في خطوة تعكس التغيرات العميقة في مناخ الاستثمار بالجزائر، أعلن مجمع “ليون” الماليزي – أحد أضخم التكتلات الصناعية في جنوب شرق آسيا – عن إطلاق مشاريع صناعية كبرى في الجزائر بقيمة أولية تقارب 6 مليارات دولار، في ظل دعم سياسي قوي من أعلى هرم الدولة.
وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال لقائه الإعلامي الدوري مساء الجمعة، أن الجزائر لم تعد ترحب برؤوس الأموال العابرة، بل باتت تركز على “مشاريع هيكلية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني”، كاشفًا عن إمكانية بلوغ قيمة الاستثمارات الماليزية في الجزائر نحو 20 مليار دولار مستقبلاً. هذا الإعلان يعكس تنامي ثقة المستثمرين الأجانب في الإصلاحات الاقتصادية العميقة التي انتهجتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة.
على أرض الواقع، شرع مجمع “ليون” في نقل وحدة لإنتاج الحديد من ماليزيا إلى الجزائر، بالإضافة إلى إطلاق مصنع لإنتاج الأعمدة الحديدية بطاقة إنتاجية تقدر بـ4 ملايين طن سنويًا، ضمن مشروع صناعي متكامل يُنتظر أن يُحدث نقلة نوعية في القطاع.
وأوضح عمر ركاش، المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، أن الخطة الاستثمارية للمجمع تشمل أيضًا إنشاء وحدة لإنتاج سبائك الألمنيوم، فضلًا عن محطة كهربائية خاصة لتأمين الطاقة اللازمة، في إطار رؤية شاملة تستهدف تحقيق الاكتفاء الطاقوي وتعزيز التكامل الصناعي.
وفي مؤشر على رؤية استراتيجية طويلة المدى، أعرب المجمع الماليزي عن اهتمامه بتطوير مناطق صناعية كبرى داخل الجزائر، ما يشير إلى شراكة تمتد إلى إعادة هيكلة البنية التحتية الصناعية، ليس فقط في الجزائر، بل في كامل منطقة شمال إفريقيا.
تتزامن هذه الخطوة مع تسجيل الجزائر لمؤشرات نمو إيجابية، واستعادة تدريجية لثقة المستثمرين في المنظومة المصرفية والإطار القانوني، بينما تمضي الحكومة في خطط تنويع الاقتصاد وفك الارتهان للريع النفطي، عبر تعزيز الشراكات مع آسيا، وبالخصوص مع دول مثل ماليزيا.