أكد وزير الإتصال،عمار بلحيمر،أن مشروع قانون السمعي البصري من شأنه المساهمة في ترقية صورة وصوت الجزائر داخل الوطن وخارجه،مبرزا أهمية إيجاد الميكانيزمات القانونية التي تمكن الدولة من الاضطلاع بمهامها كاملة في مجال ضبط وتنظيم القطاع.
وقال بلحيمر في حوار لوكالة الأنباء الجزائرية (وأج) أن مشروع قانون السمعي البصري الذي يرمي إجمالا إلى إيجاد مناخ منظم ومحفز لنشاطات السمعي البصري العمومية والخاصة،من شأنه المساهمة في “ترقية صورة وصوت الجزائر داخل الوطن وخارجه”،مؤكدا ان “اعمال القانون يحتاج إلى تحيين منتظم وإلى احتكام المهنيين والمستثمرين للقانون والاسترشاد بقيم المواطنة والمسؤولية الذاتية التي تعد من الضمانات الأساسية لتطوير المشهد الإعلامي وجعله أداة فعالة لتعزيز مقومات الأمة ومواجهة ما تتعرض له من هجمات ممنهجة،خاصة عبر الشبكة الإلكترونية”.
وأضاف أنه بالموازاة مع الحقوق المنصوص عليها في المادة 54 من دستور 2020 “نجد في الواقع تجاوزات ومخالفات قانونية ومهنية مسجلة لسبب أو لآخر في مجال السمعي البصري،وهو من المجالات الحساسة التي تستدعي إيجاد الميكانيزمات القانونية التي تمكن الدولة من الاضطلاع بمهامها كاملة في مجال ضبط وتنظيم نشاط السمعي البصري الوطني الذي يعرف نشاطات تخالف القانون والمنطق والمهنية على غرار استفادة القنوات التجارية من التمويل الكامل للدولة عن طريق الإشهار ، في حين نجد أن أصحاب الإعلانات هم من قد يفرض،دون قيد ولا شرط،البرامج والمحتويات الثقافية لهذه القنوات”.
وذكر الوزير انه “سعيا إلى ملىء الفراغات القانونية والتصدي لحالات الفوضى المسجلة عموما في مجال السمعي البصري تم استحداث سلطة خاصة هي السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري،وهي هيئة ذات شخصية معنوية تتمتع بالاستقلالية المالية،تشمل صلاحياتها مجالات: الضبط،المراقبة،الاستشارة وتسوية النزاعات”.
وأوضح في ذات السياق أن أحكام مشروع القانون تهدف إلى “إحداث الشفافية والشرعية اللازمة على النشاطات السمعية البصرية،خاصة عن طريق اعتماد دفاتر شروط في شكل اتفاقيات يؤطرها القانون وتلزم كلا من القنوات العمومية والخاصة بالامتثال للقانون وباحترام آداب وأخلاقيات المهنة،لاسيما عن طريق التزام المؤسسات بتجنب الاحتكار واحترام كل مساهم شرط عدم حيازته أكثر من 33 في المئة من أسهم المؤسسة كحد أقصى،مع ضمان حق الشفعة لصالح الدولة،وعن طريق تحديد مصادر التمويل بدقة وشفافية ومنع أي تمويل غامض أو مشبوه المصدر،وتوضيح طبيعة القناة وهويتها وأهدافها ومحتويات برامجها”.
وضمانا لما تقدم،فإن مشروع القانون –يضيف الوزير– “استحدث جملة من الإضافات الضرورية منها توسيع نطاق تطبيقه ليشمل القنوات الموضوعاتية و/أو العامة التي تخضع إلزاما للقانون الجزائري،وإمكانية مساهمة القطاع العمومي في رأس مال الخدمات الخاصة المرخصة،ومنح رخصة وفق شروط محددة بدقة لإنشاء واستغلال خدمات الاتصال السمعي البصري (التابعة للقطاع العمومي وكذا المرخصة بما في ذلك نشاطات الواب الإذاعية والتلفزيونية) وضمان تبسيط شروط تجديد الرخصة من أجل الاستغلال الفوري لخدمات السمعي البصري،ووضع خدمات الواب الإذاعية وكذا التلفزيونية في نفس مستوى خدمات السمعي البصري المرخصة”.
وشدد في نفس السياق على ضرورة “فرض نوعين من دفاتر الشروط،وهي دفتر الشروط العامة الذي يحدد القواعد المفروضة على خدمات البث السمعي البصري،إلى جانب دفتر الشروط الخاصة الذي يحدد العلاقة التعاقدية بين سلطة الضبط وبين مؤسسات البرامج الخاصة”،موضحا أن “السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري هي من تتولى مهمة متابعة تنفيذ هذه الدفاتر في القنوات العمومية والخاصة أيضا بكل موضوعية وشفافية وحياد”.
كما أكد في نفس الإطار على أهمية “وضع الضوابط القانونية والتدابير العقابية الكفيلة بإنهاء حالات الفوضى وسد الفراغات القانونية التي استغلتها قنوات خاصة توجد مقراتها الاجتماعية خارج حدود الوطن وتخضع بالتالي للقانون الأجنبي رغم ممارسة نشاطها داخل الجزائر وتوجيه برامجها للجمهور الجزائري وتوظيف يد عاملة جزائرية،والضوابط التي تهدف إلى تنظيم وترشيد النفقات وتتبع مسار المعاملات المالية والجبائية المرتبطة بالنشاط السمعي البصري،وتلك التي تسمح بالتصدي للممارسات غير القانونية كخلق لوبيات جديدة تخضع لنفوذ المال،إلى جانب التجاوزات الخطيرة الأخرى مثل المساومات والابتزاز والمساس بحرمة الحياة الخاصة”.
ولمرافقة صدور القانون الجديد،أوضح بلحيمر انه “تم إعداد مشروع مقرر يتضمن دفتر الشروط العامة المفروضة على كل خدمة بث إذاعي أو تلفزيوني تماشيا مع دستور 2020 ومع النصين الجديدين للإعلام وللسمعي البصري”،موضحا ان دفتر الشروط المذكور “يهدف إلى المساهمة في تعزيز احترام الحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحقوق الإنسان ومتطلبات التسيير الديمقراطي للمجتمع،على غرار التعددية والشفافية،وكذا الضروريات التي تقرها المحافظة على الأمن والنظام العام والمصالح العليا للأمة،كما يحدد الالتزامات الأخلاقية في مجال المعالجة المهنية للإعلام والبرمجة وبث مضامين ومصنفات ثقافية والخضوع لمراقبة السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري وتطبيق توصياتها”.
وفيما يخص مشروع القانون العضوي للإعلام،قال الوزير أنه “نظرا لأهمية عملية الاتصال ودور الإعلام،خاصة في ظل التحولات الوطنية العميقة والتطورات الدولية المتسارعة،فإن أحكام دستور 2020 جعلتها من المجالات الهامة التي يتعين تنظيمها بموجب قانون عضوي يكرس الفعل الديمقراطي ويوضح ويضبط الحقوق والحريات مع ضمان الخدمة العمومية والمصلحة العامة ومسايرة الإعلام الجديد”.
وتماشيا مع هذا الوضع،أضحى من الضروري -يستطرد بلحيمر- “مساوقة القانون العضوي للإعلام مع هذه النظرة والتوجهات الجديدة بهدف ترقية الحق في المعلومة وتعزيز نشاط الصحافيين بحرية ومسؤولية والذهاب بتمكن نحو الإعلام الإلكتروني الإيجابي والفعال،والذي يقبل عليه ملايير البشر،لاسيما من فئة الشباب”.
وأضاف في هذا الصدد أن “التكفل بهذه الجوانب يدفعنا إلى إضفاء بعد ابتكاري للقانون العضوي للإعلام يقوم،من جهة،على اعتماد المبادئ والقواعد اللازمة المسيرة للقطاع وفق المعطيات المذكورة والمعايير الدولية المعتمدة،ويترك،من جهة أخرى،مجالا متاحا للتكفل بالمستجدات المحتملة”.
وأوضح بلحيمر ان مشروع هذا القانون “يركز على ضمان احترام هوية ومقومات الأمة وتكريس مبادئ المهنة،لاسيما في إطار أحكام المادتين 54 و55 من الدستور اللتين تضمنان حرية الصحافة بكافة أصنافها منها الإلكترونية وحق الصحافي في الوصول إلى مصادر المعلومات ومنع تعريض جنحة الصحافة لأية عقوبة سالبة للحرية،كما تسمح هاتان المادتان بإنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح وتحاربان خطابات العنف والكراهية والتمييز”.
وذكر بأن “إفرازات تطبيق القانون العضوي لسنة 2012 والثغرات المسجلة شكلت بدورها عاملا معتبرا لإعادة النظر في هذا القانون،لاسيما بخصوص صعوبة اعمال وظيفة الضبط الذاتي الموكلة للجنة آداب وأخلاقيات المهنة وكذا تلك المتعلقة بسلطة ضبط الصحافة المكتوبة”.
وأشار الوزير إلى أن هذا النص القانوني يقترح “إنشاء سلطة وطنية مستقلة لضبط السمعي البصري (ANIRA)،واستحداث المجلس الوطني للصحافة،وهو هيئة استشارية وآلية عملية تساهم في اتخاذ القرار حول السياسات والاستراتيجيات الهادفة إلى تطوير الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية”،مشيرا الى أنه من بين “الآليات الأخرى المقترحة هناك لجنة آداب وأخلاقيات المهنة المكونة حصريا من الصحافيين،والتي تمارس مهامها ضمن الأطر القانونية والتقاليد المرتبطة بمهنة الصحافة مع مراعاة قيم المجتمع وتقاليده والتحولات الكبرى في مختلف المجالات”.
وبخصوص صلاحية منح صفة الصحفي عن طريق تسليم البطاقة المهنية،أشار بلحيمر الى أنه سيتم التكفل بها من قبل “لجنة تتكون من ممثلين عن منظمات الصحافيين ومنظمات الناشرين”،موضحا بصفة عامة ان “الهيكل التنظيمي الجديد لقطاع الاتصال ولمهنة الإعلام يرتكز إجمالا على سلطة مستقلة لضبط النشاط السمعي البصري وجهاز مستقل للضبط الذاتي تتكون عضويته من ممثلين مهنيين بشكل حصري”.