أكد وزير العدل، حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، عزم الجزائر على تفعيل كافة آليات التعاون الدولي المتاحة لتعقب جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مشددًا على التزام الدولة بتجسيد أهداف البرنامج الرئاسي في أخلقة الحياة العامة وتعزيز الشفافية.
وجاء تصريح الوزير في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس ديوان وزارة العدل، أرزقي سي حاج محند، خلال يوم إعلامي نُظم اليوم الأحد بالجزائر العاصمة تحت عنوان “السجل العمومي للمستفيدين الحقيقيين”، وتحت شعار “التصريح بالمستفيد الحقيقي: ذراع واق ضد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”. وأكد الوزير أن الجزائر تسعى بجدية لتعقب العمليات المالية المشبوهة، وجمع الأدلة ضد مرتكبيها، ومصادرة العائدات الإجرامية، في إطار تعاون دولي فعّال ومتعدد الأطراف.
وفي عرضه لواقع الجريمة المالية، أشار بوجمعة إلى أن الممارسة القضائية في السنوات الخمس الأخيرة أثبتت الارتباط الوثيق بين جريمة تبييض الأموال وجرائم الفساد والاتجار غير المشروع بالمخدرات والتهريب والإرهاب، مبرزًا أن المجرمين يعمدون إلى إخفاء مصادر الأموال غير المشروعة عبر ترتيبات قانونية ومالية معقدة، تمتد أحيانًا خارج الحدود وتستعين بملاذات ضريبية أجنبية.
وشدد الوزير على ضرورة مواصلة الجهود التشريعية والتنظيمية لمواءمة المنظومة القانونية الوطنية مع تطورات الجريمة المالية على الصعيد الدولي، بالتوازي مع تعزيز الهيئات المختصة بالموارد البشرية والوسائل التقنية التي تتيح الكشف المبكر عن الجرائم وتعقب مرتكبيها. واستعرض في هذا الإطار جملة من الإجراءات العملية التي اتخذتها الدولة لمكافحة تبييض الأموال، على غرار رفع عدد التحقيقات المالية الموازية بشكل منهجي، ما ساهم في تسجيل زيادة محسوسة في القضايا المرتبطة بالعائدات الإجرامية ذات الخطورة العالية.
وفي السياق ذاته، أشار الوزير إلى اتفاقية موقعة بين وزارة العدل وبنك الجزائر، تتيح للمؤسسة المالية المركزية الاطلاع على قاعدة بيانات صحيفة السوابق العدلية، وذلك بهدف تعزيز نزاهة المسؤولين والمسيرين والمستفيدين الحقيقيين من المؤسسات المالية. كما أعلن عن التحضير لإبرام بروتوكول اتفاق جديد مع لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها في الاتجاه نفسه.
وتحدث الوزير عن جملة من الإجراءات الهيكلية، من بينها إنشاء السجل الوطني للمستفيد الحقيقي على مستوى المركز الوطني للسجل التجاري، وتطوير نظام معلوماتي يربط وزارة العدل بخلية معالجة الاستعلام المالي، إلى جانب تفعيل القطب الجزائي الاقتصادي والمالي الذي تم استحداثه في سنة 2020، والذي مكّن من تركيز الكفاءات وتوفير أدوات قضائية فعالة في التصدي للجرائم الاقتصادية والمالية المعقدة.
وفي ختام كلمته، ثمّن الوزير انخراط مختلف مؤسسات الدولة في المسعى الاستراتيجي لمكافحة هذه الجرائم، مؤكدًا أن الجزائر ستواصل التزامها بالعمل على تطوير منظومتها الوطنية، سواء من حيث الأطر القانونية أو على مستوى التعاون الدولي، بما يضمن الحماية الفعلية للاقتصاد الوطني ويعزز ثقة الشركاء الإقليميين والدوليين.
هذا وقد عرف اليوم الإعلامي حضور عدد من الوزراء والمسؤولين، إلى جانب ممثلين عن هيئات ومؤسسات عمومية، في إطار تكريس الشفافية في التصريح بالمستفيدين الحقيقيين من الكيانات القانونية، وتبادل التجارب حول السبل الكفيلة بالتصدي للجرائم المالية وفق مقاربة شاملة ومندمجة.