اختُتمت اليوم الخميس فعاليات المنتدى الاقتصادي المشترك الجزائري–التونسي، الذي نُظِّم على هامش أشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة المشتركة العليا بين البلدين، بتصريحات مهمة وخلاصات عملية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي الاستراتيجي.
وفي كلمته الافتتاحية خلال حفل اختتام المنتدى الذي ناقش محاور “الصناعة والطاقة والسياحة”، أكد وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات الجزائري، البروفيسور كمال رزيق، أن هذا الإطار “يجسّد عمق الروابط التاريخية والأخوية التي تجمع بلدينا الشقيقين، ويعبّر عن إرادتنا المشتركة في الارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة”.
تقييم المسار الحالي وفرص المستقبل
وفي تقييم شامل للعلاقات التجارية الثنائية، أشار الوزير رزيق إلى أن تونس تُعد “الشريك الثاني للجزائر في إفريقيا”، معترفاً بأن حجم المبادلات التجارية الحالي “لا يرقى بعد إلى مستوى تطلعات البلدين”، حيث لا يتجاوز 2.5% من إجمالي المبادلات التجارية الجزائرية مع العالم.
غير أن الوزير سجل تقديره للتطور الملحوظ الذي شهدته هذه المبادلات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث ارتفعت بنسبة 42.34% من 1.620 مليار دولار أمريكي سنة 2022 إلى 2.306 مليار دولار أمريكي سنة 2024. كما ارتفعت الصادرات التونسية نحو الجزائر بنسبة 71.61% لتصل إلى 420 مليون دولار سنة 2024 مقارنة بسنة 2022، مع تنوع ملحوظ شمل الصناعات الصيدلانية والمعدات الخاصة بتركيب السيارات.
رؤية جديدة لتعاون اقتصادي فعّال
“جئنا اليوم لنرسي رؤية جديدة للتعاون الاقتصادي تقوم على الفعالية وسرعة التنفيذ والجدوى المتبادلة”، هكذا لخّص البروفيسور رزيق فلسفة الدورة الحالية من اللجنة المشتركة العليا، التي خلصت إلى حزمة من المحاور العملية والبناءة، أبرزها:
مواصلة تبسيط الإجراءات الجمركية وإنشاء ممرات خضراء للمنتجات الزراعية والمواد سريعة التلف.
الإسراع في تنفيذ اتفاقية الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة.
إنشاء مناطق تجارية حرة مشتركة.
تنفيذ الاتفاق المشترك في حماية المستهلك ومراقبة جودة السلع والخدمات.
استحداث آليات لتسهيل تزويد الأسواق بالمواد الاستهلاكية الأساسية.
التعاون في الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.
تشكيل مجلس رجال أعمال مشترك وتجديد عضويته لإضفاء زخم جديد.
عقد الدورة السادسة للجنة المشتركة للتعاون التجاري خلال الربع الأول من عام 2026 في الجزائر.
أولويات استراتيجية للمرحلة المقبلة
انطلاقاً من هذا التوجه، أوضح وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات أولويات الجزائر في التعاون مع الجانب التونسي، والتي تشمل:
تعزيز الحضور المشترك في الأسواق الإفريقية عبر شراكات ثلاثية تستفيد من الموقع الجغرافي للبلدين كجسر بين أوروبا وإفريقيا.
تطوير الجانب اللوجستي وتفعيل خطوط شحن مخصصة للمنتجات التصديرية.
تبادل المعلومات وإنشاء قاعدة بيانات مشتركة حول فرص التوريد والتصدير، وتنسيق المشاركة في المعارض الدولية.
تطوير برامج تكوين مشتركة للمصدّرين في مجالات اللوجستيات والتمويل التجاري والتجارة الإلكترونية.
تحسين منظومات دعم المؤسسات المصدّرة وتعزيز التكامل بين الشركات الناشئة في البلدين لتطوير الابتكار والتنافسية.
إرادة سياسية لتحقيق التكامل الاقتصادي
واختتم رزيق كلمته بالقول: “إن ما تحقق اليوم ليس مجرد أرقام أو اتفاقيات، بل هو تجسيد حقيقي لإرادة سياسية عليا تقودها قيادتا البلدين، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأخوه الرئيس قيس سعيّد، ونحن على ثقة تامة بأن هذا الزخم سيتواصل ليجعل من الجزائر وتونس نموذجاً للتكامل التجاري والاقتصادي”.










