تعيش الساحة السياسية في مالي حالة من الغليان والترقب، في أعقاب التهديدات الصريحة التي أطلقها رئيس الوزراء السابق، شوغيل مايغا، ضد المجلس العسكري الحاكم، ملوّحاً بكشف ملفات فساد خطيرة تورط فيها رموز الطغمة الحاكمة منذ انقلاب 2021.
في مشهد يشي بانفجار وشيك داخل أروقة السلطة، تعهد مايغا بنشر وثائق رسمية تدين قادة نافذين في حكومة أسيمي غويتا، تتعلق بفضائح غسل أموال، تلاعب في العقود العسكرية والتجارية، وصفقات مشبوهة مع أطراف داخلية وخارجية، تحوّلت خلالها ثروات الشعب المالي إلى غنيمة في يد زمرة انقلابية ضيّقة المصالح.
رغم الصدمة التي أحدثتها تهديدات مايغا، اختار المجلس العسكري الصمت حتى اللحظة، وسط مخاوف متزايدة من انهيار شرعيته الهشة، لا سيما في حال انكشاف صفقات الفساد تلك، التي عمّقت من معاناة الماليين وزجّت بالبلاد في دوامة الفقر والعنف وانعدام الأمن.
خطورة هذه التسريبات لا تتعلق فقط بكشف الفساد المالي، بل قد تمتد إلى المساس بتحالفات دولية وإقليمية دقيقة، خاصة إذا ما طالت الاتهامات شركاء أمنيين وحلفاء خارجيين للسلطة الحالية، وهو ما من شأنه أن يُدخل مالي في بوتقة صراع داخلي متعدد الأبعاد.
اليوم، يجد قادة المجلس العسكري أنفسهم بين مطرقة الملفات السوداء التي يهدد شوغيل مايغا بإخراجها للعلن، وسندان الانقسامات الداخلية التي قد تعصف باستقرار البلاد وتُفجّر وضعاً سياسياً وأمنياً معقداً. وفي حال تنفيذ مايغا تهديداته، فإن مالي قد تكون على موعد مع أزمة غير مسبوقة في تاريخها الحديث.