شهد اليوم انطلاق أشغال الندوة الوطنية للمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي، تحت إشراف وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الأستاذ كمال بداري. تأتي هذه الفعالية في سياق تعزيز البحث العلمي كأداة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تم تسليط الضوء على الإنجازات المحققة خلال عام 2024 ومناقشة التحديات التي تواجه القطاع، إضافة إلى استشراف الآفاق المستقبلية لتعزيز الابتكار وتوجيه البحث العلمي نحو خدمة الأولويات الوطنية.
في كلمته الافتتاحية، أشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى القفزة النوعية التي شهدها تمويل البحث العلمي في الجزائر، حيث تضاعفت الميزانية المرصودة له مع توقع زيادة معتبرة في سنة 2025، وأكد السيد الوزير أن هذه الاستثمارات تعكس التزام الدولة ببناء اقتصاد قائم على المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة من خلال دعم الباحثين وتعزيز دورهم في تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الوطنية، كما شدد على أهمية تعزيز التعاون بين مراكز البحث والقطاعات الإنتاجية لتحويل الأبحاث إلى تطبيقات عملية تسهم في تطوير الاقتصاد الوطني.
من جهته استعرض المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، الأستاذ محمد بوهيشة، حصيلة الإنجازات البارزة لعام 2024، حيث تم تسجيل 1376 براءة اختراع، وإنشاء 33 مؤسسة ناشئة و20 مؤسسة فرعية، إضافة إلى تنفيذ 349 مشروعًا بحثيًا يركز على مجالات حيوية مثل الأمن الغذائي، الأمن الطاقوي، وصحة المواطن.
كما اشار إلى أن العام 2024 شهد إصدار عدد من المراسيم التنفيذية التي تهدف إلى دعم البحث العلمي وتعزيز الابتكار، من بينها إطلاق “جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر”، وإنشاء مراكز بحث متخصصة مثل مركز علوم وتكنولوجيات النانو ومركز الرياضيات التطبيقية، إضافة إلى إنشاء 50 حاضنة و102 مركز لتطوير المقاولاتية داخل الجامعات، مما يسهم في تعزيز ريادة الأعمال بين الشباب وتطوير الاقتصاد الوطني.
تميزت الندوة بعرض إنجازات عدد من مراكز البحث، بتقديم كل من الأستاذ عمار مانع، مدير مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي، عرضًا تناول فيه إنجازات المركز ضمن رؤية الجزائر لتعزيز البحث العلمي والتنمية الوطنية. أشار إلى إطلاق 70 مشروعًا بحثيًا مؤسساتيًا و23 مشروعًا ذا صدى اجتماعي واقتصادي، ركزت على قضايا مثل السياحة المستدامة وتأثيرات جائحة كوفيد-19. كما استعرض جهود المركز في دعم الابتكار من خلال إنشاء شركة فرعية وحاضنة لتحويل الأبحاث إلى شركات ناشئة. وأبرز التعاون الدولي عبر إنجاز 56 مشروعًا بحثيًا مع مؤسسات دولية، بالإضافة إلى إصدار مجلات علمية محكّمة مثل “إنسانيات” و”تراث”، التي حققت تصنيفات مرموقة. واختتم بالإشارة إلى رؤية المركز 2030 التي تتضمن 14 محورًا بحثيًا أساسيًا، تعزز دوره كمحرك رئيسي للتنمية المستدامة والتميز العلمي..
كما قدمت الأستاذة برناوي راضية عرضًا سلطت فيه الضوء على دور المعهد الوطني للبحث في التربية في تعزيز القطاع التربوي بالجزائر، حيث يعد المعهد مؤسسة محورية لدعم السياسات التعليمية من خلال البحوث العلمية. ركز العرض على إنجازات المعهد، بما في ذلك تنفيذ مشاريع بحثية متخصصة تهدف إلى تقييم وتحسين النظام التربوي الوطني، وتقديم توصيات مبنية على أسس علمية لدعم صنع القرار.
وأشارت الأستاذة برناوي إلى مساهمة المعهد في تحديث المناهج الدراسية لتتماشى مع المعايير الدولية، إلى جانب تنظيم دورات تكوينية للمربين، مما يسهم في رفع كفاءاتهم المهنية. كما أظهرت جهود المعهد في بناء شراكات مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لدعم البحث التطبيقي، بالإضافة إلى إصدار دراسات وتقارير علمية تُعنى بتطوير التعليم.