قدم إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، اليوم الخميس، اقتراح القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي، في جلسة برلمانية وصفها بـ”اللحظة التاريخية” و”الفعل السيادي” الذي يجسد وفاء الدولة لشهدائها وذاكرة أمتها.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها بمناسبة عرض الاقتراح الذي يهدف إلى “تعداد جرائم الاستعمار الفرنسي” و”تحديد مسؤولية الدولة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري”، ووضع آليات للمطالبة بـ”الاعتراف الكامل والاعتذار الرسمي ورد الاعتبار المادي والمعنوي”. كما يتضمن الاقتراح، المكون من 27 مادة، تدابير جزائية تُجرّم تمجيد الاستعمار أو الترويج له.
تأكيد على السيادة والذاكرة
وفي مستهل كلمته، رحب بوغالي بشكل خاص بالمجاهد حمزة العوفي، الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، ووزير المجاهدين وأعضاء الحكومة الحاضرين، مؤكدًا أن الجلسة “ليست كبقية الجلسات”. كما شكر رؤساء المجموعات البرلمانية والنواب على الثقة، معتبرًا أن قضية تجريم الاستعمار “تذوب فيها الحساسيات وتُلغى الاختلافات” لأنها “قضية شعب بأكمله”.
وأوضح رئيس المجلس الشعبي الوطني أن هذا الاقتراح “ليس موجّهًا ضد شعب، ولا يستهدف الانتقام”، بل ينطلق من مبدأ أن “الجرائم ضد الإنسانية لا تُمحى بالتقادم”. واصفًا الاستعمار الفرنسي بأنه كان “مشروعًا متكامل الأركان للاقتلاع والتجريد”، شمل مصادرة الأراضي ونهب الثروات وسياسات التهجير القسري والإفقار.
تعداد لجرائم “لا تسقط بالتقادم”
وسرد بوغالي، في خطابه ، أبرز الجرائم التي يتناولها الاقتراح، مشيرًا إلى:
المجازر الجماعية وسقوط “ملايين الأبرياء” في الوطن والمهجر.
ممارسة التعذيب بأبشع صنوفه في السجون والمعتقلات.
التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية التي خلّفت “أضرارًا صحية وبيئية ما تزال تعاني منها أجيال متعاقبة”، واصفًا إياها بـ”جريمة مكتملة الأركان لا تسقط بالتقادم”.
وشدد على أن الاقتراح هو “فعل وفاء قبل أن يكون نصًا قانونيًا، ودفاع عن الحقيقة قبل أن يكون موقفًا سياسيًا”، ورسالة بأن “الذاكرة الوطنية الجزائرية ليست قابلة للمحو أو المساومة”.
ثناء على جهود النواب ورسالة للمستقبل
وفي ختام كلمته، وجّه بوغالي التحية إلى أعضاء اللجنة المكلفة بصياغة الاقتراح التي ضمت ممثلين عن جميع الكتل البرلمانية، بما في ذلك الأغلبية والمعارضة والنواب غير المنتمين، معتبرًا أن هذه المبادرة “تعكس نضجًا سياسيًا”.
كما خاطب الشعب الجزائري بقوله: “إننا اليوم لا نُحيي الماضي لنبقى أسرى له… بل نستحضره لننطلق منه، بثقة ووعي، نحو بناء دولة قوية بذاكرتها”. مؤكدًا أن الجزائر تسعى لعلاقات دولية قائمة على “الاحترام المتبادل” ولكنها ترفض “أي محاولة لطمس الحقائق”، لأن “المصالحة الحقيقية لا تُبنى إلا على الاعتراف والاعتذار والإنصاف”،واختتم بأن اقتراح القانون هو “عهد نُقدّمه للأجيال القادمة بأن تبقى الجزائر وفية لتاريخها، ثابتة على مبادئها”.










