طرح تأييد بعض النواب المنتمين لحزب “رونيسونس” (النهضة)، أو حزب “فرنسا إلى الأمام” سابقا، من خلال التصويت على لائحة البرلمان الأوروبي المتعلقة بالجزائر الخميس المنصرم، جملة من التساؤلات حول تأثير ذلك على العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي بالكاد استعادت عافيتها، من أزمات حمّلها الطرف الجزائري لنظيره الفرنسي.
ويعتبر حزب “رونيسونس” الواجهة السياسية للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فقد خاض باسمه الانتخابات الرئاسية في نسختيها الأخيرتين، واللتان فاز فيهما ليتربع على قصر الإيليزي، كما فاز تحت لوائه بعهدتين تشريعيتين، وهو ما يجعل للرجل الأول في فرنسا، مسؤولية في اللائحة الأوروبية، بحكم أبوته السياسية للحزب الحاكم.
وتتكون المجموعة البرلمانية لحزب الرئيس الفرنسي “رونيسونس”، من 23 نائبا في البرلمان الأوروبي، مكونين علاوة على نواب حزبه، من بعض الأحزاب السياسية الصغيرة، مثل “لارام”، و”الحركة الراديكالية”، و”أجير إي أنديبوندون”، ويوجد بين أعضاء هذه المجموعة نواب كثر أيدوا اللائحة الأوروبية، التي انتقدتها مؤسسات رسمية وهيئات جمعوية ونقابية.
ومن بين النواب الذين ينتمون إلى حزب ماكرون “فرنسا إلى الأمام” وأيدوا لائحة البرلمان الأوروبي، فاليري هاير، وساندرو غوزي، وسيكيرال إيلانا، وفيرونيك تريي ـ لونوار، وستيفان سيجورني، بالإضافة إلى نواب آخرين ينتمون إلى مجموعة “رونيسونس”، منحدرين من أحزاب أخرى، على غرار كريستوف غروندلر من “مودام”، ولورانس فارانغ من “مودام”، وماري بيار ـ فيدرين من “مودام”، وكاثرين شابو من “مودام”، وفابيان كيلر من “أجير”، وديومينيك ريكي من الحركة الراديكالية.
بالإضافة إلى نواب آخرين غير مصنفين من حيث خلفيتهم الحزبية ولكنهم ينتمون إلى مجموعة “رونيسونس”، والإشارة هنا إلى كل من النائب ستيفاني يون ـ كورتان، وجيل بوايي، وبيرنارد غيتا، وباسكال كونفان، وجيريمي ديسارل.
وبالإضافة إلى تصويت أعضاء المجموعة البرلمانية التابعة لحزب الرئيس الفرنسي “رونيسونس”، في البرلمان الأوروبي، صوت نواب اليمين “لي ريبوبلكان (الجمهوريون)”، الذي يقوده إيريك سيوتي، ونواب حزب “التجمع الوطني”، اليميني المتطرف، الذي كانت تقوده مارين لوبان، وأصبح يتراسه فرنسي من أصول جزائرية، جوردان بارديلا، صهر عائلة لوبان.
وبهذا التصويت باتت مواقف حزب الرئيس الفرنسي “رونيسونس”، لا فرق بينها وبين مواقف الحزبين اليميني واليميني المتطرف بخصوص لائحة البرلمان الأوروبي، التي خلفت غضبا رسميا وشعبيا في الجزائر، وهو التطور الذي جاء في وقت بدأت فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية تستعيد عافيتها.
وإن كان هذا الموقف من نواب اليمين واليمين المتطرف الفرنسي من الجزائر منتظرة، بحكم أدبياتهم السابقة في التعاطي مع المصالح الجزائرية، فإن الشيء الذي لم يكن منتظرا، هو ذلك الذي صدر عن نواب حزب الرئيس الفرنسي “رونيسونس”، والتي كانت غير متوقعة، على الأقل بالنظر إلى الزخم الذي بدأت تأخذه العلاقات بين الجزائر وباريس في الأشهر القليلة الأخيرة.
ويأتي هذا المستجد في الوقت الذي يجري التحضير على قدم وساق لزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا، استجابة للدعوة التي وجهها له نظيره الفرنسي في وقت سابق، علما أن هذا الأخير كان قد زار الجزائر في أوت من السنة المنصرمة، تأكيدا للتحسن الذي تشهده العلاقات الثنائية.
ويطرح موقف نواب الرئيس الفرنسي في البرلمان الأوروبي الذي يعتبر تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للبلاد، جملة من التساؤلات حول جدية معسكر إيمانويل ماكرون، في بناء علاقات ودية قائمة على الندية مع الجزائر، لا سيما وأن الأزمة الأخيرة بين البلدين بسبب تورط المصالح الفرنسية في تهريب رعية جزائرية مطلوبة للعدالة، اعتبرت آخر استفزاز يمكن أن يؤدي إلى انهيار العلاقات الثنائية، كما جاء في برقية وكالة الأنباء الجزائرية حينها.
ويختلف موقف نواب حزب الرئيس الفرنسي من اللائحة الأوروبية تجاه الجزائر، من الموقف الذي تبناه نواب الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا، من الإدانة التي وجهها البرلمان الأوروبي لنظام المخزن المغربي، بحيث وعلى الرغم من اصطفاف الغالبية الساحقة من النواب الأوروبيين وراء قرار الإدانة، إلا أن نواب حزب بيدرو سانشيز، لم يصوتوا على الإدانة.