يشكل اسنادا حقيقيا للقضية الفلسطينة.
الضغط على الدول العربية الرافضة للتطبيع ومسار الخيانة وبيع القضية من خلال رفض تقديم المساعدات الإنسانية او اجلاء الجرحى.
تطورات الوضع الدولي والإقليمي في منطقة الساحل.
استمرار تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة قد يصل الى المواجهة العسكرية في تايوان.
استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي قد تصل الى تقسيم أوكرانيا بسبب إنشغال الغرب بحماية الاحتلال الإسرائيلي مما سمح لروسيا بالتقدم.
التوترات التي ستشهدها منطقة الساحل الافريقي باعتبارها منطقة هشة سياسيا واقتصاديا ومضطربة امنيا بسبب الانتشار الواسع لمختلف أدوات النفوذ الخارجي وانتشار كل أنواع الجريمة المنظمة واستمرار مسلسل الانقلابات.
سيشهد عام 2024 سلسلة من الانتخابات الحاسمة في اهم دول العالم حيث ستجري حوالي 70 دولة، تمثل 50% من سكان العالم اهمها حسما وتأثيرا الانتخابات في الولايات المتحدة وروسيا، كما ستكون 22 دولة اوربية و15 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا، على موعد مع انتخابات مهمة.
سيطرة الذكاء الاصطناعي على مجالات حيوية في الصراع والواقع الافتراضي.
يشهد الاقتصاد العالمي في عام 2024 تغيرات جوهرية في مختلف المؤشرات. مع تسجيل اضطرابات في أسعار البترول وتشهد جغرافية الطاقة إعادة تنظيم لصالح الطاقة النظيفة، مما يؤدي إلى خلق قوى عظمى خضراء وعصر الطاقة الجديد.
ارتفاع معدلات التضخم، المصحوبة بحالات ركود محتملة. مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. واضطراب السياسات النقدية العالمية.
تفاقم الاختلالات المرتبطة بسلاسل التوريد والشحن والملاحة البحرية والطرق البرية بسبب الازمات والتوترات السياسية وتوسيع نقاط بؤر التوتر وسقوط العديد من مشاريع طرق التجارة العالمية بسبب تداعيات معركة طوفان الأقصى.
اتجاهات السياق الوطني:
لعل الوضع السياسي في البلاد يعيش حالة ترقب وترصد بسبب حالة التجديد القيادي التي عرفتها معظم الأحزاب الفاعلة من خلال نتائج المؤتمرات الحزبية التي كانت سنة 2023 مسرحا لها والتي نأمل ان تساهم في بعث العملية السياسية وإعادة بناء التنافسية السياسية على أسس التدافع الفكري والسياسي.
باعتبار سنة 2024 هي سنة انتخابات رئاسية تشكل الحدث الأبرز في هيكلة الأداء السياسي لكل مكونات الساحة السياسية على مستوى السلطة بكل أجزاءها والطبقة السياسية والمؤسسات المجتمعية.
استمرار الوضع المنكمش للحريات الإعلامية والسياسية والنقابية واستمرار حالة التضييق على الحريات الفردية والجماعية.
حالة الركود والانكماش الاقتصادي المرتبطة بإدارة التوازنات المالية والاقتصادية في البلاد واثارها الاجتماعية الصعبة المرتبطة بانهيار القدرة الشرائية وحالات اضطراب السوق ومشاكل الندرة والتمويل وارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات التضخم.
ارتفاع مستويات الدين العمومي الداخلي المستحق على الخزينة العمومية (المديونية الداخلية) حاليا يبلغ حوالي 115 مليار دولار بما يمثل 48 % من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يمثل حجم الميزانية العامة السنوية لسنة 2024. بسبب انتهاج سياسة تمويل النفقات العمومية بالعجز الموازني، الذي يعني عجز الميزانية وتراكم المديونية الداخلية. حيث وصل عجز الميزانية السنوية 2024 الى 40%
التوسع في النفقات العمومية بسبب ارتفاع في نفقات التسيير والبحث عن تحقيق مستوى الاشباع عبر الأجور والمنح الاجتماعية باعتباره أساس ارتفاع النفقات النهائية.
الاستثمارات الاقتصادية الفعلية المحققة الوطنية والأجنبية على وجه الخصوص تعدادا وقيمة ما تزال متدنية ولا تستجيب لاحتياجات استحداث عروض عمل تتوافق ومخرجات الجامعات ومراكز التكوين، ثم إن 27 % كعدل رسمي مصرح به لنسبة البطالة في أوساط خريجي الجامعات هو معدل جد مرتفع.
استمرار الاعتماد على الريع ممثلا في الجباية البترولية يغطي جزء من نفقات التسيير، في حين أن المفترض أن الجباية العادية من تتولى كلية تغطية ذلك، يعني هذا أن النشاط الاقتصادي وتطور معبر عنه بالنمو لم يبلغ المستوى الذي يحقق ايرادات جبائيه عادية تتيح للدولة تغطية نفقاتها العادية ومن ثم توجيه الريع للإنفاق الاستثماري.
التشخيص ان الجزائر تعاني من مشكل رئيسي في التسيير والحوكمة وحينما نتكلم عن التسيير نعني ان المشكل في الرجال و الاختيارات التي طالما ثبت انها خاطئة.
غياب الرؤية بعيدة المدى حيث نغير السياسات والبرامج والقوانين بناء على معطيات ظرفية وسرعان ما يتكشف فشلها او خطؤها و المطلوب منا اذا اردنا النهوض أن تكون هناك رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية واضحة ومحل اجماع وقبول لدى غالبية الجزائرين فنحن بحاجة دائمة وماسة إلى توافق على ينفع بلدنا و يجعلنا لا نضيع الفرص تلو الفرص.
استمرار وتنامي الاكرهات الخارجية المرتبطة بالمخططات العدائية التي تستهدف كل دول الجوار والمنفذة من قبل التحالف مع المغربي والإماراتي والفرنسي والتي لها أبعاد مرتبطة بالتطبيع وأخرى بالنفوذ في منطقة الساحل ودول الجوار.
سياقات حركة مجتمع السلم واتجاهات عملها:
قدمت حركة مجتمع السلم حصيلة معتبرة في الفترة المنقضية من بعد المؤتمر الثامن وقد سجل التقرير الذي سيعرض على مجلس الشورى مساهمات سياسية وبرلمانية وإعلامية معتبرة في ساحة سياسية تعرف ركود غير مسبوق.
أشرفت قيادة الحركة على حوالي 50 فعالية وطنية وجهوية وولائية.
خصصت برنامج عبر مسار متكامل لدعم القضية الفلسطينية وخاصة بعد معركة الطوفان.
ساهمت في مرافقة الكتلة البرلمانية عبر العديد من المحطات الهامة كبيان السنوي للحكومة وقانون المالية والاستجوابات والمبادرات البرلمانية.
أسست الهيئات الاستشارية للشباب والمرأة وهيئة المستشارين واعادت هيكلة اللجان القطاعية.
شاركت الجالية الجزائرية في الخارج في ملتقى بباريس وآخر بتركيا وتأجيل لقاء لندن بسبب ظروف الحرب على فلسطين.
زيارة الولايات وتجميع أبناء الحركة في اللقاءات والتجمعات.
سجلت حضورها الإعلامي في كافة المناسبات والمحطات والتحولات.
جسرت العلاقات مع كافة الجهات الرسمية والحزبية والمجتمعية.
قدمت خطاب سياسي جامع ومستوعب يدعو للتوافق ويكرس التعايش.
إن الحركة ومن خلال كل اسبق حريصة على:
الدعوة المستمرة الى فتح المجال السياسي خاصة ونحن مقبولون على سنة انتخابية تقتضي تكريس واسع للحريات وحرية الممارسة السياسية والإعلامية.
الدعوة المستمرة والثابتة لحماية كافة أشكال الحريات الفردية والجماعية التي كفلها الدستور وكرسها القانون.
الالتقاء على رؤية توافقية تجنب البلاد المخاطر الاقتصادية والاكراهات الاجتماعية والتحديات الخارجية تسمح بالنقاش المسؤول حول الآفاق والرهانات وتستهدف حماية البلاد.
حركة مجتمع السلم اختارت مقاربة سياسية قائمة على ان تبقى قوة تدافع ورأى مخالف من منطلق الاختلاف في تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتنموي ووضع الحريات العامة في البلاد وبالتالي فانها تعتز بصدقية مواقفها وصواب استشرافاها.
الواقع المعاش يخالف المقاربات المطروحة بسبب المنظومة البيروقراطية ومقاومة التغيير واستمرار تفشي بعض مظاهر الفساد وملف الغلق السياسي والإعلامي ومعالجة قضايا الحريات وتراجع القدرة الشرائية ومشاكل اضطراب السوق.
حركة مجتمع السلم تعتبر نفسها حزب مسؤول مهما كان الموقع السياسي مما يقتضي الدفاع على مواقفها ومبادئها بكل استقلالية وسيادة خدمة للوطن ودعم للمسار الإصلاح والتغيير.