بعد أشهر عديدة من الإنكار بأن فضيحة التجسس “بيغاسوس” ليست السبب في الأزمة الدبلوماسية بين النظام المغربي وفرنسا، جاء الاعتراف أخيرا من قبل الطاهر بن جلون، وهو أكبر أبواق الدعاية المخزنية في فرنسا، بأن السبب في كل ما يحدث بين الرباط وباريس، هو تجسس المخابرات المغربية على هاتف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
وفي برنامج بثته قناة “i24” الصهيونية، اعترف الكاتب الفرنسي ـ المغربي، الطاهر بن جلون، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أهان العاهل المغربي، محمد السادس، بسبب تجرؤ النظام المغربي على التجسس على هاتفه وهواتف كبار مساعديه في الحكومة الفرنسية، باستعمال برمجية “بيغاسوس”، التي اشترتها المخابرات المغربية من الشركة الصهيونية”NSO”.
واستنادا إلى هذا الاعتراف، فإن ماكرون اتصل بالعاهل المغربي ليوبخه حول تجرؤ المخابرات المغربية على التجسس على هاتفه وهواتف كبار مساعديه، فنفى محمد السادس أن يكون نظامه قد فعل ذلك مقدما له “كلمة شرف” بأن التهمة غير صحيحة، غير أن رد الرئيس الفرنسي كان بطريقة “مسيئة”، وبسبب ذلك وقعت القطيعة، يقول مثقف المخزن العضوي وبوقه في فرنسا.
وعلى مدار سنتين كاملتين من انفجار فضيحة “بيغاسوس” وثبوت تجسس المخابرات المغربية على هاتف الرئيس الفرنسي وكبار مساعديه وما أعقبها من تضرر في العلاقات بين البلدين، ركزت الدعاية المغربية على مبرر مثير للضحك، مفاده أن نظام المخزن المغربي استولى على النفوذ الفرنسي في إفريقيا الغربية، وأن الرباط أصبحت كلمتها تمر قبل كلمة باريس في المستعمرات الفرنسية السابقة بالقارة السمراء، الأمر الذي تسبب في غضب السلطات الفرنسية من المملكة العلوية.
وبكل سذاجة واستخفاف بعقول الناس، كانت صحافة النظام المغربي وآلته الدعائية، تسوق للرأي العام في الداخل والخارج، أسباب غضب ماكرون من محمد السادس، وذلك عكس كل التحاليل والمقاربات، التي كانت تؤكد على أن السلطات الفرنسية شعرت بنوبة إهانة غير مسبوقة استهدفت كبرياءها، بسبب تجسس مخابرات مملكة وظيفية كانت تعمل نادلا لديها، في التجسس على الرجل الأول في الدولة الفرنسية.
وعلى الرغم من أن الفضيحة تخص النظام المغربي مع مستعمرته السابقة، فرنسا، إلا أن الطاهر بن جلون، أصر على إقحام الجزائر في هذا النزاع، وراح يتحدث عن رغبة الرئيس الفرنسي في التقرب من الجزائر، على حساب الحليف السابق، نظام المخزن المغربي، وهو التوجه الذي يبدو أنه أوجع بن جلون كثيرا.
يقول مثقف المخزن المغربي، إن ماكرون استغل فضيحة تورط النظام المغربي في التنصت على هاتفه، لصب المزيد من النار على نار العلاقات الملتهبة بين باريس والرباط، من خلال تحريك البرلمان الأوروبي، على حد زعمه، لاستصدار لائحة تدين وضع حقوق الإنسان والتضييق على حرية التعبير وسجن الصحافيين خارج القانون في المغرب.
ويزعم صاحب جائزة “الغونكور” التي لا تمنح إلا للكتاب الفرانكوفيليين، أن إقدام ماكرون على دفع البرلمان الأوروبي لإدانة نظام المخزن المغربي، إنما هدفه استمالة الجزائر على حساب الرباط، وهو المعطى الذي كان وراء استغرابه من تخلي ماكرون على حليف بلاده التقليدي (نظام المخزن) من أجل الجزائر، التي سوف لن تتخلى عن جرائم فرنسا الاستعمارية، كورقة للضغط عليها.
وكشف بن جلون عن عقوبات سلطتها فرنسا على النظام المغربي لم يسبق أن تم الكشف عنها من قبل، حيث تخلى ماكرون بعد فضيحة “بيغاسوس“، عن تقليد تمثل في وجود خلية تعمل في كل من قصر الإيليزي والقصر الملكي في الرباط، متوارثة منذ الرؤساء الفرنسيين السابقين، من أجل الحفاظ على مستوى عال في العلاقات بين الرباط وباريس.