بعد بحر البوران، ومدينة سبتة، أبرقت القوات المسلحة الإسبانية من خلال مناورات مدينة مليلية رسالة غير مشفرة للمخزن مفادها أن “الرد الإسباني جاهز” وهو قادر على الردع ونسف أوهام المغاربة بخصوص السيادة على المدينتين الأوربيتين والجزر والصخور الإسبانية قبالة الساحل المغربي.
وتعرف مدينة مليلية الاسبانية في شمال المغرب منذ أيام تحركات عسكرية كثيفة يقوم بها الفوج النظامي 52 في القوات البرية الإسبانية باستخدام الذخيرة الحية.
وتجري هذه التمارين الميدانية التي تقودها وحدة “تابور” وتمت تسميتها “أيام التدريب والتماسك” بالقرب من الحدود المغربية والمناطق الإسبانية المتاخمة للناظور.
الأسئلة الحارقة: لماذا مليلية؟ ولماذا الآن؟
ومع أن القيادة العامة الإسبانية في مدينة مليلية أكدت أن هذه التحركات تهدف بالأساس إلى رفع جاهزية القوات وتعزيز قدرات التنقل وتنفيذ الردود التكتيكية السريعة إلى أن الأسئلة الحارقة تبقى ملحة وتحتاج إلى إجابات. لماذا هنا والآن؟
وما يزيد هذه الأسئلة حرقا لأعصاب المغاربة هو طبيعة المناورات التي تقوم بها إسبانيا والتي تحاكي سيناريوهات واقعية تتعلق بالتنسيق العملياتي لإطلاق النار والتموضع الدفاعي والهجومي وتعزيز قدرة القادة الميدانيين في اتخاذ القرارات الحاسمة تحت الضغط وأثناء العمليات الحربية.
ولم تكتفي القوات المسلحة الإسبانية بذلك، إذ رفعت حالة الاستنفار العسكري على طول الحدود بين مليلية والمغرب ونشرت وحدات الفوج 52 على طول المناطق الحساسة والساخنة ما يزيد في وضوح الرسالة الموجهة للمخزن.
لماذا فوج النخبة 52؟
وزيادة على ذلك، تتعلق هذه المناورات بفوج 52 الذي يعتبر وحدة النخبة في القوات البرية الإسبانية وهو الذراع القوية والمتقدمة للقوات المسلحة في المناطق الوعرة وللقيام بالمهام الدولية.
ولدى هذه الوحدة المكلفة بحراسة الجزر والصخور الإسبانية قبالة المغرب خبرة واسعة في القتال سواء في المناطق ذات التضاريس الوعرة أو داخل المدن وتتميز بقدرتها على الانتشار السريع على الأراضي الإسبانية أو في إطار المهام الدولية ذات الطابع الأمني أو الإنساني.
وتهدف المناورات الأخيرة – حسب عدد من المصادر الإسبانية- إلى التدريب على التكتيكات القتالية المتقدمة مع التركيز على التمارين الميدانية باستعمال الذخيرة الحية وهو ما يحاكي مسرح العمليات فضلا عن الورشات المتعلقة بالإسعاف والإجلاء من ميدان القتال وصيانة المعدات العسكرية.
وتؤكد في الأخيرة هذه التحركات الإسبانية على الحدود مع المغرب رغبة القوات المسلحة الإسبانية في إيصال رسالة مفادها أن السيادة على هذه المناطق ليست محل نقاش وهي غير قابلة للتفاوض أو المساومة وبأن هذه القضية ليست لها علاقة لا بالحوار السياسي أو العلاقات الخارجية بقدر ما هي مسألة تتعلق بالأمن القومي والدفاع عن الإقليم.