عرف اليوم البرلماني الذي نظمته المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني اليوم الثلاثاء 31 ماي 2022 حضورا قويا ونوعيا، من خلال تدخلات في موضوع ” قانون البلدية والولاية بين واقع التسيير والإقلاع الاقتصادي” ، تدخلات مهمة حاول من خلالها عدد من المختصين تسليط الضوء على هذا الموضوع من مختلف الجوانب.
خلال مداخلته في فعاليات هذا اليوم البرلماني، أبرز السيد أبو الفضل بعجي أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، أن الاهتمام بالجماعات المحلية وتفعيل دورها لإحداث التنمية المحلية ومساهمتها في الإنعاش الاقتصادي يحتم ضرورة مراجعة وتحليل وإعادة النظر في قانوني البلدية والولاية بمنظور يمنح قيمة مضافة تثري الإطار القانوني لتسيير الجماعات المحلية وتعطي المجالس المنتخبة مزيدا من الاستقلالية، وللمنتخب المحلي صلاحيات فعلية في تسيير الشأن العمومي، بصفته ممثلا للشعب وهذا ما يأتي في صميم اهتمامات الدولة والمجتمع.
وبالمناسبة، جدد السيد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني دعم ومساندة الحزب لمسعى بناء الجزائر الجديدة وكذا لمبادرة اليد الممدودة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية تقويةً للجبهة الداخلية وتمتيناً للحمة الوطنية، لا سيما في ظل الظروف الدولية الراهنة.
وقبل ذلك وفي كلمة ترحيبية بالمشاركين، أكد السيد سيد أحمد تمامري رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، أن الإصلاحات التي باشر بها رئيس الجمهورية تصب في بوتقة تحديث المنظومة التشريعية لبلادنا من جهة، والاستجابة لما تفرضه التحولات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد من حاجة إلى قوانين جديدة، وترقية وتحديد البعض من جهة أخرى، مذكرا في ذات السياق أن رئيس الجمهورية أكد على ضرورة التغيير الجذري لقانوني البلدية والولاية وأن منح صلاحيات أوسع من دون إمكانيات أكبر سيكون دون جدوى، ممّا يستوجب توفير الإمكانيات والوسائل للمنتخبين لما تكتسيه الجماعات المحلية من أهمية ومكانة في تسيير شؤون الساكنة وقربها من المواطن واضطلاعها بمسؤولية التكفل بالشأن العام.
وفيما يخص التحديات التي تشهدها بلادنا، صرح السيد سيد أحمد تمامري، أن الجزائر تواجه تحديات كبيرة في ظل محيط إقليمي محفوف بالمخاطر، تهدف إلى زعزعة استقرارها والمساس بوحدتها والحد من توهجها السياسي والاقتصادي وعودتها على الصعيد الدبلوماسي بقوة وفعالية إقليميا ودوليا، وفي هذا الصدد شدد المتحدث على التزام نواب حزب جبهة التحرير الوطني، رفقة قيادتهم السياسية في لم الشمل وتمتين وتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات التي تواجهها بلادنا داخليا وخارجيا.
ولدى تناوله الكلمة، دعا الخبير في القانون الدستوري مسعود شيهوب إلى إنشاء معهد للتكوين في تسيير الشؤون المحلية، مقدما عديد الاقتراحات بخصوص سيرورة الجماعات المحلية. و أفاد شيهوب أن :”الجماعات المحلية تتمتع بالاستقلال المادي ولكن عمليا لم تتحق هذه المقولة، ولم تبلغ المستوى الذي قدمه المشرع، وأنه صحيح أن هناك انتخابات لاختيار المسؤولين المحليين، لكن الانتخابات تكون على أساس خدمات وليس الكفاءات او الانتخاب حسب الانتماء السياسي، وهو يسفر على سلبيات كثيرة” أما فيما يخص توزيع الاختصاصات، هناك أسلوبان أسلوب بريطاني يحصر اختصاصات الجماعات المحلية في قائمة، أما الفرنسي فلا يحدد الاختصاص ويكتفي بالأمثلة فقط، وهو الأسلوب الذي نأخذ به، لكن هل استطاعت الجماعات أن تمارس صلاحيتها؟ لا وهذا بسبب افتقاد الكفاءات “.
كما دعا شيهوب أيضا إلى :” تفعيل الموارد المالية، من خلال إصلاح ضريبي وجبائي محلي جيد وإعداد قانون خاص يضمن موارد مالية كافية للبلديات تضمن لها القيام بمشاريعها”.
و من جانب آخر، تطرق ذات المتحدث إلى موضوع صلاحيات الولاة، حيث أفاد أن الوالي يتمتع بازدواجية الوظيفة له صلاحيات تمثيل الدولة والجماعات المحلية، وكل مرة يظهر الوالي بصلاحيات، يجب أن تسحب صلاحيات الوالي المحلية وتمنح لرئيس المجلس الشعبي البلدي، وجعله ممثلا للدولة فقط يراقب الشرعية، ما هو محلي يبقى داخل المجلس المحلي.
و من جانبه تطرق الدكتور حميد بوحدي، في مداخلته الخاصة بالحماية القانونية، إلى أن التشريعات القانونية الجديدة الواردة في إطار الإصلاحات قد تكفلت بالحماية القانونية للمسير تطبيقا لتوصية السيد رئيس الجمهورية الخاصة برفع التجريم عن فعل التسيير والتي جمدت العمل بالرسائل المجهولة ، فضلا عن الحماية القانونية التي وفرتها جملة القوانين الواردة في إطار الإصلاحات المفرج عنها والقادمة، وفي مقدمتها استحداث السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد، مشروعي قانون العقوبات ومكافحة الفساد ومشروع القانون التجاري، نافيا أن يكون هناك تعسفا في ممارسة الوصاية من قبل الوالي على المنتخبين المحليين، ليختم مداخلته بأن القضاء هو الفاصل في حالة وجود منازعة بين الوالي والمنتخب، مذكرا بالإصلاحات التي جاء بها كل من قانون التنظيم والتقسيم القضائيين، والمحاكم الإدارية الستة التي تم استحداثها في إطار ضمان التقاضي على درجتين في القضاء الإداري.
وفي آخر مداخلة دعا الأستاذ عبد القادر هدير نحو تمكين أكبر للمنتخبين”، بضرورة التعجيل بالإفراج عن مشروع قانون البلدية والولاية، مع تضمينه صلاحيات أكبر للمجالس المنتخبة، كمنح البلديات ملكية العقارات العمومية بدل تمكينها من الإيجار وحق الامتياز، وذلك لتعزيز مواردها المالية وإصلاح الجباية المحلية. وأكد في ذات السياق أن الجزائر الجديدة تمضي قدما في مسار الإصلاح المتدرج ضمن استراتيجية محكمة ترمي إلى إضفاء الشرعية والمشروعية على المؤسسات كمقدمة لاستعادة الثقة المفقودة.
كما دعا الأستاذ هدير إلى تعميق مفهوم الديمقراطية التشاركية باستشارة الجمعيات والمنظمات مع تمكين المنتخبين المحليين من مهمة توزيع الاعتمادات التنموية وتوزيعها كأغلفة مالية على البلديات بمراعاة خصوصية كل بلدية. وكذا إلى رفع الوصاية المسلطة على المجلس الشعبي البلدي من قبل كل من الوالي، والوالي المنتدب ورئيس الدائرة وبقية المصالح، واستبدالها برقابة المشروعية التي تتعلق بفحص قانونية التصرفات دون التدخل في مهام المجلس.