مثلت الجزائر صوتًا بارزًا في الجلسة الثانية لقمة مجموعة العشرين المنعقدة بجوهانسبرغ، والتي ناقشت موضوع “عالم قادر على الصمود”. وفي كلمة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تلاها نيابة عنه الوزير الأول، سيفي غريب، قدمت الجزائر رؤية شاملة لتحديات تغير المناخ والتحول الطاقوي من منظور دولة إفريقية تدفع ثمنًا باهظًا للظواهر المناخية المتطرفة، مع عرض حلول ومبادرات ملموسة محليًا وإقليميًا.
تشخيص الواقع وبناء الصمود الوطني
استهلت الكلمة بتشخيص واقعي لتأثيرات تغير المناخ على الجزائر، التي صنفتها كواحدة من “الدول الأكثر عرضة لآثاره السلبية”. وذكر الخطاب تزايد ظواهر “الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة، والجفاف، وندرة الموارد المائية، والسلع الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى التصحر وحرائق الغابات، وكذا الزلازل والأمطار الطوفانية”.
وردًا على ذلك، أكد الخطاب حرص الجزائر على “إرساء ترسانة قانونية ومؤسساتية” شاملة للحماية من الكوارث، تشمل تعزيز البنية التحتية، ورفع القدرات التقنية، وإقامة أنظمة إنذار مبكر متطورة للزلازل والفيضانات والحرائق. كما سلط الضوء على الجانب التمويلي من خلال “الصناديق الوطنية” المخصصة لمساعدة المتضررين وتمويل مواجهة الأضرار.
التعاون الإقليمي والأمن الغذائي
لم تقف الجهود عند الحدود الوطنية، حيث بادرت الجزائر إلى إنشاء “آلية إفريقية للوقاية من أخطار الكوارث” تهدف إلى إنشاء قوة مدنية إقليمية للاستجابة السريعة. وأشار الخطاب إلى العمل على تفعيل “المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى” الذي يتخذ من الجزائر مقرًا له، ليكون منصة لتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا.
وفي مجال الأمن الغذائي، الذي وصفه الخطاب بـ “أولوية قصوى”، استعرضت الجزائر “تحولات تاريخية” في أنظمتها الغذائية عبر تطوير الزراعة في الجنوب، داعية دول العشرين إلى عقد شراكات مع الدول الإفريقية “لتطوير الإنتاج الفلاحي والحيواني، بغية الحد من ظاهرة الجوع”. وذكرت الكلمة أمثلة ناجحة للتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الفاو لدعم دول الساحل.
رؤية عادلة للتحول الطاقوي
شكلت قضية التحول الطاقوي محورًا رئيسيًا في الخطاب، حيث أشار إلى المفارقة التي تعيشها القارة الإفريقية، التي يقطنها 18% من سكان العالم لكنها لا تستهلك سوى 6% من الطاقة العالمية، بينما لا تتجاوز نسبة الربط بالكهرباء 45%.
ولمواجهة هذا التحدي المزدوج – تحقيق التنمية والتصدي للانبعاثات – دعت الجزائر إلى “خلق ظروف مواتية” للانتقال السلس نحو أنماط خالية من الكربون، مطلقةً عدة مبادئ:
• توفير دعم مالي دولي ميسر للدول النامية.
• نقل التكنولوجيا وتطوير الأطر الدولية لدعمه.
• تبادل الخبرات والممارسات الناجحة.
• بناء القدرات البشرية والمؤسساتية.
دعوة للشراكة وعرض للتجربة الجزائرية
اختتم الخطاب بدعوة صريحة إلى “عقد شراكات في مجال التحول الطاقوي في القارة الإفريقية” بين دولها وأعضاء مجموعة العشرين، مؤكدًا أن نجاح هذا التحول يعني تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالطاقة والنمو الاقتصادي والعمل المناخي.
وعرضت الجزائر استعدادها “لمشاركة تجربته” في هذا المجال، مُشيرة إلى تجاوزها عتبة إنتاج 25,000 ميغاوات، مما مكنها من تغطية احتياجات مواطنيها وتصدير الفائض، والمشاركة في مشاريع عدة مع شركاء أجانب لتعزيز “الطاقة الخضراء النظيفة” التي تساهم في التنمية محليًا وعالميًا.








