اعتمدت الجمعية العامة القرار A/ES-11/L4 – “تعليق حقوق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان” – بموافقة 93 دولة ومعارضة 24 وامتناع 58 دولة عن التصويت، خلال الدورة الطارئة الحادية عشرة.
وبذلك تقرر تعليق عضوية الاتحاد الروسي من مجلس حقوق الإنسان.
ومن بين الدول العربية التي امتنعت عن التصويت: السودان، مصر، الأردن، قطر، البحرين، الكويت، العراق، تونس، اليمن، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان. أما الجزائر وسوريا، فصوتتا ضد مشروع القرار الذي اعتمد اليوم.
وعقب اعتماده، تحدثت عدة دول، نلقي الضوء على بعض منها:
روسيا: سنستمر في أداء التزاماتنا
قال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، غينادي كوزمين، إن روسيا اعتبرت مجلس حقوق الإنسان جزءا هاما من النظام الدولي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، ودوره الأساسي يتمثل في الإسهام في إجراء حوار حكومي دولي غير مسيّس حول القضايا الأساسية لحقوق الإنسان.
“لسوء الطالع وفي الظروف الراهنة، فإن هذا المجلس احتكرته مجموعة واحدة من الدول وتستخدمه لأهدافها قصيرة الأمد. فمن يدّعون أن عندهم معايير سلوك في مجال حقوق الإنسان، هذه الدول نفسها ولسنوات طويلة انخرطت في انتهاكات خطيرة ومتكررة لحقوق الإنسان، بالرغم من عضويتها في مجلس حقوق الإنسان، وهي ليست مستعدة للتضحية بمصالحها الاقتصادية وغيرها قصيرة الأجل لإضفاء الاستقرار على أوضاع حقوق الإنسان في دول مختلفة.”
وأشار إلى أن التزام روسيا بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها “لا يسمح لنا بالبقاء عضوا في آلية دولية أصبحت ممكِّنا لهذه المجموعة من البلدان ومساعِدا لها في الدفع بمصالحها وتحقيق أغراضها بتصويتات لاعتماد قرارات مثل هذا القرار.”
وأكد أن تعليق عضوية روسيا قبل انتهاء عضويتها “لا يعني أننا لن نستمر في أداء التزاماتنا الدولية بخصوص حقوق الإنسان.”
الصين: القرار مثل إلقاء الوقود على النار
دعا مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، تشانغ جيون، إلى إنهاء القتال في أقرب فرصة وأكد أن بلاده ستدعم الجهود والإجراءات التي تتدخل للمساعدة في الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا، وحماية المدنيين الأبرياء وتوفير احتياجاتهم.
وقال إن التقارير والصور للقتلى في بوتشا تثير القلق، والظروف والأسباب لهذه الأحداث المروّعة لا بد أن تصبح معروفة لكي تُتخذ القرارات عن دراية، مع ممارسة ضبط النفس وتفادي الاتهامات.
وقال: “الحوار والتفاوض هما السبيلان الوحيدان للخروج من أزمة أوكرانيا.”
وأكد أنه لا يجب إلقاء المزيد من الوقود على النار فيزيد ذلك من المواجهات التهابا مما يؤدي إلى الخسائر بين المدنيين.
وأشار إلى أن الصين تنادي دائما بتعزيز حقوق الإنسان، وفي نفس الوقت فإن الصين تعترض على تسييس قضايا حقوق الإنسان، والأخذ بنهج المواجهة والصدام أو الضغط على دول أخرى باسم حقوق الإنسان.
وقال: “سيحرم القرار بلدا من عضويته في مجلس حقوق الإنسان ولا يمكن التعامل مع مثل هذا القرار سوى بأقصى درجات القلق.. هذا المشروع لم يُصَغ بشكل منفتح وشفاف ولم تسبقه مشاورات مع كل الأعضاء للاستماع إلى أكبر قدر ممكن من الآراء. هذا تصرف متسرع وسيؤدي إلى مزيد من الانقسام بين الدول الأعضاء.”
الجزائر تعارض القرار
صوتت الجزائر ضد مشروع القرار، وقال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد النذير العرباوي، في الجمعية العامة إنه ينبغي السماح للآليات الأممية المختصة بالتحقيق في الوقائع بطريقة محايدة حتى يتسنى إقرار العدالة للجميع.
ودعت الجزائر إلى احترام مبادئ العالمية، الموضوعية واللاانتقائية التي تشكل حجر الزاوية في عمل مجلس حقوق الإنسان، مع النأي بمجلس حقوق الإنسان عن أي تجاذبات سياسية من شأنها التأثير على دور ومهام هذه الهيئة المحورية.
وجددت الجزائر دعمها للمفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا من أجل وقف العمليات العسكرية. وقال ممثل الجزائر إن بلاده “تجدد دعوتها لتكثيف الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية لحل الأزمة الراهنة، بما يمكن من منع الانهيار المتزايد للمعايير الدبلوماسية والتوصل، في أقرب وقت ممكن، إلى حل سياسي يضمن الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومصالحها الحيوية المشروعة.”
قطر تمنتع عن التصويت وتشدد على سلامة المدنيين
في تبريرها لموقف بلدها، قالت السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، إن قطر امتنعت عن التصويت لأنها تدعو إلى تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وعدم التدخل في شؤون الدول.
وقالت: “شددت دولة قطر مرارا على أن ضمان سلامة المدنيين يجب أن يحظى بأولوية قصوى والالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المرافق والبنى التحتية المدنية والمدنيين العاملين في المجال الطبي والإنساني والصحفيين.”
وأكدت أن قطر على تواصل مع الشركاء الدوليين لتقييم الوضع الإنساني وتقديم المساعدات اللازمة للشعب الأوكراني.
“نؤكد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للعودة إلى طريق الحوار والمفاوضات، والتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري للأغراض الإنسانية. كما نجدد دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحل الخلاف عبر الحوار والطرق الدبلوماسية.. وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد.”
السعودية: القرار خطوة تصعيدية
أكد نائب المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، المستشار محمد عبد العزيز العتيق، بعد امتناعه عن التصويت، أن بلاده تؤمن بأهمية حماية المدنيين والمواقع المدنية في مناطق النزاعات.
وأضاف يقول: “إلا أنه في الوقت ذاته، فإن بلادي تنظر إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان باعتباره خطوة تصعيدية، من شأنها أن تزيد من حدّة الأوضاع المتوترة.”
وأشار إلى أن السعودية تؤكد على حق الدول المنتخبة في عضوية مجلس حقوق الإنسان في أن تمارس صلاحيتها كاملة وفقا لما نص عليه قرار الجمعية العامة رقم 60/251 المعنون “مجلس حقوق الإنسان” والذي أكد أن الجمعية العامة تسلّم عند النظر في قضايا حقوق الإنسان بمبادئ العالمية واللاانتقائية والقضاء على أسلوب المعايير المزدوجة والتسييس.
الإمارات العربية المتحدة تدعو إلى دعم جهود التحقيق
قالت المندوبة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة، في كلمتها أمام الجمعية العامة إن تحديد الحقائق على الأرض أمر هام لتحقيق العدالة للضحايا والسماح، على المدى الطويل، للمجتمعات بالتعافي والتصالح وبناء السلام.
وتابعت تقول: “كعضو في مجلس حقوق الإنسان، صوّتنا لصالح القرار والذي طالب بإنشاء لجنة تحقيق دولية تحقق في كل الانتهاكات المزعومة وخروقات الإنسان والقانون الإنساني الدولي في أوكرانيا.”
وأشارت إلى أنه تم تعيين أعضاء اللجنة في 30 من آذار/مارس، وبدأوا تحقيقاتهم للتو، مؤكدة أن الإجراءات السليمة تتطلب أن تتمكن الهيئات التحقيقية من إتمام عملها.
وقالت: “اليوم قررنا الامتناع عن التصويت على هذا القرار لأننا نريد أن نتأكد من أن كل القرارات التي نتخذها في الجمعية العامة قائمة على أساس الإجراءات السليمة.”
وشددت على أن “قوتنا المشتركة تتمثل في مشاركتنا الجماعية ولا بد من مضاعفة الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف الأعمال العدائية على الفور في أوكرانيا ودعم المفاوضات الجارية.”
الكويت تجدد الدعوة لوقف الأعمال العدائية
قال المندوب الدائم لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، الذي امتنع عن التصويت أيضا، إن بلاده تجدد دعوتها لأطراف النزاع إلى أن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني بما في ذلك اتفاقيات جنيف والقرارات الإضافية الملحقة بها.
وتابع يقول: “نشيد بجهود الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة لتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن استمرار الأعمال العدائية ومنع تفاقمها.”
وأكدت الكويت منذ بدء النزاع على “موقفها المبدئي والثابت في الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة” الداعية إلى احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامتها الإقليمية والامتناع عن التدخل بشؤونها والعمل على حل النزاعات بالطرق والوسائل السلمية.
وقال: “نجدد هنا الدعوة إلى وقف فوري للأعمال العدائية واستمرار المفاوضات بين الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية وتجنيب المنطقة والعالم تداعياتها السلبية الاقتصادية والإنسانية.”