أشرف الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان،هذا الخميس بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالجزائر العاصمة على انطلاق أشغال منتدى الأمن الغذائي في القمح الصلب، والذي يعقد تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية.
أين أكد أن العولمة والأمن الغذائي، والآليات التي يتعين وضعها لتحقيق الأمن الغذائي في الجزائر خلال السنوات القادمة، وكذا تطوير زراعة القمح في المناطق الصحراوية تشكل إحدى الانشغالات الكبرى للنموذج الاقتصادي والاجتماعي المحدّد في الالتزامات الـ 54 لرئيس الجمهورية، الذي بادر بوضعها حيز التنفيذ انطلاقا من جانفي 2020،قصد توضيح الرؤية وتسطير خارطة عمل إستراتيجية وعملياتية، ترمي إلى:
• تطوير الزراعات الاستراتيجية عن طريق الاستثمار المُهيكل في المناطق الجنوبية للبلاد؛
• العمل بوتيرة متسارعة للرفع من مردودية إنتاج الحبوب مع التركيز على القمح الصلب، وتكثيف الشراكة الخارجية، لبلوغ متوسط إنتاج وطني يتراوح ما بين 45 إلى 50 قنطار للهكتار؛
• استغلال الإمكانات التكنولوجية الحديثة لوضع بطاقية مفصّلة حول توزيع مؤهلاتنا في إنتاج الحبوب، وكذامواقع وظروف التخزين لاسيما فيما يخص شعبة الحبوب؛
• تكثيف شتى أنواع الدعم للقطاع الفلاحي وتمكين الفلاحين من الحصول على المدخلات والعتاد الفلاحي ضمانا لزيادةالإنتاج، فضلا عن التحكم في التكاليف؛
• توسيع طاقة التخزين الاستراتيجي للحبوب على مستوى كامل التراب الوطني .
فيما أكد الوزير الأول أن شعبة الحـبوب ولاسيما القـمح الصلـب قد حقـقت نتائـج لا بأس بها خلال السنوات الأخيرة، غير أنه لابد من الانتقال إلى تكثيف الإنتاج وتثمينه،والعمل على الرفع من المردودية وتجسيد المستثمرات العصرية قصد الحد من الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة.
وفي هذا الصدّد، أود التأكيد، بما لا يُترك أي مجال للشك،أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال القمح الصلب بالأخص، يشكل قناعة راسخة وهدف سيتم تحقيقه في أقرب الآجال.
فضلا عن ذلك، ومن أجل ضمان استدامة الاكتفاء الذاتي وتوسيعه لكل المنتوجات الفلاحية الإستراتيجية، فإن برنامج الحكومة سطّر خارطة طريق تتكفل بجميع الجوانب ذات الصلة، لاسيما:
• تكثيف الإنتاج من أجل تحقيق إنتاجية أفضل، مع تشجيع زيادة العرض المحلي وتقليص استيراد المنتجات الفلاحية والزراعات الاستراتيجية والصناعية؛
• ترقية الاستثمار الخاص أساسا من خلال تسهيل الولوج إلى العقار الفلاحي والقضاء على البيروقراطية؛
• تنمية العقار الفلاحي من خلال ترقية الاستثمار في الجنوب؛
• تعزيز القدرات اللوجستية من أجل تحسين ضبط عملية الإنتاج؛
• عصرنة الفلاحة من خلال إدراج الابتكار والرقمنة ونظم اليقظة والرقابة.
فيما شدد ذات المتحدث بأن محاور مخطط عمل الحكومة المذكورة أعلاه تتناغم بشكل كلي مع المواضيع التي سوف تتطرقون إليها بالتفصيل خلال هذا المنتدى.
وبالتالي،فإننا نسهر على وضع مقاربة تشاركية مع الفاعلين في هذا الميدان،بما فيهم المتعاملين الاقتصاديين والخبراء في مختلف ميادين الاختصاص.
ويجدر التذكير في هذا الصدّد، بأن الإنتاج الفلاحي قد بلغ ما يقارب 4.500مليار دينار خلال سنة 2022، وذلك بالرغم من التقلبات التي عرفتها السوق العالمية والاضطرابات الجيوسياسية.
وقصد ضمان هذا المسار التصاعدي، فإن خطة العمل القاضية بزيادة انتاج الحبوب وبالأخص القمح الصلب، تعتمد على المحاور الأساسية التالية:
تحديد وتعليل الخيارات الزراعية على مستوى جميع القطع الفلاحية؛
إعادة توجيه الأراضي الفلاحية ذات الإنتاج الضعيف إلى الزراعات الإستراتيجية الأخرى، منها الأشجار المثمرة؛
تأطير برنامج التنمية في مناطق الهضاب العليا والجنوب؛
التسريع من وتيرة منح العقار الفلاحي ضمن برنامج الاستصلاح عن طريق الامتياز (ديوان تنمية الزراعة الصناعية بــالأراضي الصحراوية والديوان الوطني للأراضي الفلاحية)؛
وضع نظم الري الذكية عن طريق البحث عن بدائل لترشيد استهلاك المياه، مع إضافة مساحة سقي إضافية تقدر بـ 800 ألف هكتار في آفاق 2025؛
تقليص مساحة الأراضي البور، وذلك قصد توسيع المساحة المزروعة.
كما عكفت الحكومة، قصد حث الفلاحين على زيادة الإنتاج والمساهمة في تجسيد الأمن الغذائي، على مواصلة دعم إنتاج الحبوب وزيادة التحفيزات،حيث تم بناء على تعليمات السيد رئيس الجمهورية:
رفع نسبة دعم الأسمدة من20%إلى50%؛
الترخيص، بموجب قانون المالية لسنة2023، باستيراد خطوط ومعدات الإنتاج المستعملة لأقل من خمس(05) سنوات وكذا المُعدات والعتاد الفلاحي لأقل من سبع (07) سنوات، بالإضافة إلى إعفاء الجرارات المخصّصة حصريا للاستعمال الفلاحي من الرسم المترتب عن بيع المركبات الجديدة؛
ربط30.000 مستثمرة فلاحية بالكهرباء، بكلفة قدرها حوالي 84 مليار دينار، على أن يتم الانتهاء من ربط جميع المستثمرات قبل نهاية سنة 2023.
وشدد الوزير الأول على أن الحكومة وضعت برنامج لرفع إنتاج البذور ونوعية المنتوج وتحسينه، حيث تجدر الإشارة إلى أنه تمت تعبئة 2,7 مليون قنطار من البذور،مع العلم أن نسبة التغطية بالبذور المعتمدة (certifié) تبلغ 70%، حيث سيبقى رهان رفع الإنتاج والمردودية مرتبطاً بتغطية كل المساحة المزروعة بالبذور المعتمدة ذات الجودة العالية، مما يتطلب توفير 4 مليون قنطار من هاته البذور.
ودعا بن عبد الرحمان في ذات الصدد إلى بذل المزيد من الجهود للرفع من التحديات في إطار تشاركي والسهر على تجسيد الإستراتيجية المتعلقة بهذه الشعبة معتبرا أن هذه النتائج المحققة على مستوى الحبوب غير كافية، وذلك من خلال تسخير الطاقات البشرية والقدرات العلمية والتقنيات الحديثة، حيث أنه يتم ميدانيًا:
إشراك معاهد البحث والمراكز التقنية لضمان احترام المسار التقني للمنتوجات، عن طريق إمضاء اتفاقيات مع هاته الهيئات بغية اختيار إنتاج أصناف جديدة من الحبوب توائم التغيرات المناخية، واسترجاع أصناف البذور المحلية التي هي في طريق الزوال؛
مشاركة المؤسسات الناشئة في تعزيز قدرات الإنتاج الفلاحي وتحسينه،وحث الشباب على إيجاد حلول مبتكرة وتقديم التسهيلات والدعم والمرافقة الدائمة للشباب الراغب في الاستثمار الفلاحي؛
تسخير تقنيات تكنولوجيا الإعلام والاتصال للحصول على قيمة مضافة لعصرنة القطاع الفلاحي، بما يسمح باستحداث مناصب للشغل؛
رقمنة برامج القطاع والاعتماد على قاعدة بيانات للاستطلاع الفضائي بهدف تحديد الطاقات والمؤهلات المتوفرة وربط المستثمرات الفلاحية بالحلول المبتكرة.
تلكم هي بعض مجالات العمل التي نطمح أن تلقى مشاركة كثيفة ومركزة من قبلكم، قصد إعطاء الدفع النوعي، الذي يشكل مساهمة أساسية نحن في حاجة إليها من أجل صياغة الميكانيزمات العملية والخبرة العلمية والتقنية لذوي الاختصاص، الكفيلة بضمان الاكتفاء الذاتي المُستدام من الحبوب خاصة منها القمح الصلب.
ذلكم هو الهدف الذي انتقل من ميدان الشعار إلى ميدان الحقيقة الملموسة، حيث أنكم فاعلين أساسيين في وضع ركائزه من خلال تشكيل نسيج مترابط من المتعاملين الاقتصاديين ناشطين عبر مُجمل سلاسل القيم، وذلك عن طريق تبني المسعى الجديد المُكرس في قانون الاستثمار الذي يوفر سُبل متعددة ومتنوعة للاستثمار نذكر منها فرص الاستثمار الفلاحي المُهيكل في جنوب البلاد (نظامديوان تنمية الزراعة الصناعية بــالأراضي الصحراوية)، أو عن طريق عقود الامتياز المسيّرة من طرف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، دون إغفال المزايا والتسهيلات المتعددة التي يوفرها قانون الاستثمار الجديد بما فيها الاستثمارات ذات الطابع الهيكلي، المفتوحة إلى الاستثمارات الأجنبية، والتي تحظى بعناية خاصة من طرف أجهزة الدولة وعلى رأسها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
وخلص الوزير الأول إلى أن مخرجات وتوصيات المنتدى ستحظى ببالغ الإهتمام من طرف الحكومة بمشاركة الفاعلين الوطنيين في تحقيق السيادة الوطنية مع الانخراط في منطق اقتصاد مُتنوع ومُندرج في سلاسل القيم العالمية.