في كلمة مزلزلة ومفعمة بالتحدي، ودّع الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، عضوية بلاده في مجلس الأمن الدولي، مُوجِّهاً سلسلة من الاتهامات القوية ضد سياسات الاحتلال الصهيوني، ولاذعاً النقد الحاد لعجز المجلس عن تنفيذ قراراته وحماية الشعب الفلسطيني.
نهاية عهدة الجزائر بمجلس الأمن..جلسة وداع واستفهامات مريرة حول فلسطين
جاءت كلمة بن جامع خلال الجلسة الأخيرة للجزائر كعضو منتخب في مجلس الأمن الدولي، المُخصَّصة لمناقشة “الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية فلسطين”. افتتح سفير الجزائر كلمته بتساؤل مرير يلخص خيبة أمل عميقة، قائلاً: “هذه هي الجلسة الأخيرة بشأن فلسطين التي يشارك فيها وفد الجزائر… وبالتالي يُطرح التساؤل التالي: هل يستحق العناء ما وثقناه سابقاً وما تم تجاهله سابقاً؟”.
وقائع ميدانية بفلسطين المحتلة.. استيطان وتدمير واعتقالات
استعرض بن جامع أمام المجلس مجموعة من الإحصاءات والوقائع الصادمة التي تصور الواقع اليومي تحت الاحتلال:
الاستيطان والنزوح: وصلت المستوطنات في الضفة الغربية إلى أعلى مستوياتها الموثقة، مع اتخاذ خطوات تشريعية لتوسيع قانون الاحتلال. وقد نزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين قسراً جراء ذلك.
العنف والاعتقالات: نفذت قوات الاحتلال أكثر من ألف عملية عسكرية، أفضت إلى احتجاز أكثر من 860 فلسطينياً، بينهم 50 طفلاً على الأقل. كما بات إرهاب المستوطنين مسألة روتينية يومية، بمعدل 5 حوادث في اليوم الواحد هذا العام.
التدمير الممنهج: كشف بن جامع عن خطة محددة لتدمير 100 منزل فلسطيني خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكداً أن هذه الممارسات “ليست شائبة وليست انحرافاً، بل باتت أمراً روتينياً بالنسبة للاحتلال”.
ازدواجية المعايير وإفلات من العقاب
كانت الفقرة الأكثر حدة في الخطاب عندما واجه بن جامع مجلس الأمن نفسه بمسؤوليته، قائلاً: “هذا المجلس لم يفعل شيئاً. لو حصلت هذه الانتهاكات في أي مكان آخر، لكانت هذه القاعة ستتحرك بسرعة… وستفرض الجزاءات، وستفعّل آليات المساءلة”.
وأوضح أن هذا “مناخ الإفلات من العقاب” هو ما ساهم في زيادة جرأة سلطات الاحتلال، وأشار في معرض حديثه عن غزة إلى استمرار الكارثة الإنسانية رغم قرار وقف إطلاق النار، حيث أدت الضربات الجوية المستمرة إلى مقتل 356 فلسطينياً على الأقل منذ بدء سريانه.
رسالة الجزائر: التزام لا يتزعزع
رغم لهجة الإحباط والنقد، ختم السفير بن جامع كلمته بتأكيد الموقف الثابت للجزائر، ونقل تأكيدات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بأن “التزام الجزائر سيبقى ثابتاً لا يتزعزع دعماً لإخواننا في فلسطين المحتلة”، وأنها “لن تألو جهداً دفاعاً عن حقوقهم المشروعة حتى تستعيد فلسطين سيادتها بالكامل”.









