في خطوة تعكس متانة العلاقات الثنائية والتنسيق الأمني المتزايد بين الجزائر وإسبانيا، أشاد وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، اليوم الاثنين، بالجهود المتواصلة التي تبذلها الجزائر في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والتصدي للشبكات الإجرامية المنظمة، مؤكداً احترام الجزائر الكامل لحقوق الإنسان في تعاملها مع هذه الظاهرة المعقدة.
جاء ذلك خلال أشغال الاجتماع الثنائي الذي جمعه بنظيره الجزائري، وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السعيد سعيود، حيث تناول الطرفان التحديات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها تصاعد ضغط الهجرة غير النظامية عبر حوض البحر الأبيض المتوسط.
وقال مارلاسكا في كلمته إن “بلدينا يواجهان اليوم تحدياً مشتركاً يتمثل في ضغط الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط”، مشيراً إلى أن “الدولة الجزائرية تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة بكل الوسائل الممكنة، في إطار الاحترام التام لحقوق الإنسان”.
وثمّن الوزير الإسباني عمل قوات الأمن الجزائرية، مؤكداً أن جهودها لا تقتصر فقط على مكافحة الظاهرة، بل تمتد إلى “الحفاظ على حياة المهاجرين غير الشرعيين”، في ظل ظروف محفوفة بالمخاطر، حيث تستغل شبكات الإتجار بالبشر هشاشة المهاجرين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وأضاف مارلاسكا أن “تفكيك هذه الشبكات يساهم بشكل مباشر في إنقاذ الأرواح التي تغامر بنفسها عبر البحر”، لافتاً إلى أن “هذه المنظمات الإجرامية تملك قدرة كبيرة على التكيف وتغيير أساليبها ومساراتها لمواصلة نشاطها”، ما يتطلب، حسبه، تعاوناً وثيقاً ومستمراً بين مختلف الدول المعنية، وعلى رأسها الجزائر وإسبانيا.
وأكد المسؤول الإسباني أن الجزائر تعد “شريكاً أساسياً” لمدريد في مختلف المجالات، مضيفاً: “تجمعنا علاقات دبلوماسية متينة، ولا خيار أمامنا سوى العمل المشترك وتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود والقدرات حتى نكون أكثر فاعلية في مواجهة هذه الشبكات”.
كما نوه الوزير الإسباني بما وصفه بـ”النجاحات المحققة على مستوى التعاون الأمني الشامل”، مشدداً على ضرورة توسيع أطر التنسيق لتشمل كذلك مواجهة التحديات الناجمة عن الكوارث والتغيرات المناخية، من خلال تبني “سياسات استباقية أكثر نجاعة وفعالية”.
واختتم مارلاسكا تصريحه بالتأكيد على أن هذا اللقاء يعكس “الثقة الكبيرة التي يتحلى بها البلدان في مواجهة مختلف التحديات المشتركة”، معرباً عن أمله في أن يشكل هذا التعاون المتواصل نموذجاً إقليمياً يُحتذى به في مجالات الأمن والهجرة والتنمية المستدامة.
هذا اللقاء يأتي في وقت تتزايد فيه الدعوات الأوروبية لتكثيف التعاون مع دول جنوب المتوسط لمواجهة تدفقات الهجرة، خاصة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها بعض دول الساحل، والتي تعد منبعاً رئيسياً لحركات النزوح غير النظامي نحو أوروبا.