أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي, عبد الحق سايحي, اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة, بأنه تم رصد ميزانية معتبرة لمواكبة الزيادة المقررة في منحة البطالة, تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون.
وخلال إشرافه على أشغال ندوة وطنية حول “التشغيل وتقييم تسيير منحة البطالة والوساطة من أجل فرص عمل”, أفاد السيد سايحي بأن الدولة خصصت أكثر من 420 مليار دينار جزائري لهذه المنحة خلال سنة 2026.
وأشار الى أن مجموع المستفيدين من منحة البطالة بلغ مليون و900 ألف شخص, مذكرا باعتماد الرقمنة في تسيير هذا الملف.
وبعد أن أبرز العناية الخاصة التي يتم إيلاؤها لمسألة التشغيل, باعتبارها ركيزة أساسية في التنمية الوطنية, أشار الوزير إلى أنه تم خلال الفترة ما بين 2020 و2024, خلق ”أزيد من مليون و 800 ألف منصب عمل”, حيث “يشكل قطاع الخدمات أكثر من 47 بالمائة منها, فيما يحوز القطاع الاقتصادي على أزيد من 22 بالمائة, فيما تمثل القطاعات الأخرى نحو 31 بالمائة”.
وقد عرفت هذه الندوة حضور وزير الدولة, وزير المحروقات والمناجم, محمد عرقاب, ووزير الصناعة, يحي بشير, ووزير الاتصال, زهير بوعمامة, ووزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية, آمال عبد اللطيف وكذا وزيرة التكوين والتعليم المهنيين, نسيمة أرحاب, الى جانب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين, أعمر تاقجوت, ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري, كمال مولى, و كذا رئيس الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية, بركاني ناصر.
تسجيل أكثر من 230 ألف سجل تجاري جديد خلال الخمس سنوات الأخيرة

وفي كلمة لها بالمناسبة, لفتت وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية أمال عبد اللطيف إلى أن التجارة الداخلية أصبحت تمثل اليوم “قاطرة تشغيل حقيقية” من خلال ما توفره الفضاءات التجارية الجديدة وسلاسل التوزيع والتجارة الالكترونية والمعارض المتخصصة من مجالات واسعة تستقطب الشباب وتمنحهم فرص عمل.
كما أبرزت الوزيرة الإصلاحات الهيكلية التي عرفها القطاع خلال السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في تحسين مناخ الأعمال وتنظيم النشاط التجاري، مما سمح بفتح المجال أمام آلاف الشباب لدخول السوق الوطنية والمساهمة في خلق الثروة، حيث تم في هذا الاطار تسجيل أكثر من 230 ألف سجل تجاري جديد خلال الخمس سنوات الأخيرة، لفائدة الأشخاص الطبيعيين ، ليبلغ عددهم 2.146.150 سجلا تجاريا، من بينهم 606.824 مؤسسة يديرها شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و38 سنة، وفيما يتعلق بالأشخاص المعنويين، تجاوز عدد المؤسسات 274 ألف مؤسسة إلى غاية 4 ديسمبر 2025، منها 79.480 مؤسسة شبابية.
كما تطرقت ، آمال عبد اللطيف، إلى دعم القطاعات الصاعدة، خصوصاً النشاطات المرتبطة بالاقتصاد الدائري وجمع ورسكلة النفايات، والتسهيلات المقدمة للمقاولاتية. وأشارت إلى العمل الجاري لإعداد قانون جديد للتجارة الإلكترونية لتنظيم هذا القطاع الواعد.
ولفتت السيدة الوزيرة، إلى الدور المتزايد للمعارض، كمنصات حيوية لتمكين الشباب من تطوير مشاريعهم ضمن فضاءات تجارية واقتصادية احترافية فتحت أمامهم آفاقاً جديدة للنمو والشراكة والاستثمار.
كما كشفت آمال عبد اللطيف عن مشروع لإعادة تأهيل أكثر من 200 سوق عبر الوطن بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والنقل، بهدف تنظيم التجارة ومحاربة الفوضى وإدماج الشباب في النشاط الرسمي.
تم ادماج أكثر من 295 ألف متكون من خريجي قطاع التكوين المهني في مناصب عمل خلال السنوات الخمسة الأخيرة
من جهتها, أكدت وزيرة التكوين و التعليم المهنيين أن قطاعها يسير اليوم “أزيد من 1100 مؤسسة تكوينية على المستوى الوطني, إضافة الى 16 مركز امتياز تم استحداثه بهدف خلق ديناميكية جديدة للتكفل باحتياجات سوق الشغل على المستوى المحلي”, لتضيف بأنه وفي اطار العمل المشترك مع وزارة العمل, “تم ادماج أكثر من 295 ألف متكون من خريجي قطاع التكوين المهني في مناصب عمل خلال السنوات الخمسة الأخيرة”.
التنمية وخلق فرص العمل ليستا نتيجة ظرفية، بل ثمرة إرادة سياسية واقتصادية مشتركة
فيما أكد رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري كمال مولى ،على أن ملف التشغيل يُعدّ من أهم القضايا الوطنية، مشددا على أنه ليس مجرد راتب، بل هو كرامة ومساحة للمساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأضاف مولى أن توفير فرص العمل مسؤولية مشتركة تجمع الدولة، القطاع الاقتصادي، والمواطن، موضحا أن سوق العمل في الجزائر يواجه تحديات حقيقية، أبرزها البطالة والعمل غير المهيكل، فجوة المهارات بين ما توفره منظومة التكوين وما يحتاجه الاقتصاد،صعوبات التوظيف في بعض القطاعات، خاصة الزراعة والصناعة والخدمات، بالإضافة الى نقص اليد العاملة المؤهلة رغم توفر آلاف المشاريع الاستثمارية عبر الولايات.
وفي هذا الصدد كشف رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ، أن أكثر من 18 ألف مشروع استثماري مودع لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، ما سيوفر مستقبلاً آلاف المناصب، غير أن غياب التأهيل يشكل عقبة رئيسية أمام تسريع وتيرة خلق العمل ونجاح المشاريع.
وأشار مولى أن القطاع الاقتصادي مطالب اليوم بأداء ثلاثة أدوار أساسية لتحسين الواقع المهني من بينها خلق مناصب الشغل المباشرة عبر المشاريع الاستثمارية وتوسيع الأنشطة، تنشيط روح الابتكار والمقاولاتية من خلال حاضنات الأعمال وتسهيل المبادرات، وكذا تطوير المهارات عبر الاستثمار في التكوين وتعزيز الشراكة بين الجامعة ومراكز التكوين والمؤسسات.
واقترح رئيس CREA حزمة من الإجراءات لتعزيز قدرة الاقتصاد على استيعاب اليد العاملة، منها إطلاق برامج تكوين نوعية في التكنولوجيا، الطاقات المتجددة والميكانيك، تحسين خدمات الوساطة والتوجيه المهني عبر الوكالة الوطنية للتشغيل، ودعم المقاولاتية والابتكار وإنشاء أقطاب متخصصة.
وفي ختام كلمته، أكد كمال مولى أن التنمية وخلق فرص العمل ليستا نتيجة ظرفية، بل ثمرة إرادة سياسية واقتصادية مشتركة، مشدداً على ضرورة تمكين الشباب واستثمار قدراتهم، وتحويل طاقاتهم إلى مشاريع ومكاسب اقتصادية مستدامة تخدم مستقبل الجزائر.
أما تاقجوت فقد اقترح تنظيم لقاءات تجمع الفاعلين من مختلف القطاعات لدراسة حاجيات سوق العمل من اليد المؤهلة, علاوة على جلسات وطنية تتناول موضوع ” قيمة العمل”.










