تعود فرنسا لتغرق في دوامة من الفوضى السياسية والاجتماعية التي تبدو وكأنها حلقة متقدمة من مسلسل انهيار النخبة الحاكمة فهذه المرة، ليست الاحتجاجات في الشوارع وحدها من تهز عرش الجمهورية الخامسة، بل عاصفة كاملة من الأزمات .
الشعارات البراقة لباريس تتحطم أمام المديونية
تهاوت الشعارات البراقة التي رافقت حملة الرئيس إيمانويل ماكرون الأولى حول “الثورة” الاقتصادية واجتذاب الاستثمارات تحطمت على صخرة الواقع الفرنسي، فنسبة المديونية الوطنية تجاوزت 98٪ من الناتج المحلي الإجمالي، متخطية حاجز 3 تريليون يورو، في واحدة من أعلى النسب في منطقة اليورو، كون سياسة التقشف التي تفرضها بروكسل والمخاوف من إجراء مراجعة للإنفاق العام تثير ذعر الأسواق وتزيد من حدة التوترات الاجتماعية، فمشاهد الفوضى في شوارع باريس ومدن فرنسية أخرى خلال الاحتجاجات الأخيرة ضد سياسات الحكومة ليست سوى أعراض لمرض أعمق تتلخص في فقدان الثقة بين النخبة في العاصمة و”فرنسا العميقة” في الأرياف والضواحي فخطاب ماكرون الذي يُنظر إليه على أنه متعالي ومبتعد عن هموم المواطن البسيط فتح الباب على مصراعيه للشعبويين من اليمين واليسار.
فالرئيس الفرنسي أصبح “أسيراً” داخل القصر الجمهوري حتى انتهاء ولايته في عام 2027، من الصعب عليه تحقيق أي إنجاز كبير، وقد يصبح رئيساً رمزياً بصلاحيات محدودة للغاية، في سابقة لم تشهدها الجمهورية الخامسة في وقت تتهاوى الحكومات وتعيش باريس في حالة من الفوضى غير المسبوقة على المستوى الأوروبي.