أكد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، اليوم، أن تصويت النواب على خمسة نصوص قانونية هامة، من ضمنها مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر، يعكس إرادة صادقة لتحمّل المسؤوليات الدستورية كاملة، والمساهمة الفعلية في بناء دولة قوية بمؤسساتها، راسخة بثوابتها، ومتوافقة مع تطلعات الشعب الجزائري.
تشريعات تعكس نضج المؤسسة البرلمانية وحيوية الممارسة الديمقراطية
وأبرز السيد بوغالي، في كلمته، أن النصوص المصوّت عليها تعبّر عن مدى النضج السياسي داخل المؤسسة التشريعية، لاسيما وأنه كان من بينها مقترحا قانونيين بادر بهما نواب الأمة، وهو ما يظهر، كما قال، ممارسة فعلية لاختصاص دستوري أصيل للنواب في اقتراح القوانين. واعتبر السيد بوغالي أن هذه الديناميكية البرلمانية تُجسد مبدأ الفصل بين السلطات وتعزّز مكانة المجلس الشعبي الوطني كفضاء للنقاش المسؤول وصناعة القرار، في إطار احترام الدستور وخدمة المصلحة العامة.
تجريم الاستعمار: صون للذاكرة الوطنية وتثبيت للحقيقة التاريخية
وأكد رئيس المجلس أن المصادقة على اقتراح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر تكتسي أهمية وطنية خاصة، بالنظر إلى رمزيتها السياسية والتاريخية والأخلاقية مشددا على أن الهدف من هذا القانون ليس استدعاء الماضي بروح انتقامية، بل تثبيت للحقيقة التاريخية وصون للذاكرة الوطنية من كل محاولات الطمس أو التزييف، مع التأكيد على ضرورة تحمّل دولة الاحتلال لمسؤولياتها عمّا ارتكبته من جرائم ممنهجة مست الإنسان والأرض والهوية الجزائرية.
تعديل قانون الجنسية: حماية السيادة مع احترام الحقوق الأساسية
وفي سياق حديثه عن تعديل قانون الجنسية الجزائرية، أوضح السيد بوغالي أن هذا النص يندرج ضمن مسعى تحصين الدولة وحماية أمنها واستقرارها في مواجهة الممارسات والانحرافات التي تمس بالمصالح الحيوية للبلاد. وأكد أن التعديل يقوم على رؤية متوازنة تراعي مقتضيات السيادة الوطنية، وفي الوقت ذاته تحترم الحقوق الأساسية للأفراد، مشيرًا إلى أن تنظيم مسألة الجنسية يُعد من صميم الاختصاصات السيادية للدول، ويتم وفق ضوابط قانونية منسجمة مع الدستور والاتفاقيات الدولية.
التحول الرقمي: إطار قانوني لتأمين المعاملات الإلكترونية
وبخصوص مشروع قانون خدمات الثقة للمعاملات الإلكترونية والتعريف الإلكتروني، اعتبر رئيس المجلس أنه يمثل خطوة استراتيجية لمواكبة التحولات الرقمية المتسارعة، من خلال إرساء إطار قانوني يضمن الأمان والثقة في الفضاء الرقمي مبرزا أن هذا النص يهدف إلى حماية المعطيات الشخصية، وتحديث المعاملات الإدارية والتجارية، ودعم الاقتصاد الرقمي، بما يعزز الشفافية والفعالية في الخدمات العمومية، ويواكب متطلبات التنمية المستدامة.
استقلال القضاء: دعامة أساسية لدولة الحق والقانون
وفيما يخص القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء، أكد السيد بوغالي أن النص المصادق عليه يشكل ركيزة محورية لترسيخ استقلالية السلطة القضائية، وتعزيز نزاهتها وفعاليتها موضحا أن القانون يكرّس حقوق وضمانات واسعة للقاضي، ويدعم دور المجلس الأعلى للقضاء، ويعزز ثقة المواطن في العدالة باعتبارها حصن الحقوق والحريات، وأحد الأعمدة الجوهرية لدولة الحق والقانون والمؤسسات.
قانون المرور: مواجهة تشريعية لإرهاب الطرقات
ولدى إشارته إلى مشروع قانون المتضمن قانون المرور، أوضح السيد بوغالي أنه كان استجابة تشريعية ضرورية لواقع مروري مقلق أصبح يشكّل خطرًا حقيقيًا على الأرواح والممتلكات مؤكدًا أن التدابير التي يتضمنها القانون تهدف إلى الحد من حوادث المرور، وتعزيز السلامة المرورية، وتنظيم حركة السير بما يتلاءم مع التطور المتزايد في عدد المركبات والبنية التحتية، في إطار حماية المواطن والحفاظ على الأمن العمومي.
تكامل مؤسساتي لخدمة المصلحة العليا للوطن
وفي ختام الكلمة، ثمّن رئيس المجلس الشعبي الوطني الروح العالية من المسؤولية التي تحلّى بها النواب خلال مناقشة هذه النصوص، مشيدًا بعمل اللجان الدائمة وكذا بمستوى التنسيق بين مختلف المجموعات البرلمانية، كما نوّه بالتعاون البنّاء مع الحكومة مؤكدا أن هذه المكاسب التشريعية تعكس تكاملًا مؤسساتيًا يخدم المصلحة العليا للوطن ويعزّز مسار بناء جزائر قوية بقوانينها، وفية لذاكرتها، ومتجهة بثبات نحو المستقبل
