! سلّط تقرير نشره مركز “كارنيغي” الضوء على تأثيرات انهيار نظام بشار الأسد على الأوضاع داخل ليبيا بما في ذلك النفوذ الروسي والتركي الذي شهد تزايدا في السنوات الأخيرة. اضطلعت موسكو بدور مهم في تشجيع وصول زعيم الميليشيا خليفة حفتر إلى السلطة عام 2014، عبر مساندة حملته العسكرية في شرق البلاد، وذلك بتوفير الفنيين والمستشارين وتقديم الدعم الاستخباراتي والدعائي، وطباعة الأموال لحكومته، يقول التقرير.
وخلال الهجوم على طرابلس عام 2019، زادت روسيا تواجدها في ليبيا من خلال نشر آلاف المرتزقة من مجموعة فاغنر، وأفراد عسكريين نظاميين، وطائرات، وأنظمة دفاع جوي. ورغم فشل قوات حفتر في السيطرة على العاصمة بسبب التدخّل العسكري التركي، يقول التقرير إن موسكو تكيفت بسرعة مع الوضع، واحتفظت بالكثير من عناصرها وأسلحتها في قواعد جوية رئيسة قرب منشآت النفط. إثر ذلك، استخدمت روسيا ليبيا قاعدة حيوية لإرسال مسلحين وإمدادات عسكرية إلى دول منطقة الساحل الأفريقي وغيرها.
سقوط الأسد قد يهدد أو يعقّد على أقلّ تقدير، يضيف ويري، طريق الإمداد إلى أفريقيا مرورا بشرق ليبيا، نظرا إلى أن أن معظم الإمدادات مرّت عبر سوريا، وخصوصًا عبر قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية في اللاذقية.
وفي مواجهة حالة اللايقين، قد تُقرّر روسيا ممارسة ضغوط على حفتر من أجل تأمين وصول بحري أكثر ديمومة إلى ميناء طبرق، الذي يشكّل مركزًا يتدفق عبره الأفراد والمعدّات الروسية إلى أفريقيا. ماذا عن النفوذ التركي ؟ يطرح الباحث في معهد “كارينيغي” أسئلة بشأن إذا ما كان سلوك تركيا في ليبيا سيتغيّر، نتيجة التحوّل في موازين القوى الإقليمية لصالحها، عَقِب سقوط الأسد.
فأنقرة لم تكتفِ، وفق التقرير، بعد ترسيخ وجودها غربي ليبيا عام 2020، بالحفاظ على السلام المنقوص في العاصمة، بل سعت إلى تحقيق أهداف اقتصادية على ارتباط متزايد بشرق ليبيا ، أي الأراضي التي يحكم قبضته عليها الفصيل التابع لحفتر، والذي خاضت أنقرة سابقًا معارك ضدّه. منذ العام 2021، يؤكد ويري، أن تركيا بذلت جهودا كبيرة لزيادة التعاون مع أسرة حفتر، إذ افتتحت قنصلية في الشرق الليبي الخاضع لسيطرة حفتر، وأدّت دورًا فعّالًا في ضمان توقيع الشركات التركية الكثير من العقود لتنفيذ مشاريع في مدن مثل بنغازي ودرنة
. ولا يستبعد ويري أن تؤدي عملية عرقلة أو تقويض الممرّ السلس الذي كانت تستخدمه روسيا لتزويد حفتر بالمساعدات إلى تشجيع الفصائل الليبية المتحالفة مع تركيا غربي البلاد، على تحدّي سلطة حفتر، شرقي البلاد. وهناك سيناريو آخر يشير إليه الباحث ويعتبره أكثر واقعية أن تكثّف تركيا تواصلها السياسي والاقتصادي مع حفتر، مستفيدةً من الفرصة التي يتيحها انشغال روسيا بالتداعيات الناجمة عن سقوط الأسد.