دعا وزير الاتصال محمد لعقاب في كلمة له بمناسبة اختتام أشغال مؤتمر الإعلام العربي الذي نظمه اتحاد اذاعات الدول العربية بتونس، تحت عنوان “الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي، الفرص والرهانات”،إلى التعامل مع الذكاء الاصطناعي بحكمة وعقلانية ونفعية مشددا أن “التخوف من الذكاء الاصطناعي اقترب من الهوس، غير أن التجربة الانسانية اثبتت حسبه أن التكنولوجيا تنتصر في النهاية، ويكون على الانسان في كل الاحوال، التعامل معها بحكمة وعقلانية ونفعية.”
كما عرج في ختام كلمته على معاناة الأشقاء في فلسطين وفي غزة بالتحديد، في ظل العدوان الهمجي للكيان الصهيوني، مترحما في الوقت ذاته، على أرواح شهداء مهنة الصحافة الذين سقطوا في ميدان الشرف، ومنوها بالأدوار البطولية التي يقوم بها الصحافيون بكل شرف هناك، من أجل القضية الفلسطينية وايصال صوت الحق والحقيقة.
يذكر أن المؤتمر الثالث للإعلام العربيّ “الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي: الفرص والرهانات جاء بمبادرة من اتحاد إذاعات الدول العربيّة، برعاية حياة قطاط القرمازي- وزيرة الشؤون الثقافية بتونس، ومشاركة محمد لعقاب- وزير الاتصال و الوزير أحمد عساف النائب الأوّل لرئيس اتحاد إذاعات الدول العربيّة، والمشرف العام على الإعلام الرسمي الفلسطيني، و محمد صالح بن عيسى- الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، و السفير أحمد رشيد خطابي- الأمين العام المساعد- رئيس قطاع الاعلام والاتصال بجامعة الدول العربية.
وقد ترأّس المؤتمر محمد بن فهد الحارثي، رئيس اتحاد إذاعات الدول العربيّة والرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعوديّة، بحضور المهندس عبد الرحيم سليمان، المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربيّة، وبمشاركة واسعة من الجهات المعنيّة بالنشاط الإعلاميّ في الوطن العربي، بما في ذلك الرؤساء وكبار المسؤولين في الهيئات الإذاعيّة والتلفزيونيّة العربيّة العامة والخاصة، وممثلو جامعة الدول العربيّة والاتحادات الإذاعيّة الاقليميّة والدوليّة والمهنيّون والأكاديميّون والخبراء من الوطن العربيّ وخارجه، بالإضافة إلى شخصيّات إعلاميّة بارزة على المستويين العربيّ والدوليّ وممثّلي مصنّعي الاجهزة ومطوّري التطبيقات الرقميّة وغيرهم.
امتدّت مداولات المؤتمر على مدار يومين وتناولت المحاور التالية:
اليوم الأوّل:
المحور الأوّل: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي
المحور الثاني: الذكاء الاصطناعي ومهن الإعلام
المحور الثالث: الجوانب الفنية والتكنولوجية لاستخدام الذكاء الاصطناعي
اليوم الثاني:
المحور الرابع: الذكاء الاصطناعي- الأخلاقيات والتشريعات
المحور الخامس: عرض لتجارب ناجحة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الميدان الإعلامي.
في ضوءِ الأوراقِ والمداخلاتِ القيّمة التي تمّ تقدُيمها خلالَ مؤتمر الإعلام العربيّ الثالث المنعقد في تونس يومي 17 و18 يناير 2024بمبادرةٍ من اتحاد إذاعات الدول العربيّة، والمناقشاتِ المكثّفةِ التي تَلَت كلَّ جلسة حوارية من المحاور الخمسة، اتّخذ المؤتمر التوجيهاتِ والتوصياتِ التالية:
أولاً: على المستوَيين الوطنيّ والإقليميّ
تكليفُ الهياكلِ التشريعيّةِ المختصّة بتطويرِ تشريعاتٍ واضحةٍ لاستخدامِ الذكاءِ الاصطناعيِّ بالاستئناسِ بالتشريعاتِ الدوليّةِ الجاري العملُ بها، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR، والإصدارِ المحتملِ لقانونِ الذكاءِ الاصطناعيِّ الأوروبيّEuropean AI Act.
لعمليّةِ التحوّلِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ تأثيرٌ كبيرٌ على المجتمع: فسوفَ تخسرَ بعضُ الشركاتِ والقطاعاتِ والعمّال، وسيكسبُ آخرون. وفي هذا الإطار، تبرز أهميّة دور الحكوماتِ في تقديمِ التعويضاتِ كأمرٍ ضروريٍّ للحصولِ على تقبّلٍ اجتماعيٍّ للتحولِ إلى الذكاءِ الاصطناعيّ.
إدراجُ تعليمِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في جميعِ مراحلِ التعليمِ وتدريبُ القوى العاملةِ على مهاراتِ الذكاءِ الاصطناعيّ كلٌّ في مجالِ اختصاصِه.
وضعُ الحكوماتِ سياساتٍ وأطر داعمةً للشركاتِ الناشئةِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ ودعمُ البحثِ العلميّ. إنشاءُ ودعمُ حاضناتٍ للشركاتِ الناشئةِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ لتوفيرِ الإرشادِ والتمويل.
إنشاءُ هياكلَ حوكمةٍ إقليميّةٍ ووطنيّةٍ، بما في ذلك اللجانِ العلميّةِ، ومجالسِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، والمنتدياتِ الاستشاريّة، للإشرافِ على ممارساتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ وضمانِ المساءلة.
ثانياً: على مستوى المؤسساتِ الإعلامية
تخصيصُ المواردِ داخلَ المؤسساتِ الإعلاميةِ لتطويرِ البُنى التحتيةِ التقنيةِ والاستثمارِ في أدواتِ الذكاءِ الاصطناعي التي تعزِّزُ عملياتِ إنشاءِ المحتوى الإعلامي، وبدءُ مشاريعَ تجريبيةٍ لاختبارِ وتقييمِ جدوى وفعاليةِ تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعي الناشئةِ في العمليّاتِ الإعلاميّة.
إنشاءُ برامجَ تدريبيةٍ لتحسينِ مهاراتِ العاملينَ في المؤسساتِ الإعلاميةِ على الاستخدامِ الفعّالِ لتطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في إنتاجِ وإدارةِ المحتوى، وتطويرُ استراتيجياتِ التعلُّمِ المستمرِّ والتكيُّفُ مع تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ المستجِدَّةِ بينَ العاملينَ في الإعلامْ. ودمجُ الاعتباراتِ الأخلاقيةِ المتعلقةِ باستخدامِ الذكاءِ الاصطناعي بالمهنِ الإعلاميةِ في المناهجِ التعليميةِ للإعلاميينَ الجُدُدْ.
إنشاءُ أو تكليفُ هيكلٍ تنظيميٍّ متخصّصٍ يتولّى دراسةَ استخداماتِ حلولِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في عملياتِ التشغيلِ والإنتاجِ والتوزيعِ وتكامُلِها مع باقي العمليّاتِ التقنيةِّ والتشغيليةِّ داخلَ المؤسساتِ الإعلاميّة. لتعظيمِ تأثيراتِ الإنتاجيةِ وتقليلِ التأثيراتِ السلبيّة، يوصى بإشراكِ الموظّفين في تصميمِ وتنفيذِ واستخدامِ التكنولوجيا في مكان العمل.
لا ينبغي للمؤسساتِ الإعلاميّة أن تفكّرَ فقط في خفضِ التكاليفِ من خلالِ الذكاءِ الاصطناعيّ، بل عليها أيضًا تحديدُ المصادرِ المحتملةِ لخلقِ القيمة: القيمة الاقتصاديّة، إذا كانت شركةً ربحية؛ أو القيمةِ الاجتماعيّةِ، إذا كانت مؤسّسةً عامّة. كما يمكنُ أيضًا للذكاءِ الاصطناعيّ إضافةُ القيمةِ كمكمّلٍ للخبراتِ البشريّة الموجودةِ داخلَ المؤسّساتِ التي يجبُ أن تعطي الأولويةَ للتدريبِ وإعادةِ تكليفِ الموظّفين بمهامَ جديدةٍ بدلاً من طردِ الموظّفين، مركّزين على المهنِ الأكثرَ عرضةً للخطر.
إنتاجُ برامجَ تعرُضُ المشاريعَ والابتكاراتِ الناجحةِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ داخلَ السياقِ المحلّيِّ إذ يُمكِنُ أن تُلهِمَ القصصُ الإيجابيّةُ الثقةَ، وتعزّزُ الاهتمامَ في هذا المجال.
إنتاجُ محتوىً حياديٍّ يشملُ كلّاً من الفوائدِ المحتمَلةِ والتحدياتِ التي تواجهُ استخداماتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في جميعِ الميادينِ الاقتصاديّةِ والاجتماعيِةِ مع تَجَنُّبِ التضخيمِ وتوفيرِ رؤيةٍ أكثرَ شموليةً لتأثيرِ التكنولوجيا.
ثالثاً: في التعاونِ بينَ المؤسّساتِ الإعلاميّةِ ومعَ مطوِّري الذكاءِ الاصطناعيّ
تشجيعُ التعاونِ بينَ المؤسّساتِ الإعلاميّةِ ومطوِّري الذكاءِ الاصطناعيِّ والجامعات المحليين لإلمامهم الأوسع بالخصائص اللغوية والثقافية والاقتصادية الوطنية من أجل تصميمِ حلولٍ متناسبةٍ معَ الاحتياجاتِ المحدَّدةِ لصناعةٍ الإعلامْ.
مراقبةُ قوانينِ ولوائحِ الذكاءِ الاصطناعيِّ العالميّةِ، والتعلُّمُ من الأساليبِ والاستراتيجياتِ المتنوعةِ، والسعيُ إلى التعاونِ من أجلِ ممارساتِ ذكاءٍ اصطناعيٍّ مسؤولةٍ وأخلاقيةٍ في الخدماتِ الإعلاميّة.
إنشاءُ أو المشاركة في منتدياتٍ للمؤسّساتِ الإعلاميّةِ للتعرّفِ وتبادلِ المعلوماتِ حولَ تجاربِ تطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ ونشرُ أفضلِ الممارساتِ في هذا المجال.
رابعاً: الذكاءُ الاصطناعيُّ في الصحافةِ وغرفِ الأخبارْ
تشجيعُ وسائلِ الإعلامِ والصحفيّينَ على إعطاءِ الأولويّةِ للالتزامِ بالأخلاقيّاتِ الصحفيّةِ عندَ استخدامِ التكنولوجيا، مع التركيزِ على الصدقِ والدقّةِ والإنصافِ والحياديّةِ والاستقلاليّةِ وعدمِ الأذى وعدمِ التمييزِ والمساءلةِ واحترامِ الخصوصيّةِ وسرّيّةِ المصادرْ.
تحديدُ المسؤوليّاتِ المرتبطةِ باستخدامِ أنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في وسائلِ الإعلامِ، وإسنادُها إلى الأشخاص لضمانِ الالتزامِ بأخلاقيّاتِ الصحافةِ والمبادئِ التوجيهيّةِ التحريريّةِ، مع التأكيدِ على المسؤوليّةِ والمساءَلَةِ عن كلِّ المحتوى المنشورْ.
تعزيزُ الشفافيّةِ من خلالِ الكشفِ بوضوحٍ عن أيِّ تأثيرٍ مهمٍّ للذكاءِ الاصطناعيِّ على إنتاجِ أو توزيعِ المحتوى الصحفيِّ والإفصاحِ عنهُ بوضوح، والاحتفاظُ بسجلٍّ شاملٍ لأنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ المستخدمة، مع تفصيلِ الغرضِ والنطاقِ وشروطِ الاستخدامْ.
تطويرُ معاييرِ الشفافيةِ والالتزامُ بها، خاصةً لأنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ التوليديِّ، والامتثالُ لقوانينِ حقوقِ النشرِ والملكيةِ الفكريةِ وحمايةِ البيانات، وتعزيزُ الانفتاحِ حولَ المصادرِ المستخدَمةِ في تدريبِ هذه الأنظمة.
حوكمةُ نفاذِ أنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ إلى المحتوى الصحفيِّ من خلالِ اتفاقياتٍ رسميةٍ تَضمَنُ استدامةَ الصحافةِ، ونَسبُ المعلوماتِ إلى مصادرِها، واحترامُ حقوقِ الملكيّةِ الفكريّةِ، وتقديمُ تعويضاتٍ عادلةٍ لأصحابِ الحقوق. كما يجبُ ضمانُ الشفافيّةِ في تَتَبُّعِ استخدامِ المحتوى الصحفيِّ لتدريبِ أنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيّ.
تشجيعُ استخدامِ أحدثِ الأدواتِ لضمانِ صحّةِ ومصدرِ المحتوى المنشورْ، وتقديمُ تفاصيلَ موثوقةٍ حولَ أصلِ المحتوى وأيِّ تغييراتٍ تمَّ إجراؤها، والتعاملُ مع المحتوى الذي لا يَفي بمعاييرِ الأصالةِ باعتبارهِ مضلِّلاً محتملاً.