خلال هذا اللقاء الذي نظمته المجموعة البرلمانية لجبهة المستقبل حول مرافقة البرلمان لسياسة إصلاح الدعم الاجتماعي “من الدعم الموجه الى الدعم المكيف”، أكد المشاركون على اهمية وضرورة اشراك كل الفاعلين لإثراء النقاش حول سياسة الدعم الاجتماعي الموجه بإيجاد حلول ومناهج لإعادة توجيه الدعم الاجتماعي.
وفي كلمة ترحيبية بالمناسبة، اعتبر السيد فاتح بوطبيق رئيس المجموعة البرلمانية لحزب المستقبل، أن هذا اليوم البرلماني هو فرصة للإتيان بالمزيد من الحلول والمناهج وتجاوز بعض السلبيات والتحديات، لإعادة توجيه الدعم الاجتماعي نحو السبل المفيدة للاقتصاد الوطني، كما أكد في ذات السياق بأن سياسة الإصلاح التي انتهجها رئيس الجمهورية منذ انتخابه بدء من تجديد المؤسسات ووضع القواعد القانونية الصلبة لتجاوز الفتن وبؤر التشكيك وضمان الانطلاقة القوية في قادم الأيام تعد مكاسب هامة للبلاد، كما أوضح بأن معركة التغيير والإصلاح الشامل تحتم التوجه نحو ساق الجد والعمل والدعم يذهب إلى مستحقيه خلافاً لسياسات شراء السلم الاجتماعي إثر الاجتهادات الخاطئة، والجزائر غناء برجالها ونسائها وبشبابها وبثرواتها وبمؤسساتها وبتاريخها، كما يجب الوقوف في وجه التحديات بقناعة أن الشعب لا ثروة له إلا بسواعده، مؤكداً على حرص المجموعة البرلمانية لجبهة المستقبل رفقة النواب من مختلف الكتل على التماسك والسعي لمتابعة منتظمة للعمل التشريعي الذي يعزز السند السياسي للجهاز التنفيذي الذي يرسم الخطط القطاعية ويطبقها.
وخلال تناوله الكلمة، أكد السيد عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل على ضرورة ترسيخ مبدأ الدعم المباشر الموجه للأسر المؤهلة والمعوزة، الذي سيسمح على حد قوله بشكل عرضي استهداف أفضل للساكنة والأسر والأفراد المؤهلين لمعايير الأحقية للحصول على المساعدة أو الدعم من الدولة، من خلال تعديل القوى الرقمية، كاشفا في نفس الوقت أن الحزب كان ضد مبدأ المساعدات المعممة، العشوائية وغير المتمايزة التي تدعم حتى الأكثر ثراء من بين المواطنين، والطبقات الغنية والثرية في بلادنا، وقد دعا ممثلي الشعب للمشاركة في الملفات التي تتناول الدعم المباشر مع الاجتهاد الذي يتطلبه نبل المسؤولية البرلمانية، لأن القضايا التي يتعين التشريع في شأنها من المرجح أن يكون لها تأثير على تحسين الحياة اليومية للمواطن بقدر ما تؤثر على تكريس مبادئ الحوكمة الراشدة وحسن إدارة البلاد.
وخلال مداخلته، أكد الدكتور سعيد مقدم، الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي أنه ينبغي الارتقاء بمنظومة المراقبة الكلاسيكية للبرلمان، إلى وظيفة التقييم المطبقة على القوانين والسياسات العمومية، كثقافة جديدة ونوع من أنواع الرقابة البرلمانية ، ترمي إلى مرافقة الغايات والأهداف المسطرة، وقياس التأثيرات والنتائج التي يحدثها أي إصلاح، وإلى المساهمة في إقامة حوار بنّاء مع الحكومة، يتسم بالموضوعية، والفحوص التقنية غير المتحيزة نسبيا في مجال تسيير الخدمات وتنفيذ السياسات وتقييمها، ويتمحور أساساً حول الآثار المترتبة والأهداف المسطرة والوسائل المكرسة، الموجهة نحو الأسر المحتاجة من خلال برنامج التحويل النقدي المباشر المقدر كما أسلفنا بحوالي 17 مليار دولار، بدءا من عام 2022، مقابل 30 و41 مليار دولار لنظام الدعم المعمول به قبل هذا التاريخ، مع الحرص على أن تخصص الأموال المستردة من الفارق من فائض الإعانات الاجتماعية الحكومية بعد استهداف المستفيدين الحقيقيين، لقطاعات أخرى حساسة مثل: الصحة و التعليم و إعادة تقييم شبكة الأجور والمعاشات . كما تؤكد الحكومة على ذلك.
أما السيد بشير فريك فقد ركز خلال تدخله على دور الجماعات المحلية في تجسيد التوجه الجديد للدولة في الدعم الموجه المكيف بدل الدعم المعمم، حيث أكد أن ما يعيق العملية هو كيفية ضبط وتحديد وإحصاء الفئات الاجتماعية المستهدفة، وهنا يبرز دور الجماعات المحلية، وقد اقترح الاستئناس والاستعانة بنتائج الإحصاء العام للسكن والسكان وما يفرزه من معطيات إحصائية، واستغلال تلك البيانات والمعلومات التي تضعها السلطات المركزية تحت تصرف الإدارة المحلية وإن هذه الأخيرة يمكن تصور عملها وفق النقاط كضرورة إشراك ممثلي المجموعات المحلية في إعداد الجداول والبيانات التي تشكل قاعدة العمل الميداني للإحصاء وتحديد وضبط الفئات التي سيستهدفها الدعم المباشر، السهر على تصنيف تلك الفئات إلى درجات متفاوتة حسب وضعيتها الاجتماعية، إنشاء فرق للتحقيق والتدقيق يتم آدائها اليمين أمام الجهات القضائية، يمكن تصور إنشاء جهاز او هيكل محلي دائم ومنظم يسهر على ضبط القوائم ومراجعتها، وتحيينها دوريا وفق ضوابط وآليات محددة بدقة.
أما الأستاذ عزيب مخلوف فقد ركز على مدى تأثير الدعم على الأمن الغذائي والصحي، حيث دعا إلى خوض المشروع تدريجيا ابتداء بقطاع التغذية قبل توسيع العملية الي القطاعات الأخرى كون الدعم المباشر أمر ليس بالسهل وقد يكون أكبر وأعقد ورشة تخوضها البلاد في تاريخها منذ الاستقلال، كما ذكر بسلبيات الدعم غير المباشر كالدعم العام الذي تستفيد منه كل فئات المجتمع دون استثناء، مما ينجر عنه عدة اختلالات منها التهريب عبر الحدود، ويضر بحقيقة سعر السلعة بما فيها قيمة العمل نفسه، ويشجع اهدار المواد الغذائية و تحويلها لأغراض أخرى، أما إيجابياته فتتمثل في سهولة عملية التنفيذ، وتضمن للفئة الهشة الوصول الى المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، وفي سياق آخر ذكر الأستاذ عزيب بإيجابيات الدعم المباشر كدقة توجيه الدعم للمحتاج، الحفاظ على مبدأ حقيقة سعر السلع ومنها العمل، و الأهم هو التصدي للمنافسة غير العادية وتشجيع الانتاج الوطني، والقضاء على التبذير و تهريب المواد عبر الحدود، والقضاء على المضاربة وخلق ظروف طبيعية للنشاط الاقتصادي و التجاري، أما سلبياته فتتلخص في صعوبة التنفيذ، وصعوبة تغيير الذهنيات.
وفي ختام فعاليات اليوم البرلماني حول مرافقة البرلمان لسياسة إصلاح الدعم الاجتماعي خرج المشاركون بجملة من التوصيات انحصرت في النقاط التالية :
✅1- تثمين تشكيل لجنة وطنية قطاعية لإصلاح الدعم الاجتماعي يشرف عليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تتولى مراجعة آلية الدعم الذي تقدمه الدولة للفقراء و المعوزين و أصحاب الدخل الضعيف و إسناد المستوى المعيشي و التمهيد لهاته المراجعة ضمن خطة إصلاح الموازنة و الإنفاق العام للدولة.
✅2- تثمين إشراك أعضاء البرلمان بغرفتيه و الدوائر الوزارية و الأحزاب السياسية و المجتمع المدني و الخبراء الاقتصـــــاديين ، المنظمات المهنية ، النقابات العمالية في اللجنة الوطنية السياسية لإصلاح الدعم الاجتماعي
✅3- الإصلاح التدريجي الجزئي لسياسة الدعم الذي يأتي عبر مراحل للمحافظة على مبدأ الدولة الاجتماعية.
✅4- التوجه الى استراتيجية اصلاح شاملة بأدوات تقنية علمية تقييمية و بنية لوجستية و تشريعية بعيدة عن الشعبوية و اكثر شفافية و الإسراع بالتحول عن المنطق الريعي و البيروقراطي في تسيير الشأن الاقتصادي إلى منطق السوق و المنافسة بخطط واضحة و مرسمة بالأرقام و الآجال الزمنية.
✅5- تشكيل جهاز يتولى تحديد الأسر المستهدفة و كيفية تقديم الدعم النقدي للعائلات المعوزة بعد إقرار البرلمان لهذه التدابير.
✅6- وضع آليات رقمية و دقيقة وفق بطاقية وطنية محينة دوريا تحدد الفئات و الأشخاص المعنية بالاستفادة من الدعم المباشر.
✅7- تخفيف الضغط المتزايد و المتراكم على ميزانية الدولة بفعل تزايد الحاجات و تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية للمواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع الذي خلق أثرا سلبيا على ميزان المدفوعات و ذلك ما يجعل مراجعة الدعم الاجتماعي ضروري و حتمي.
✅8- القضاء على الاقتصاد الموازي الغير الرسمي للتمكن من معرفة نسبة البطالة الحقيقية وبالتالي التحديد بدقة للفئات التي تستفيد من الدعم الموجه.