اكد عبد الرحمان حمزاوي رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني انه لا ريب أن التمكين للمجتمع المدني وتفعيل دوره وترقية مكانته كحليف استراتيجي في استقامة الدولة وأخلقة الحياة العامة، ينبع من رؤية سديدة وثاقبة وإستشرافية نحو جزائر جديدة مزدهرة وعصرية، في ظل حكم راشد وديمقراطية حقيقية، وتنمية مستدامة، تضع المواطن في صلب اهتمامها باعتباره شريكا في اتخاذ القرار وصنع السياسات العمومية التي تعنيه وتستهدفه.
ومشددا إن الجزائر الجديدة التي استكملت بناء مؤسساتها الدستورية تمضي قدما بثبات نحو الأفضل بمجتمعها المدني الذي حظي بتأسيس هيئة جديدة أسسها دستور نوفمبر 2020 لأول مرة في تاريخ الجزائر، وهي المرصد الوطني للمجتمع المدني، هيئة استشارية لدى رئاسة الجمهورية زودت بمهام وصلاحيات جد واسعة ومهمة من شأنها أن تجعل من المجتمع المدني ركيزة أساسية في بناء الجزائر الجديدة.
واعتبر حمزاوي ان المرصد الوطني الذي نصبه رئيس الجمهورية يوم 29 ديسمبر 2021، انطلق مباشرة في العمل الهادف إلى تنظيم وتنسيق جهود فعاليات المجتمع المدني ودراسة وضعيته وتشخيص واقعه. فباشر تنظيم هياكله وسطر خطته الإستراتيجية وعقد اللقاءات والندوات والأيام الدراسية التي تناولت أهم المواضيع التي تعني المجتمع المدني. كما عمل على تكثيف الاتصال والتواصل بالمجتمع المدني محليا عن طريق الزيارات الميدانية واللقاءات المباشرة وكذا تلقي الانشغالات عبر الأرضية الرقمية للمرصد ، وتنظيم الحملات التي استهدفت تفعيل وتأطير أنشطة المجتمع المدني أثناء الأزمات التي شهدتها الجزائر هذه السنة، والتحسيس بالقضايا والمسائل الهادفة لرفع الوعي الوطني وإشراك المواطنين وممثليهم من جمعيات و تنظيمات في الرقي بالحس المدني و المواطنة الايجابية الفاعلة.
ومذكرا بأن عمل المرصد خلال سنته الأولى على تجسيد التشاركية كأولوية في مخطط عمله، فعمل في هذا الإطار على تكثيف التنسيق والتعاون مع الهيئات والمؤسسات العمومية، فتم تشكيل لجان مشتركة مع العديد من القطاعات الوزارية، وإعداد برامج عمل مشتركة مع العديد من الهيئات والمؤسسات. كما تم عقد لقاءات تشاورية بين فعاليات المجتمع المدني والسلطات المحلية عبر كافة الولايات للوقوف على واقع وانشغالات الجمعيات وتبني مقترحاتها وتوصياتها.
وفي هذا الصدد، نظم المرصد تحضيرا لهذه الجلسات الوطنية ثمانية وخمسين ندوة ولائية ضمت ما يفوق 30000 فاعل من المجتمع المدني، تدارسوا مواضيع تخص ترقية المجتمع المدني وأخلقة عمله وإرساء قواعد الديمقراطية التشاركية وتكريسها للمساهمة في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة، وكذا العمل على تثمين التطوع كقيمة اجتماعية والعمل على مأسسة العمل الجمعوي والارتقاء به إلى معايير جودة عالية ومستدامة.
واوضح رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني ان ممثلي عن الجمعيات المحلية تم اختيارهم من طرف نظرائهم في الندوات الولائية بكل ديمقراطية وشفافية، وممثلون عن الجمعيات الوطنية التي سجلت في المنصة الالكترونية للجلسات وفق معايير وإجراءات دقيقة وواضحة، وحرصنا على مشاركة النقابات والتنظيمات المهنية وممثلين عن الجالية الوطنية في الخارج وخبراء وأساتذة وكفاءات وطنية وكذا إطارات من الدوائر الوزارية والهيئات العمومية في هذه الجلسات، لتدارس ومناقشة مواضيع مهمة، مشفوعة بما نتج عن الندوات الولائية وعن مختلف الندوات الوطنية، وما ساهم به العديد من الفاعلين الوطنيين في الميدان وعن طريق المنصة الالكترونية للجلسات. والوصول إلى توصيات تتيح وضع خطة ترقى بفعاليات المجتمع المدني لأداء دوره بكفاءة وفعالية قصوى مساهما في تقدم وتطور البلاد جنبا إلى جنب مع السلطات العمومية.
لقد تلقينا كما كبيرا من طلبات المشاركة في هذه الجلسات في الأيام الأخيرة، لم يتح تلبيتها، لمقتضيات تنظيم الجلسات و الالتزام بالمنهجية التي وضعناها في متناول الرأي العام بكل شفافية . لكن نحن متأكدون أن نوعية الحضور وتنوعه وصدقية تمثيله لكل فعاليات المجتمع المدني سيكون الناقل والمرافع الأمين باسمه.
ولا شك أن هذه فرصة ثمينة لطرح انشغالات الحركة الجمعوية وفعاليات المجتمع المدني وتدارس التحديات والعوائق التي تحد من فعاليتها في النشاط وأداء أدوارها بكفاءة ، وسانحة لاقتراح الحلول ووضع التصورات والمرافعة لتجسيدها على أرض الميدان، في ظل الإرادة السياسية القوية للدولة من أجل تمكين المجتمع المدني وإشراكه وترقية أدائه، وجعله ركيزة أساسية لبناء الجزائر الجديدة.
ونحن في رحاب الذكرى الستين للاستقلال واستعادة السيادة الوطنية، وفي شهر نوفمبر الأغر ، الذي احتفلنا في فاتِحِه بالذكرى الثامنة والستين لاندلاع الثورة التحريرية الكبرى. اسمحوا لي أن أتقدم باسم جميع الحاضرين إلى الشعب الجزائري عامة و إلى السيد رئيس الجمهورية خاصة، بأسمى عبارات التهاني الخالصة وفائق المشاعر القيمة المفعمة بالفخر والاعتزاز، للنجاح الباهر للقمة العربية الواحدة والثلاثين وما أسفر عنه إلتئامها على أرض الشهداء. هذه القمة وما سبقها من نجاحات للدبلوماسية الجزائرية بوأ بلادنا مكانتها المستحقة وجعل منها قاطرة للعمل العربي المشترك ولم شمل العرب على أرض الجزائر الطاهرة. وهو ما يؤكد عودة بلادنا إلى لعب دورها المحوري وتصدرها المحافل الدولية والإقليمية باقتدار وثبات.
ومذكرا بالنشاطات الاخيرة للمرصد اين ذكر انه لم يغب المجتمع المدني عن المساهمة في هذا المسار، فقد دفعت الجزائر بالبعد الشعبي في العمل العربي المشترك من خلال مخرجات القمة العربية المتمثلة في إعلان الجزائر. وسبق ذلك المبادرة بلقاء فواعل من المجتمع المدني من الدول العربية وجمعهم على مناقشة عدة مواضيع تخص تحديات ورهانات العالم العربي في ظل التحولات الدولية وخروجهم بتوصيات جد هامة، خلال منتدى تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك الذي احتضنته مدينة وهران شهر سبتمبر الماضي.