جدد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال مقابلة خص بها أسبوعية “لوبوان” الفرنسية، التأكيد على موقف الجزائر بخصوص عدد من القضايا الدولية، لا سيما القضية الصحراوية، الفلسطينية والوضع في دولة مالي، إلى جانب الحاجة الماسة لإجراء إصلاح كامل لجامعة الدول العربية.
وقال السيد الرئيس خلال المقابلة التي نشرت أمس الأربعاء، وبخصوص النزاع في الصحراء الغربية أنه “يتعين على المغرب العودة بسرعة إلى حل مقبول، يتوافق مع القانون الدولي”، فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية.
وأشار الرئيس في معرض حديثه، إلى أنّه قد سبق له وأن عبر قبل ثمانية أشهر لعدد من السفراء عن مخاوفه من “عودة جبهة البوليساريو لحمل السلاح مرة أخرى، ومن أن صدامًا خطيرًا قد يغير الوضع”، موضحًا أن “شباب الصحراء الغربية لا يشبهون شيوخها، فقد ولدوا في مخيمات تندوف وهم الآن في الأربعين من العمر، يرفضون هذا الوضع ويريدون استعادة أراضيهم”.
وبخصوص فتح عدد من الدول قنصليات لها في الأراضي الصحراوية المحتلة، أكد السيد تبون، أن “البعض يعتقد أنه بفتح قنصليات، يغلق ملف الصحراء الغربية، لكنهم مخطئون في ذلك”.
وحول الموقف المنتظر من الرئيس الحالي- جو بايدن بخصوص باعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بـ”السيادة” المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، تساءل رئيس الجمهورية قائلًا: “كيف يمكن أن نفكر في تقديم أرض بأكملها وبكافة سكانها لملك أين احترام الشعوب ” قبل أن يؤكد أن “هذا الاعتراف لا يعني أي شيء، فجميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء الغربية مقدمة من الولايات المتحدة، لا يمكننا العودة لفظيا عن كل ما فعلته واشنطن لإرضاء ملك”.
وتساءل السيد الرئيس في ذات السياق: “لماذا يرفض المغرب استفتاء تقرير المصير”، ليجيب:” أنهم يغيرون الواقع الإثني (تغيير التشكيلة الديموغرافية) وهذا له تداعيات بحيث أنه يجعل الصحراويين داخل الصحراء الغربية أقلية مقارنة بالمغاربة الذين استقروا هناك، في حالة التصويت لتقرير المصير، فإن المغاربة الذين يعيشون في الأراضي الصحراوية سيصوتون من أجل الاستقلال لأنهم لن يرغبوا في أن يكونوا مجددًا رعايا للملك”، وقال: إنه “من المفارقة أن تكون لديك أغلبية مغربية وأن ترفض التصويت على تقرير المصير”.
وفيما يتعلق بالعلاقات الجزائرية-المغربية في سياق النزاع في الصحراء الغربية، أكّد السيد تبون أن “الدور المشرف في هذه العلاقات يعود للجزائر، والقطيعة مع المغرب -وأنا أتحدث عن النظام الملكي، وليس عن الشعب المغربي الذي نحترمه- يعود لفترة طويلة حتى أصبح أمرًا مألوفًا”.
وأوضح أن “الصحراء الغربية كانت دائمًا موضع خلاف بين الجزائر والمغرب، ولكنها ليست سببًا للحرب، وعلى المغرب الاحتكام للعقل: عدوه، مثلما هو الحال بالنسبة للجزائر، هو التخلف، والجزائر الآن في صدد التشييد، سواء بوجود المغرب أو بدونه”.
ولفت في هذا الخصوص إلى أن “المغرب كان دائمًا هو المعتدي” قبل أن يؤكد قائلًا “لن نهاجم جيراننا أبدًا. سوف نرد إذا تعرضنا لهجوم، لكني أشك في أن يحاول المغرب ذلك، في ظل ما هو عليه ميزان القوى”.
وحول مسألة الحدود المغلقة مع المغرب، أكد رئيس الجمهورية أنّه “لا يمكن فتح الحدود مع طرف آخر يهاجمك بشكل يومي”.
الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح كامل
وردا على سؤال حول مسألة تطبيع عدد من الدول لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، أكد رئيس الجمهورية، أن “كل دولة حرة في ما يفعله، لكن الجزائر لن تطبع أبدا مع الكيان الصهيوني ولن تفعله ما دامت هناك دولة فلسطينية”.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن “هناك خطة سلام التزمت بها كل الدول العربية، ألا وهي: الأراضي مقابل السلام”.
وتأسف السيد تبون لكون أنّه “لم يعد هناك أي تماسك (عربي)”، مشددًا في ذات السياق، على أن “الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح كامل، وهو ما تطالب به (الجزائر) منذ ثلاثين عامًا”.
وفيما يتعلق بالوضع في دولة مالي الجارة، أكّد رئيس الجمهورية أن “الجزائر لن تسمح أبدًا بأن يصبح شمال مالي ملاذًا للإرهابيين ولن تسمح بتقسيم البلاد، ولحل المشكلة في شمال مالي، يجب إعادة بسط (سلطات) الدولة هناك”.
وردًا على سؤال بخصوص احتمال مشاركة الجيش الجزائري خارج حدود البلاد، لاسيما في مالي، قال رئيس الجمهورية بأن “الدستور الجزائري يسمح الآن بهذا النوع من التدخل، غير أن الحل لا يكمن هنا”، وأضاف قائلًا: “من خلال اتفاق الجزائر، نحن هنا لمساعدة باماكو، وهو ما نقوم به بالفعل عبر تدريب الجنود الماليين”.
كما لفت إلى أن “البعض في المنطقة يعارض التقدم المحرز من قبل الجزائر، لا سيما في ملف مالي، وبالنسبة لنا، هناك رغبة في تخريب اتفاق الجزائر (اتفاق للسلم والمصالحة في مالي الموقع عام 2015)”.
وفيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، أوضح السيد تبون قائلًا: “في إفريقيا وفي العالم العربي نحن قادة في مكافحة الإرهاب. وقد استفادت جميع الدول الغربية من هذه الخبرة، بما في ذلك الولايات المتحدة. لقد جنبنا فرنسا وبلجيكا وغيرهما، المآسي. نحن نفضل الحفاظ على سرية هذا التعاون، لأنه يتعلق بحماية أرواح بشرية في أوروبا وفي كل مكان”.
أما عمّا ما إذا كانت قوة مجموعة دول الساحل الخمس (جي5) ترقى إلى مستوى مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، أكّد رئيس الجمهورية أن “قوة مجموعة دول الساحل الخمس يمكن أن تكون أكثر فعالية، في حال توفر لها المزيد من الموارد (…)”، قبل أن يضيف قائلًا: “أعتقد أيضًا أن قوة مجموعة دول الساحل الخمس (جي5) وقوة (برخان) – الفرنسية” هي حلول جزئية”.
وأشار إلى، أن منطقة “الساحل تتكون من دول يقع على عاتق الجزائر الالتزام بالمساعدة في إعادة بنائها. إنه ليس مجرد برنامج لمكافحة الإرهاب”.
وعلى صعيد آخر، أوضح السيد تبون، أن “الجزائر تتمتع بعلاقات ممتازة مع الأتراك، الذين استثمروا قرابة 5 مليارات دولار في الجزائر دون أي مطالب سياسية في المقابل. وأولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة ما عليهم إلّا أن يأتوا ويستثمروا عندنا”.